55
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

المُكرَهُ ، وأقَلُّهُم مَن نَشَطَ ، فَقامَ فيهِم خَطيبا فَقالَ :
عِبادَ اللّهِ ! ما لَكُم إذا أمَرتُكُم أن تَنفِرُوا اثّاقَلتُم إلَى الأَرضِ ! أرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ ، وبِالذُّلِّ والهَوانِ مِنَ العِزِّ ! أوَ كُلَّما نَدَبتُكُم إلَى الجِهادِ دارَت أعيُنُكُم كَأَنَّكُم مِنَ المَوتِ في سَكرَةٍ ، وكَأَنَّ قُلوبَكُم مَألوسَةٌ ۱ فَأَنتُم لا تَعقِلونَ ! وكَأَنَّ أبصارَكُم كُمهٌ فَأَنتُم لا تُبصِرونَ .
للّهِِ أنتُم ! ما أنتُم إلّا اُسودُ الشَّرى فِي الدَّعَةِ ، وثَعالِبُ رَوّاغَةٌ حينَ تُدعَونَ إلَى البَأسِ ، ما أنتُم لي بِثِقَةٍ سَجِيسَ اللَّيالي ۲ ، ما أنتُم بِرَكبٍ يُصالُ بِكُم ، ولا ذي عِزٍّ يُعتَصَمُ إلَيهِ .
لَعَمرُ اللّهِ ، لَبِئسَ حُشّاشُ الحَربِ أنتُم ! إنَّكُم تُكادونَ ولا تَكيدونَ ، ويُتَنَقَّصُ أطرافَكُم ولا تَتَحاشونَ ، ولا يُنامُ عَنكُم وأنتُم في غَفلَةٍ ساهونَ ، إنّ أخَا الحَربِ اليَقظانَ ذو عقلٍ ، وباتَ لِذُلٍّ مَن وادَعَ ، وغُلِبَ المُتَجادِلونَ ، وَالمَغلوبُ مَقهورٌ ومَسلوبٌ .
ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ لي عَلَيكُم حَقّا ؛ وإنَّ لَكُم عَلَيَّ حَقّا ، فَأَمّا حَقُّكُم عَلَيَّ فَالنَّصيحَةُ لَكُم ما صَحِبتُكُم ، وتَوفيرُ فَيئِكُم عَلَيكُم ، وتَعليمُكُم كَيما لا تَجهَلوا ، وتَأديبُكُم كَي تَعَلَّموا ، وأمّا حَقّي عَلَيكُم فَالوَفاءُ بِالبَيعَةِ ، وَالنُّصحُ لي فِي الغَيبِ وَالمَشهَدِ ، وَالإِجابَةُ حينَ أدعوكُم ، وَالطّاعَةُ حينَ آمُرُكُم ، فَإن يُرِدِ اللّهُ بِكُم خَيرا انتَزَعتُم عَمّا أكرَهُ ، وتَراجَعوا إلى ما اُحِبُّ ، تَنالوا ما تَطلُبونَ ، وتُدرِكوا ما تَأمُلونَ ۳ .

راجع : ص 156 (غارة سفيان بن عوف) .

1.من الألْس ؛ وهو اختلاط العقل (النهاية : ج۱ ص۶۰) .

2.سَجيس الليالي : أي أبدا (النهاية : ج۲ ص۳۴۳) .

3.تاريخ الطبري : ج۵ ص۹۰ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۵۳ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۰۸ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۷۰ ؛ الغارات : ج۱ ص۳۳ كلّها نحوه .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
54

رَأيُهُ فِي المَسيرِ ۱ .

۲۷۴۹.الغارات عن طارق بن شهاب :إنَّ عَلِيّا عليه السلام انصَرَفَ مِن حَربِ النَّهرَوانِ حَتّى إذا كانَ في بَعضِ الطَّريقِ نادى فِي النّاسِ فَاجتَمَعوا ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ورَغَّبَهُم فِي الجِهادِ ، ودَعاهُم إلَى المَسيرِ إلَى الشّامِ مِن وَجهِهِ ذلِكَ ، فَأَبَوا وشَكَوُا البَردَ وَالجِراحاتِ ، وكانَ أهلُ النَّهرَوانِ قَد أكثَرُوا الجِراحاتِ فِي النّاسِ .
فَقالَ : إنَّ عَدُوَّكُم يَألَمونَ كَما تَألَمونَ ، ويَجِدونَ البَردَ كَما تَجِدونَ .
فَأعيَوهُ وأبَوا ، فَلَمّا رَأى كَراهِيَتَهُم رَجَعَ إلَى الكوفَةِ وأقامَ بِها أيّاما ، وتَفَرَّقَ عَنهُ ناسٌ كَثيرٌ مِن أصحابِهِ ؛ فَمِنهُم مَن أقامَ يَرى رَأيَ الخَوارِجِ ، ومِنهُم مَن أقامَ شاكّا في أمرِهِ ۲ .

۲۷۵۰.تاريخ الطبري عن زيد بن وهب :إنَّ عَلِيّا قالَ لِلنّاسِ ـ وهُوَ أوَّلُ كَلامٍ قالَهُ لَهُم بَعدَ النَّهرِ ـ :
أيُّهَا النّاسُ ، استَعِدّوا إلى عَدُوٍّ في جِهادِهِ القُربَةُ إلَى اللّهِ ، ودَركُ الوَسيلَةِ عِندَهُ . حَيارى فِي الحَقِّ ، جُفاةٍ عَنِ الكِتابِ ، نُكبٍ ۳ عَنِ الدّينِ ، يَعمَهونَ فِي الطُّغيانِ ، ويُعكَسونَ في غَمرَةِ الضَّلالِ ، فَ «أَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ»۴ وتَوَكَّلوا عَلَى اللّهِ ، وكَفى بِاللّهِ وَكيلاً ، وكفى بِاللّهِ نَصيرا .
قالَ : فَلا هُم نَفَروا ولا تَيَسَّروا ، فَتَرَكَهُم أيّاما حَتّى إذا أيِسَ مِن أن يَفعَلوا ، دَعا رُؤَساءَهُم ووُجوهَهُم فَسَأَلَهُم عَن رَأيِهِم ومَا الَّذي يُنظِرُهُم ۵ ؟ فَمِنهُم المُعتَلُّ ، ومِنهُم

1.تاريخ الطبري : ج۵ ص۸۹ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۰۸ ، مروج الذهب : ج۲ ص۴۱۸ وفيه إلى «النُّخَيلة» ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۷۰ ، شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۱۹۲ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۳۰۷ عن عيسى بن دآب وكلّها نحوه .

2.الغارات : ج۱ ص۲۸ .

3.نَكَب عن الشيء : عَدَل (لسان العرب : ج۱ ص۷۷۰) .

4.الأنفال : ۶۰ .

5.من الإنظار : التأخير والإمهال (النهاية : ج۵ ص۷۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 165331
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي