581
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

فَقالَ لَهُ الحارِثُ : لَو كَشَفتَ ـ فِداكَ أبي واُمّي ـ الرَّينَ عَن قُلوبِنا ، وجَعَلتَنا في ذلِكَ عَلى بَصيرَةٍ مِن أمرِنا . قالَ عليه السلام : قَدكَ ۱
، فَإِنَّكَ امرُؤٌ مَلبوسٌ عَلَيكَ . إنَّ دينَ اللّهِ لا يُعرَفُ بِالرِّجالِ ، بَل بِآيَةِ الحَقِّ ، فَاعرِف الحَقَّ تَعرِف أهلَهُ .
يا حارِثُ ، إنَّ الحَقَّ أحسَنُ الحَديثِ ، وَالصّادِعَ بِهِ مُجاهِدٌ ، وبِالحَقِّ اُخبِرُكَ ، فَأَرعِني سَمعَكَ ، ثُمَّ خَبِّر بِهِ مَن كانَ لَهُ حَصافَةٌ ۲ مِن أصحابِكَ .
ألا إنّي عَبدُ اللّهِ ، وأخو رَسولِهِ ، وصِدّيقُهُ الأَوَّلُ ، صَدَّقتُهُ وآدَمُ بَينَ الرّوحِ وَالجَسَدِ ، ثُمَّ إنّي صِدّيقُهُ الأَوَّلُ في اُمَّتِكُم حَقّا ، فَنَحنُ الأَوَّلونَ ونَحنُ الآخِرونَ ، ونَحنُ خاصَّتُهُ ـ يا حارِثُ ـ وخالِصَتُهُ ، وأنَا صِنوُهُ ووَصِيُّهُ ووَلِيُّهُ وصاحِبُ نَجواهُ وسِرِّهِ . اُوتيتُ فَهمَ الكِتابِ ، وفَصلَ الخِطابِ ، وعِلمَ القُرونِ وَالأَسبابِ ، وَاستودِعتُ ألفَ مِفتاحٍ ، يَفتَحُ كُلُّ مِفتاحٍ ألفَ بابٍ ، يُفضي كُلُّ بابٍ إلى ألفِ ألفِ عَهدٍ ، واُيِّدتُ وَاتُّخِذتُ ، واُمدِدتُ بِلَيلَةِ القَدرِ نَفلاً ، وإنَّ ذلِكَ يَجري لي ولِمَنِ استُحفِظَ مِن ذُرِّيَّتي ما جَرَى اللَّيلُ وَالنَّهارُ حَتّى يَرِثَ اللّهُ الأَرضَ ومَن عَلَيها ، واُبَشِّرُكَ يا حارِثُ لَتَعرِفُني عِندَ المَماتِ ، وعِندَ الصِّراطِ ، وعِندَ الحَوضِ ، وعِندَ المُقاسَمَةِ .
قالَ الحارِثُ : ومَا المُقاسَمَةُ يا مَولايَ ؟ قالَ : مُقاسَمَةُ النّارِ ، اُقاسِمُها قِسمَةً صَحيحَةً ، أقولُ : هذا وَلِيّي فَاترُكيهِ ، وهذا عَدُوّي فَخُذيهِ ، ثُمَّ أخَذَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بِيَدِ الحارِثِ فَقالَ :
يا حارِثُ ، أخَذتُ بِيَدِكَ كَما أخَذَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِيَدي فَقالَ لي ـ وقَد شَكَوتُ إلَيهِ حَسَدَ قُرَيشِ وَالمُنافِقينَ لي ـ :«إنَّهُ إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ أخَذتُ بِحَبلِ اللّهِ وبِحُجزَتِهِ ـ يَعني عِصمَتَهُ مِن ذِي العَرشِ تَعالى ـ وأخَذتَ أنتَ يا عَلِيُّ بِحُجزَتي ،

1.قَدْ : بمعنى حسب ، ويقال للمخاطب : قَدْك ، أي حسبك (النهاية : ج۴ ص۱۹) .

2.الحصيف : المحكم العقل ، وإحصاف الأمر : إحكامه (النهاية : ج۱ ص۳۹۶) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
580

۳۶۹۴.كتاب سُليم بن قيس :جاءَ رَجُلٌ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ وأنَا أسمَعُ ، فَقالَ : أخبِرني يا أميرَ المُؤمِنينَ بِأَفضَلِ مَنقَبَةٍ لَكَ ؟ قالَ : ما أنزَلَ اللّهُ فِيَّ مِن كِتابِهِ . قالَ : وما أنزَلَ اللّهُ فيكَ ؟ قالَ : قَولُهُ : «أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ» ، ۱ أنَا الشّاهِدُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . وقَولُهُ «وَ مَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَـبِ»۲ إيّايَ عَنى . ولَم يَدَع شَيئا مِمّا ذَكَرَ اللّهُ فيهِ إلّا ذَكَرَهُ .
قالَ : فَأَخبِرني بِأَفضَلِ مَنقَبَةٍ لَكَ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . قالَ عليه السلام : نَصبُهُ إيّايَ بِغَديرِ خُمٍّ ، فَقامَ لي بِالوِلايَةِ مِنَ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ بِأَمرِ اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى . وقَولُهُ : «أنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى» ۳ .

۳۶۹۵.الأمالي للمفيد عن الأصبغ بن نباتة :دَخَلَ الحارِثُ الهَمدانِيُّ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام في نَفَرٍ مِنَ الشّيعَةِ وكُنتُ فيهِم ، فَجَعَلَ الحارِثُ يَتَأَوَّدُ في مِشيَتِهِ ، ويَخبِطُ ۴ الأَرضَ بِمِحجَنِهِ ۵ ، وكانَ مَريضا ، فَأَقبَلَ عَلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ـ وكانَت لَهُ مِنهُ مَنزِلَةٌ ـ فَقالَ : كَيفَ تَجِدُكَ يا حارِثُ ؟ فَقالَ : نالَ الدَّهرُ يا أميرَ المُؤمِنينَ مِنّي ، وزَادَني اُوارا ۶ وغَليلاً اختِصامُ أصحابِكَ بِبابِكَ . قالَ : وفيمَ خُصومَتُهُم ؟ قالَ : فيكَ وفِي الثَّلاثَةِ مِن قَبلِكَ ، فَمِن مُفرِطٍ مِنهُم غالٍ ، ومُقتَصِدٍ تالٍ ومِن مُتَرَدِّدٍ مُرتابٍ ، لا يَدري أ يُقدِمُ أم يُحجِمُ . فَقالَ : حَسبُكَ يا أخا هَمدانَ ، ألا إنَّ خَيرَ شيعَتي النَّمَطُ الأَوسَطُ ؛ إلَيهِم يَرجِعُ الغالي ، وبِهِم يَلحَقُ التّالي .

1.هود : ۱۷ .

2.الرعد : ۴۳ .

3.كتاب سليم بن قيس : ج۲ ص۹۰۳ ح۶۰ ، الاحتجاج : ج۱ ص۳۶۸ ح۶۵ ، بحار الأنوار : ج۳۷ ص۳۸۷ ح۳ و ۴ و ج۴۰ ص۱ ح۲ .

4.الخبط : الضرب (المصباح المنير : ص۱۶۳) .

5.المحْجَن : عصا مُعقّفة الرأس كالصولجان ، والميم زائدة (النهاية : ج۱ ص۳۴۷) .

6.الاُوار : الحرارة (النهاية : ج۱ ص۸۰) وهو هنا كناية عن الإيلام .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 165291
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي