الخَيرِ نَصيباً ؛ فَلا حَرَمَنَا اللّهُ أجرَكَ ، ولا أذَلَّنا بَعدَكَ ، فَوَاللّهِ لَقَد كانَت حَياتُكَ مَفاتِحَ لِلخَيرِ ومَغالِقَ لِلشَّرِّ ، وإنَّ يَومَكَ هذا مِفتاحُ كُلِّ شَرٍّ ومِغلاقُ كُلِّ خَيرٍ ، ولَو أنَّ النّاسَ قَبِلوا مِنكَ لَأَكَلوا مِن فَوقِهِم ومِن تَحتِ أرجُلِهِم ، ولكِنَّهُم آثَرُوا الدُّنيا عَلَى الآخِرَةِ .
ثُمَّ بَكى بُكاءً شَديداً وأبكى كُلَّ مَن كانَ مَعَهُ ، وعَدَلوا إلَى الحَسَنِ وَالحُسَينِ ومُحَمَّدٍ وجَعفَرٍ وَالعَبّاسِ ويَحيى وعَونٍ وعَبدِ اللّهِ عليهم السلام ، فَعَزَّوهُم في أبيهِم صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ، وَانصَرَفَ النّاسُ ، ورَجَعَ أولادُ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وشيعَتُهُم إلَى الكوفَةِ ۱
.
۳۰۰۲.الكافي عن اُسيد بن صفوان :لَمّا كانَ اليَومُ الَّذي قُبِضَ فيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ارتُجَّ المَوضِعُ بِالبُكاءِ ودَهِشَ النّاسُ كَيَومٍ قُبِضُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ، وجاءَ رَجُلٌ باكِيا وهُوَ مُسرِعٌ مُستَرجِعٌ وهُوَ يَقولُ : اليَومَ انقَطَعَت خِلافَةُ النُّبُوَّةِ ، حَتّى وَقَفَ عَلى بابِ البَيتِ الَّذي فيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ :
رَحِمَكَ اللّهُ يا أبَا الحَسَنِ ! كُنتَ أوَّلَ القَومِ إسلاما ، وأخلَصَهُم إيمانا ، وأشَدَّهُم يَقينا ، وأخوَفَهُم للّهِِ ، وأعظَمَهُم عَناءً ، وأحوَطَهُم عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وآمَنَهُم عَلى أصحابِهِ ، وأفضَلَهُم مَناقِبَ ، وأكرَمَهُم سَوابِقَ ، وأرفَعَهُم دَرَجَةً ، وأقرَبَهُم مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأشبَهَهُم بِهِ هَدياً وخُلقا وسَمتا وفِعلاً ، وأشرَفَهُم مَنزِلَةً ، وأكرَمَهُم عَلَيهِ ، فَجَزاكَ اللّهُ عَنِ الإِسلامِ وعَن رَسولِهِ وعَنِ المُسلِمينَ خَيرا . قَويتَ حينَ ضَعُفَ أصحابُهُ ، وبَرَزتَ حينَ استَكانوا ، ونَهَضتَ حينَ وَهِنوا ، ولَزِمتَ مِنهاجَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذ هَمَّ أصحابُهُ ، وكُنتَ خَليفَتَهُ حَقّا ، لَم تُنازِع ولَم تَضرُع بِرَغمِ المُنافِقينَ ، وغَيظِ الكافِرينَ ، وكَرهِ الحاسِدينَ ، وصُغرِ الفاسِقينَ .
فَقُمتَ بِالأَمرِ حينَ فَشِلوا ، ونَطَقتَ حينَ تَتَعتَعوا ، ومَضَيتَ بِنورِ اللّهِ إذ وَقَفوا ، فَاتَّبَعوكَ فَهُدوا ، وكُنتَ أخفَضَهُم صَوتا ، وأعلاهُم قُنوتا ، وأقَلَّهُم كَلاما ، وأصوَبَهُم