قَد رَأيتُمُ الحِرمانَ وَالأَثَرَةَ ، ووَقعَ السَّيفِ ، ونُزولَ الخَوفِ ، لَقَد نَدِمتُم وخَسِرتُم عَلى تَفريطِكُم في جِهادِهِم ، وتَذاكَرتُم ما أنتُم فيهِ اليَومَ مِنَ الخَفضِ ۱ والعافِيَةِ حينَ لا يَنفَعُكُمُ التَّذكارُ ۲ .
2 / 2
التَّحذيرُ مِن جَهَنَّمِ الدُّنيا
۲۷۵۶.الإمام عليّ عليه السلامـ في كَلامِهِ مَعَ أهلِ الكوفَةِ ـ: أيُّهَا النّاسُ ! إنِّي استنَفَرتُكُم لِجِهادِ هؤُلاءِ القَومِ [أي أهلِ الشّامِ ]فَلَم تَنفِروا ، وأسمَعتُكُم فَلَم تُجيبوا ، ونَصَحتُ لَكُم فَلمَ تَقبَلوا ، شُهودٌ كَالغُيَّبِ ، أتلو عَلَيكُمُ الحِكمَةَ فتُعرِضونَ عَنها ، وأعظِكُمُ بِالمَوعِظَةِ البالِغَةِ فَتَتَفَرَّقونَ عَنها ، كَأنَّكُم حُمُرٌ مُستَنفِرَةٌ فَرَّت مِن قَسوَرَةٍ ۳ ، وأحُثُّكُم عَلى جِهادِ أهلِ الجَورِ فَما آتي عَلى آخِرِ قَولي حَتّى أراكُم مُتَفَرِّقينَ أيادِيَ سَبَأٍ ، تَرجِعونَ إلى مَجالِسِكُم تَتَرَبَّعونَ حِلَقا ، تَضرِبونَ الأَمثالَ وتَناشَدونَ الأشعارَ ، وتَجَسَّسونَ الأَخبارَ ، حَتّى إذا تَفَرَّقتُم تَسأَلونَ عَنِ الأَسعارِ ، جَهلةً مِن غَيرِ عِلمٍ ، وغَفلةً مِن غَيرِ وَرَعٍ ، وتَتَبُّعا في غَير خَوفٍ ، نَسيتُمُ الحَربَ والاِستِعدادَ لَها ، فَأَصبَحَت قُلوبُكُم فارِغَةً مِن ذِكرِها ، شَغَلتُموها بِالأَعاليلِ وَالأَباطيلِ . فَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ ! وما لي لا أعجَبُ مِنِ اجتِماعِ قَومٍ عَلى باطِلِهِم ، وتَخاذُلِكُم عَن حَقِّكُم !
يا أهلَ الكوفَةِ ! أنتُم كَاُمِّ مُجالِدٍ ، حَمَلَت فَأَملَصَت ۴ ، فَماتَ قَيِّمُها ، وطالَ تَأَيُّمُها ،
1.الخَفْض : الدَّعة والسكون (النهاية : ج۲ ص۵۴) .
2.الإرشاد : ج۱ ص۲۷۴ ، الغارات : ج۲ ص۵۱۱ عن عمرو بن محصن ؛ الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۷۲ كلاهما نحوه .
3.قيل : هو الرُّماة من الصيّادين . وقيل : هو الأسد . وقيل : كلُّ شديد (النهاية : ج۴ ص۶۳) .
4.إملاص المرأة الجنين : هو أن تُزلِق الجنين قبل وقت الولادة . وكلّ ما زلق من اليد فقد مَلِص (النهاية : ج۴ ص۳۵۶) .