289
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

۲۹۶۵.الإمام الحسن عليه السلام :لَمّا حَضَرَت أبِيَ الوَفاةُ أقبَلَ يوصي فَقالَ : هذا ما أوصى بِهِ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ أخو مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ وابنُ عَمِّهِ ووَصِيُّهُ وصاحِبُهُ . وأوَّلُ وَصِيَّتي أنّي أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا رَسولُهُ وخِيَرَتُهُ ، اختارَهُ بِعِلمِهِ ، وَارتَضاهُ لِخِيَرَتِهِ ، وأنَّ اللّهَ باعِثٌ مَن فِي القُبورِ ، وسائِلُ النّاسِ عَن أعمالِهِم ، وعالِمٌ بِما فِي الصُّدورِ .
ثُمَّ إنّي اُوصيكَ ياحَسَنُ ـ وكَفى بِكَ وَصِيّا ـ بِما أوصاني بِهِ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَإِذا كانَ ذلِكَ يا بُنَيَّ فَالزَم بَيتَكَ ، وَابكِ عَلى خَطيئَتِكَ ، ولاتَكُنِ الدُّنيا أكبَرَ هَمِّكَ .
واُوصيكَ يا بُنَيَّ بِالصَّلاةِ عِندَ وَقتِها ، وَالزَّكاةِ في أهلِها عِندَ مَحَلِّها ، وَالصُّمتِ عِندَ الشُّبهَةِ ، والِاقتِصادِ فِي العَمَلِ ، وَالعَدلِ فِي الرِّضا وَالغَضَبِ ، وحُسنِ الجِوارِ ، وإكرامِ الضَّيفِ ، ورَحمَةِ المَجهودِ وأصحابِ البَلاءِ ، وصِلَةِ الرَّحِمِ ، وحُبِّ المَساكينَ ومُجالَسَتِهِم ، وَالتَّواضُعِ ؛ فَإِنَّهُ مِن أفضَلِ العِبادَةِ ، وقَصرِ الأَمَلِ ، وذِكرِ المَوتِ ، وَالزُّهدِ فِي الدُّنيا ؛ فَإِنَّكَ رَهنُ مَوتٍ ، وغَرَضُ بِلاءٍ ، وطَريحُ سُقمٍ .
واُوصيكَ بِخَشيَةِ اللّهِ في سِرِّ أمرِكَ وعَلانِيَتِهِ ، وأنهاكَ عَنِ التَّسَرُّعِ بِالقَولِ وَالفِعلِ ، وإذا عَرَضَ شَيءٌ مِن أمرِ الآخِرَةِ فَابدَأ بِهِ ، وإذا عَرَضَ شَيءٌ مِن أمرِ الدُّنيا فَتَأَنَّهُ حَتّى تُصيبَ رُشدَكَ فيهِ . وإيّاكَ ومَواطِنَ التُّهَمَةِ وَالمَجلِسَ المَظنونَ بِهِ السّوءُ ؛ فَإِنَّ قَرينَ السّوءِ يُغَيِّرُ جَليسَهُ .
وكُن للّهِِ يا بُنَيَّ عامِلاً ، وعَنِ الخَنا زَجورا ، وبِالمَعروفِ آمِرا ، وعَنِ المُنكَرِ ناهِيا ، وواخِ الإِخوانَ فِي اللّهِ ، وأحِبَّ الصّالِحَ لِصَلاحِهِ ، ودارِ الفاسِقَ عَن دينِكَ ، وأبغِضهُ بِقَلبِكَ ، وزايِلهُ بِأَعمالِكَ لِئَلّا تَكونَ مِثلَهُ .
وإيّاكَ وَالجُلوسَ فِي الطُّرُقاتِ ، ودَعِ المُماراةَ ومُجاراةَ مَن لا عَقلَ لَهُ ولا عِلمَ . وَاقتَصِد يا بُنَيَّ في مَعيشَتِكَ ، وَاقتَصِد في عِبادَتِكَ ، وعَلَيكَ فيها بِالأَمرِ الدّائِمِ الَّذي تُطيقُهُ . وَالزَمِ الصُّمتَ تَسلَم ، وقَدِّم لِنَفسِكَ تَغنَم ، وتَعَلَّمِ الخَيرَ تَعلَم ، وكُن للّهِِ ذاكِرا


