49
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

سَبعينَ رَجُلاً مِن بَني ناجِيَةَ ومَن مَعَهُم مِنَ العَرَبِ ، وقَتَلوا نَحوا مِن ثَلاثِمِئَةٍ مِنَ العُلوجِ ۱ وَالأَكرادِ ، وَانهَزَمَ الخِرّيتُ بنُ راشِدٍ فَلَحِقَ بِأَسيافِ البَحرِ ، وبِها جَماعَةٌ كَثيرَةٌ مِن قَومِهِ ، فَما زالَ يَسيرُ فيهِم ويَدعوهُم إلى خِلافِ عَلِيٍّ ، ويُخبِرُهُم أنَّ الهُدى في حَربِهِ حَتَّى اتَّبَعَهُ مِنهُم ناسٌ كَثيرٌ . . .
فَكَتَبَ [عَلِيٌّ عليه السلام ] إلى مَعقِلٍ يُثني عَلَيهِ وعَلى مَن مَعَهُ ويَأمُرُهُ بِاتِّباعِهِ وقَتلِهِ أو نَفيِهِ . . . فَلَمَّا انتَهى مَعقِلٌ إلَيهِ نَصَبَ رايَةَ أمانٍ وقالَ : مَن أتاها مِنَ النّاسِ فَهُو آمِنٌ إلَا الخِرّيتَ وأصحابَهُ الَّذينَ حارَبونا أوَّلَ مَرَّةٍ . فَتَفَرَّقَ عَنِ الخِرّيتِ جُلُّ مَن كانَ مَعَهُ مِن غَيرِ قَومِهِ . . . ثُمَّ حَمَلَ مَعقِلٌ وجَميعُ مَن مَعَهُ فَقاتَلوا قِتالاً شَديدا وصَبَروا لَهُ ، ثُمَّ إنَّ النُّعمانَ بنَ صُهبانَ الرّاسِبِيَّ بَصُرَ بِالخِرّيتِ ، فَحَمَلَ عَلَيهِ فَطَعَنَهُ فَصُرِعَ عَن دابَّتِهِ ، ثُمَّ اختَلَفا ضَربَتَينِ فَقَتَلَهُ النُّعمانُ وقُتِلَ مَعَهُ فِي المَعرَكَةِ سَبعونَ ومِئَةُ رَجُلٍ ، وذَهَبَ الباقونَ يَمينا وشِمالاً ۲ .

1.العِلجْ : هو الرجل من كفّار العجم وغيرهم (النهاية : ج۳ ص۲۸۶) .

2.الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۱۷ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
48

الدَّهاقينِ ۱ كانَ أسلَمَ .
فَأَرسَلَ عَلِيٌّ إلى زِيادٍ يَأمُرُهُ بِاتِّباعِهِم ويُخبِرُهُ خَبَرَهُم ، وأنَّهُم قَتَلوا رَجُلاً مُسلِما ، ويَأمُرُهُ بِرَدِّهِم إلَيهِ ؛ فَإِن أبَوا يُناجِزُهُم ۲ ، وسَيَّرَ الكِتابَ مَعَ عَبدِ اللّهِ بنِ والٍ ، فَاستَأذَنَهُ عَبدُ اللّهِ فِي المَسيرِ مَعَ زِيادٍ ، فَأَذِنَ لَهُ ، وقالَ لَهُ : إنّي لَأَرجو أن تَكونَ مِن أعواني عَلَى الحَقِّ ، وأنصاري عَلَى القَومِ الظّالِمينَ ، قالَ ابنُ والٍ : فَوَاللّهِ ما اُحِبُّ أنَّ لي بِمَقالَتِهِ تِلكَ حُمرَ النَّعَمِ . . . فَتَبِعوا آثارَهُم حَتّى أدرَكوهُم بِالمَذارِ ۳
. . . فَدَعاهُ زِيادٌ وقالَ لَهُ : مَا الَّذي نَقَمتَ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ وعَلَينا حَتّى فارَقتَنا ؟ فَقالَ : لَم أرضَ صاحِبَكُم إماما ، ولا سيرَتَكُم سيرَةً ، فَرَأَيتُ أن أعتَزِلَ وأكونَ مَعَ مَن يَدعو إلَى الشّورى ، فَقالَ لَهُ زِيادٌ : وهَل يَجتَمِعُ النّاسُ عَلى رَجُلٍ يُداني صاحِبَكَ الَّذي فارَقتَهُ عِلما بِاللّهِ وسُنَّتِهِ وكِتابِهِ مَعَ قَرابَتِهِ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وسابِقَتِهِ فِي الإِسلامِ ؟ فَقالَ لَهُ : ذلِكَ لا أقولُ لَكَ . فَقالَ لَهُ زيادٌ : فَفيمَ قَتَلتَ ذلِكَ الرَّجُلَ المُسلِمَ ؟ فَقالَ لَهُ : ما أنَا قَتَلتُهُ ، وإنَّما قَتَلَهُ طائِفَةٌ مِن أصحابي . قالَ : فَادفَعهُم إلَينا . قالَ : ما لي إلى ذلِكَ سَبيلٌ .
فَدَعا زِيادٌ أصحابَهُ ودَعَا الخِرّيتُ أصحابَهُ ، فَاقتَتَلوا قِتالاً شَديدا تَطاعَنوا بِالرِّماحِ حَتّى لَم يَبقَ رُمحٌ ، وتَضارَبوا بِالسُّيوفِ حَتَّى انحَنَت ، وعُقِرَت عامَّةُ خُيولِهِم ، وكَثُرَتِ الجِراحَةُ فيهم ، وقُتِلَ مِن أصحابِ زِيادٍ رَجُلانِ ، ومِن اُولئِكَ خَمسَةٌ ، وجاءَ اللَّيلُ فَحَجَزَ بَينَهُما ، وقَد كَرِهَ بَعضُهُم بَعضا ، وجُرِحَ زِيادٌ ، فَسارَ الخِرّيتُ مِنَ اللَّيلِ وسارَ زِيادٌ إلَى البَصرَةِ ، وأتاهُم خَبرُ الخِرّيتَ أنَّهُ أتَى الأَهوازَ فَنَزَلَ بِجانِبٍ مِنها وتَلاحَقَ بِهِ ناسٌ مِن أصحابِهِم فَصاروا نَحوَ مِئَتَينِ . . . فَقَدِمَ مَعقِلٌ الأَهوازَ . . . فَلَحِقوهُم قَريبَ جَبَلٍ من جِبالِ رامَهُرمُزَ . . . فَقَتَلَ أصحابُ مَعقِلٍ مِنهُم

1.الدِّهقان : رئيس القرية ومُقدَّم التُّنّاء وأصحاب الزراعة . وهو معرَّب (النهاية : ج۲ ص۱۴۵) .

2.المناجزة في الحرب : المُبارزة . واُناجزك : اُقاتلك واُخاصمك (النهاية : ج۵ ص۲۱) .

3.المَذَار : مدينة في مَيْسان بين واسط والبصرة ، وهي قصبة ميسان (معجم البلدان : ج۵ ص۸۸).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 204230
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي