مَا الَّذي تُسَمّي لي مِنَ الصَّداقِ ؟ فَقالَ لَها : اِحتَكَمي ما بَدا لَكَ . فَقالَت لَهُ : أنَا مُحتَكِمَةٌ عَلَيكَ ثَلاثَةَ آلافِ دِرهَمٍ ، ووَصيفا وخادِما ، وقَتلَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ۱ . فَقالَ لَها : لَكِ جَميعُ ما سَأَلتِ ، وأمّا قَتلُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ فَأنّى لي بِذلِكَ ؟ فَقالَت : تَلتَمِسُ غِرَّتَهُ ، فَإِن أنتَ قَتَلتَهُ شَفَيتَ نَفسي وهَنَّأَكَ العَيشُ مَعي ، وإن قُتِلتَ فَما عِندَ اللّهِ خَيرٌ لَكَ مِنَ الدُّنيا . فَقالَ : أما وَاللّهِ ما أقدَمَني هذَا المِصرَ ـ وقَد كُنتُ هارِبا مِنهُ لا آمَنُ مَعَ أهلِهِ ـ إلّا ما سَأَلتِني مِن قَتلِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَلَكِ ما سَأَلتِ . قالَت : فَأَنَا طالِبَةٌ لَكَ بَعضَ مَن يُساعِدُكَ عَلى ذلِكَ ويُقَوّيكَ .
ثُمَّ بَعَثَت إلى وَردانَ بنِ مُجالِدٍ ـ مِن تَيمِ الرُّبابِ ـ فَخَبَّرتَهُ الخَبَرَ وسَأَلَتهُ مَعونَةَ ابنِ مُلجِمٍ ، فَتَحَمَّلَ ذلِكَ لَها ، وخَرَجَ ابنُ مُلجَمٍ فَأَتى رَجُلاً مِن أشجَعَ يُقالُ لَهُ شَبيبُ بنُ بَجرَةَ ، فَقالَ : يا شَبيبُ ، هَل لَكَ في شَرَفِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ؟ قالَ : وما ذاكَ ؟ قالَ : تُساعِدُني عَلى قَتلِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ـ وكانَ شَبيبٌ عَلى رَأيِ الخَوارِجِ ـ . فَقالَ لَهُ : يَابنَ مُلجَمٍ ، هَبَلَتكَ الهَبولُ ، لَقَد جِئتَ شَيئا إدّا ، وكَيفَ تَقدِرُ عَلى ذلِكَ ؟ فَقالَ لَهُ ابنُ مُلجَمٍ : نَكمُنُ لَهُ فِي المَسجِدِ الأَعظَمِ ، فَإِذا خَرَجَ لِصَلاةِ الفَجرِ فَتَكنا بِهِ ، وإن نَحنُ قَتَلناهُ شَفَينا أنفُسَنا وأدرَكنا ثَأرَنا .
فَلَم يَزَل بِهِ حَتّى أجابَهُ ، فَأَقبَلَ مَعَهُ حَتّى دَخَلَا المَسجِدَ عَلى قُطامَ ـ وهِيَ مُعتَكِفَةٌ فِي المَسجِدِ الأَعظَمِ ، قَد ضَرَبَت عَلَيها قَبَّةً ـ فَقالَ لَها : قَدِ اجتَمَعَ رَأيُنا عَلى قَتلِ هذَا الرَّجُلِ . قالَت لَهُما : فَإِذا أرَدتُما ذلِكَ فَالقَياني في هذَا المَوضِعِ .