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
288

نُطقٍ ، لِيَعِظكُم هُدُوّي وخُفوتُ إطراقي وسُكونُ أطرافي ؛ فَإِنَّهُ أوعَظُ لَكُم مِنَ النّاطِقِ البَليغِ ، وَدَّعتُكُم وَداعَ مُرصِدٍ لِلتَّلاقي ، غَدا تَرَونَ أيّامي ، ويُكشَفُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ عن سَرائِري ، وتَعرِفوني بَعدَ خُلُوِّ مَكاني ، وقِيامِ غَيري مَقامي ، إن أبقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمي ، وإن أفنَ فَالفَناءُ ميعادي ، وإن أعفُ فَالعَفوُ لي قُربَةٌ ، ولَكُم حَسَنَةٌ ، فَاعفوا وَاصفَحوا ، «أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ»۱ .
فَيالَها حَسرَةً عَلى كُلِّ ذي غَفلَةٍ أن يَكونَ عُمُرُهُ عَلَيهِ حُجَّةً أو تُؤَدّيهِ أيّامُهُ إلى شِقوَةٍ ، جَعَلَنَا اللّهُ وإيّاكُم مِمَّن لا يُقَصِّرُ بِهِ عَن طاعَةِ اللّهِ رَغبَةٌ ، أو تَحُلُّ بِهِ بَعدَ المَوتِ نِقمَةٌ ؛ فَإِنَّما نَحنُ لَهُ وبِهِ .
ثُمَّ أقبَلَ عَلَى الحَسَنِ عليه السلام فَقالَ : يا بُنَيَّ ضَربَةٌ مَكانَ ضَربَةٍ ولا تَأثَم ۲ .

۲۹۶۴.عنه عليه السلام :وَصِيَّتي لَكُم : أن لا تُشرِكوا بِاللّهِ شَيئا ، ومُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله فَلا تُضَيِّعوا سُنَّتَهُ ، أقيموا هذَينِ العَمودَينِ ، وأوقِدوا هذَينِ المِصباحَينِ ، وخَلاكُم ذَمٌّ !
أنَا بِالأَمسِ صاحِبُكم ، وَاليَومَ عِبرَةٌ لَكُم ، وغَدا مُفارِقُكُم ، إن أبقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمي ، وإن أفنَ فَالفَناءُميعادي ، وإن أعفُ فَالعَفوُ لي قُربَةٌ ، وهُوَ لَكُم حَسَنَةٌ ، فَاعفوا «أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ» .
وَاللّهِ ما فَجَأَني مِنَ المَوتِ وارِدٌ كَرِهتُهُ ، ولا طالِعٌ أنكَرتُهُ ، وما كُنتُ إلّا كَقارِبٍ وَرَدَ ، وطالِبٍ وَجَدَ «وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ»۳ . ۴

1.النور : ۲۲ .

2.الكافي : ج۱ ص۲۹۹ ح۶ عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه ، نهج البلاغة : الخطبة ۱۴۹ وفيه من «أيّها الناس» إلى «غيري مقامي» ، إثبات الوصيّة : ص۱۶۵ ؛ المعجم الكبير : ج۱ ص۹۶ ح۱۶۷ عن عوانة بن الحكم ، مروج الذهب : ج۲ ص۴۳۶ كلّها نحوه .

3.آل عمران : ۱۹۸ .

4.نهج البلاغة : الكتاب ۲۳ ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص۱۰۸ وفيه إلى «يغفر اللّه لكم» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 204391
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي