23
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

فِيَّ صِنفانِ : مُحِبٌّ مُفرِطٌ يَذهَبُ بِهِ الحُبُّ إلى غَيرِ الحَقِّ ، ومُبغِضٌ مُفرِطٌ يَذهَبُ بِهِ البُغضُ إلى غَيرِ الحَقِّ ، وخَيرُ النّاسِ فِيَّ حالاً النَّمَطُ الأَوسَطُ ، فَالزَموهُ ، وَالزَمُوا السَّوادَ الأَعظَمَ ، فَإِنَّ يَدَ اللّهِ مَعَ الجَماعَةِ ، وإيّاكُم وَالفُرقَةَ ؛ فَإِنَّ الشّاذَّ مِنَ النّاسِ لِلشَّيطانِ ، كَما أنَّ الشّاذَّ مِنَ الغَنَمِ لِلذِّئبِ .
ألا مَن دَعا إلى هذَا الشِّعارِ فَاقتُلوهُ ، ولَو كانَ تَحتَ عِمامَتي هذِهِ ، فَإِنَّما حُكِّمَ الحَكَمانِ لِيُحيِيا ما أحَيا القرآنُ ، ويُميتا ما أماتَ القُرآنُ ، وإحياؤُهُ الاِجتِماعُ عَلَيهِ ، وإماتَتُهُ الاِفتِراقُ عَنهُ . فَإِن جَرَّنَا القُرآنُ إلَيهِمُ اتَّبَعناهُم ، وإن جَرَّهُم إلَينَا اتَّبَعونا . فَلَم آتِ ـ لا أبا لَكُم ـ بُجرا ۱ ، ولا خَتَلتُكُم ۲ عَن أمرِكُم ، ولا لَبَّستُهُ عَلَيكُم ، إنَّمَا اجتَمَعَ رَأيُ ملَئِكُم عَلَى اختِيارِ رَجُلَينِ ، أخَذنا عَلَيهِما ألّا يَتَعَدَّيَا القُرآنَ ، فَتاها عَنهُ ، وتَرَكَا الحَقَّ وهُما يُبصِرانِهِ ، وكانَ الجَورُ هَواهُما فَمضَيا عَلَيهِ . وقَد سَبَقَ استِثناؤُنا عَلَيهِما ـ فِي الحُكومَةِ بِالعَدلِ ، وَالصَّمدِ لِلحَقِّ ـ سوءَ رَأيِهِما ، وجَورَ حُكمِهِما ۳ .

۲۷۱۱.التوحيد عن الأصبغ بن نباتة :لَمّا وَقَفَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام عَلَى الخَوارِجِ ، ووَعَظَهُم ، وذَكَّرَهُم ، وحَذَّرَهُم القِتالَ ، قالَ لَهُم : ما تَنقِمونَ مِنّي ؟ أ لا إنّي أوَّلُ مَن آمَنَ بِاللّهِ ورَسولِهِ ؟ !
فَقالوا : أنتَ كَذلِكَ ، ولكِنَّكَ حَكَّمتَ في دينِ اللّهِ أبا موسَى الأَشعَرِيَّ .
فَقالَ عليه السلام : وَاللّهِ ، ما حَكَّمتُ مَخلوقا ، وإنَّما حَكَّمتُ القُرآنَ ، ولَولا أنّي غُلِبتُ عَلى أمري وخولِفتُ في رِأيي لَما رَضيتُ أن تَضَعَ الحَربُ أوزارَها بَيني وبَينَ أهلِ حَربِ اللّهِ ، حَتّى اُعلِيَ كَلِمَةَ اللّهِ ، وأنصُرَ دينَ اللّهِ ، ولَو كَرِهَ الكافِرونَ وَالجاهِلونَ ۴ .

1.البُجر : الداهية والأمر العظيم (النهاية : ج۱ ص۹۷) .

2.ختله : خدعه وراوغه (النهاية: ج۲ ص۹) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۲۷ .

4.التوحيد : ص۲۲۵ ح۶ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۳۸۱ ح۶۱۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
22

وقَد كانَت هذِهِ الفَعلَةُ ، وقَد رَأَيتُكُم أعطَيتُموها . وَاللّهِ لَئِن أبَيتُها ما وَجَبَت عَلَيَّ فَريضَتُها ، ولا حَمَّلَنِي اللّهُ ذَنبَها . ووَاللّهِ ، إن جِئتُها إنّي لَلمُحِقُّ الَّذي يُتَّبَعُ ، وإنَّ الكِتابَ لَمَعي ، ما فارَقتُهُ مُذ صَحبِتُهُ ، فَلَقَد كُنّا مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وإنَّ القَتلَ لَيَدورُ عَلَى الآباءِ وَالأَبناءِ ، وَالإِخوانِ وَالقَراباتِ ، فَما نَزدادُ عَلى كُلِّ مُصيبَةٍ وشِدَّةٍ إلّا إيمانا ، ومُضِيّا عَلَى الحَقِّ ، وتَسليما لِلأَمرِ ، وصَبرا عَلى مَضَضِ ۱ الجِراحِ .
ولكِنّا إنَّما أصبَحنا نُقاتِلُ إخوانَنا فِي الإِسلامِ عَلى ما دَخَلَ فيهِ مِنَ الزَّيغِ وَالاعوِجاجِ ، وَالشُّبهَةِ وَالتَّأويلِ . فَإِذا طَمِعنا في خَصلَةٍ يَلُمُّ اللّهُ بِها شَعَثَنا ، ونَتَدانى بِها إلَى البَقِيَّةِ فيما بَينَنا ، رَغِبنا فيها ، وأمسَكنا عَمّا سِواها ۲ .

۲۷۱۰.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كَلامٍ لَهُ يَكشِفُ لِلخَوارِجِ الشُّبهَةَ ـ: فَإِن أبَيتُم إلّا أن تَزعُموا أنّي أخطَأتُ وضَلَلتُ ، فَلِمَ تُضَلِّلونَ عامَّةَ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله بِضَلالي ، وتَأخُذونَهُم بِخَطَئي ، وتُكَفِّرونَهُم بِذُنوبي ؟ سُيوفُكُم عَلى عَواتِقِكُم تَضَعونَها مَواضِعَ البُرءِ وَالسُّقمِ ، وتَخلِطونَ مَن أذنَبَ بِمَن لَم يُذنِب ! وقَد عَلِمتُم أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله رَجَمَ الزّانِيَ المُحصَنَ ، ثُمَّ صَلّى عَلَيهِ ، ثُمَّ وَرَّثَهُ أهلَهُ ، وقتََلَ القاتِلَ ، ووَرَّثَ ميراثَهُ أهلَهُ ، وقَطَعَ السّارِقَ ، وجَلَدَ الزّانِيَ غَيرَ المُحصَنِ ، ثُمَّ قَسَمَ عَلَيهِما مِنَ الفَيءَ ، ونَكَحَا المُسلِماتِ ؛ فَأَخَذَهُم رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِذُنوبِهِم ، وأقامَ حَقَّ اللّهِ فيهِم ، ولَم يَمنَعهُم سَهمَهُم مِنَ الإِسلامِ ، ولَم يُخرِج أسماءَهُم مِن بَينِ أهلِهِ .
ثُمَّ أنتُم شِرارُ النّاسِ ، ومَن رَمى بِهِ الشَّيطانُ مَرامِيَهُ ، وضَرَبَ بِهِ تيهَهُ ۳ ! وسَيَهلِك

1.مَضَّني الجُرح : آلَمَني وأوجعني (لسان العرب : ج۷ ص۲۳۳) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۲۲ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۳۹ ح۱۰۰ وفيه من «أ لم تقولوا . . .» ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۳۶۸ ح۶۰۰ وراجع الإرشاد : ج۱ ص۲۷۰ .

3.ضرب في الأرض : أسرع وسار ، وأرض تيه : مظلّة أي يتيه فيها الإنسان (لسان العرب : ج۱ ص۵۴۴ و ج۱۳ ص۴۸۲) . يعني سلك بهم في ضلالة .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 204576
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي