61
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُواْ يَفْقَهُونَ» 1 .
وَاللّهِ لَو ضَرَبتُ خَيشومَ المُؤمِنِ بِسَيفي هذا عَلى أن يُبغِضَني ما أبغَضَني ، ولَو صَبَبتُ الدُّنيا بِحَذافيرِها عَلَى الكافِرِ ما أحَبَّني ، وذلِكَ أنَّهُ قُضِىَ ما قُضِىَ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ أنَّهُ لا يُبغِضُكَ مُؤمِنٌ ، ولا يُحِبُّكَ كافِرٌ ، وقَد خابَ مَن حَمَلَ ظُلما وافتَرى .
يا مَعاشِرَ أهلِ الكوفَةِ ! وَاللّهِ لَتَصبِرُنَّ عَلى قِتالِ عَدُوِّكُم ، أو لَيُسَلِّطَنَّ اللّهُ عَلَيكُم قَوما أنتُم أولى بِالحَقِّ مِنهُم ، فَلَيُعَذِّبُنَّكُم ، ولَيُعَذِّبَنَّهُمُ اللّهُ بِأَيديكُم أو بِما شاءَ مِن عِندِهِ ، أفَمِن قَتلَةٍ بِالسَّيفِ تَحيدونَ إلى مَوتَةٍ عَلَى الفِراشِ ؟ ! فَاشهَدوا أنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : مَوتَةٌ عَلَى الفِراشِ أشَدُّ مِن ضَربَةِ ألفِ سَيفٍ 2 .

۲۷۵۵.الإرشادـ مِن كَلامِهِ عليه السلام فِي استِبطاءِ مَن قَعَدَ عَن نُصرَتِهِ ـ: ما أظُنُّ هؤُلاءِ القَومَ ـ يَعني أهلَ الشّامِ ـ إلّا ظاهِرينَ عَلَيكُم ، فَقالوا لَهُ : بِماذا يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟
قالَ : أرى اُمورَهُم قَد عَلَت ونيرانَكمُ قَد خَبَت ، وأراهُم جادّينَ وأراكُم وانينَ ، وأراهُم مُجتَمِعينَ وأراكُم مُتَفَرِّقينَ ، وأراهُم لِصاحبِهِم مُطيعينَ وأراكُم لي عاصينَ .
أمَ وَاللّهِ لَئِن ظَهَروا عَلَيكُم لَتَجِدَنَّهُم أربابَ سوءٍ مِن بَعدي لَكُم ، لَكَأَنّي أنظُرُ إلَيهِم وقَد شارَكوكُم في بِلادكِمُ ، وحَمَلوا إلى بِلادِهِم فَيئَكُم ، وكَأَنّي أنظُرُ إلَيكُم تَكِشّونَ ۳ كَشيشَ الضِّبابِ ؛ لا تَأخذُونَ حَقّا ولا تَمنَعونَ للّهِِ حُرمَةً ، وكَأَنّي أنظُرُ إلَيهِم يقَتُلونَ صالِحيكُم ، ويُخيفونَ قُرّاءَكُم ، ويَحرِمونَكُم ويَحجُبونَكُم ، ويُدنونَ النّاسَ دونَكُم ، فَلَو

1.التوبة : ۸۱ .

2.الغارات : ج۱ ص۴۲ عن فرقد البجلي ؛ شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۱۹۵ عن رفيع بن فرقد البجلي نحوه .

3.الكَشيش : الصوت يشوبه خَوَر مثل الخشخشة وكشيش الأفعى : صوتها من جلدها لا من فمها . يقرّع عليه السلام أصحابه بالجبن والفشل ويقول لهم لكأنّي أنظر إليكم وأصواتكم غمغمة بينكم من الهلع الذي قد اعتراكم فهي أشبه شيء بأصوات الضباب المجتمعة (شرح نهج البلاغة : ج۷ ص۳۰۴) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
60

أيُّهَا القَومُ الشّاهِدَةُ أبدانُهُمُ ، الغائِبَةُ عَنهُم عُقولُهُم ، المُختَلِفَةُ أهواؤُهُمُ ، المُبتلى بِهِم اُمَراؤُهُم ، صاحِبُكُم يُطيعُ اللّهَ وأنتُم تَعصونَهُ ، وصاحِبُ أهلِ الشّامِ يَعصِي اللّهَ وهُم يُطيعونَهُ ، لَوَدَدتُ وَاللّهِ أنَّ مُعاوِيَةَ صارَفَني بِكُم صَرفَ الدّينارِ بِالدِّرهَمِ ؛ فَأَخَذَ مِنّي عَشَرَةً مِنكُم ، وأعطاني رَجُلاً مِنهُم !
يا أهلَ الكوفَةِ ! مُنيتُ مِنكُم بِثَلاثٍ وَاثنَتَينِ : صُمٌّ ذَوو أسماعٍ ، وبُكمٌ ذَوو كَلامٍ ، وعُميٌ ذَوو أبصارٍ ، لا أحرارٌ صَدقٌ عِندَ اللِّقاءِ ، ولا إخوانٌ ثِقَةٌ عِندَ البَلاءِ ! تَرِبَت أيديكُم ! يا أشباهَ الإِبِلِ غابَ عَنها رُعاتُها ! كُلَّما جُمِعَت مِن جانِبٍ تَفَرَّقَت مِن آخَرَ ، وَاللّهِ لَكَأَنّي بِكُم فيما إخالُكُم ۱ أن لَو حَمِسَ الوَغى ، وحَمِيَ الضِّرابُ ، قَد انفَرَجتُم عَنِ ابنِ أبي طالبٍ انفِراجَ المَرأَةِ عَن قُبُلِها ۲ ، وإنّي لَعَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي ، ومِنهاجٍ مِن نَبِيّي ، وإنّي لَعَلَى الطَّريقِ الواضِحِ أَلقُطُهُ لَقطا ۳ .

2754.عنه عليه السلامـ فِي استِنفارِ النّاسِ إلى أهلِ الشّامِ ـ: أ لا تَرَونَ يا مَعاشِرَ أهلِ الكوفَةِ ، وَاللّهِ لَقَد ضَرَبتُكُم بِالدِّرَّةِ الَّتي أعِظُ بِهَا السُّفَهاءَ ، فَما أراكُم تَنتَهونَ ، ولَقَد ضَرَبتُكُم بِالسِّياطِ الَّتي اُقيمَ بِهَا الحُدودُ ، فَما أراكُم تَرعَوونَ ، فَما بَقِيَ إلّا سَيفي ، وإنّي لَأَعلَمُ الَّذي يُقَوِّمُكُم بِإِذنِ اللّهِ ، ولكِنّي لا اُحِبُّ أن ألِيَ تِلكَ مِنكُم .
وَالعَجَبُ مِنكُم ومِن أهلِ الشّامِ ، أنَّ أميرَهُم يَعصِي اللّهَ وهُم يُطيعونَهُ ، وأنَّ أميرَكُم يُطيعُ اللّهَ وأنتُم تَعصونَهُ ! إن قُلتُ لَكُمُ : انفِروا إلى عَدُوِّكُم ، قُلتُمُ : القَرُّ يَمنَعُنا ! أفَتَرَونَ عَدُوَّكُم لا يَجِدونَ القَرَّ كَما تَجِدونَهُ ؟ ولكِنَّكُم أشبَهتُم قَوما قالَ لَهُم رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : اِنفِروا في سَبيلِ اللّهِ ، فَقالَ كُبرَاؤُهُم : لا تَنفِروا فِي الحَرِّ ، فَقالَ اللّهُ لِنَبِيِّهِ : «قُلْ نَارُ جَهَنَّم

1.إخالُكَ : أظنّكَ (لسان العرب : ج۱۱ ص۲۲۶) .

2.انفراج المرأة عن قبلها يكون عند الولادة أو عندما يُشرع عليها سلاح . وفيه كناية عن العجز والدناءة في العمل .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۹۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 169382
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي