كِيانِهِ مِن روحِ الإِسلامِ ومِن حَقيقَتِهِ ، لَم يَكُن شَيئا مِن ظُروفِ الآخَرينَ ولَم يَرتَبِط بِموجِباتِ العُمُرِ ؛ لِأَنَّ إسلامَ عَلِيٍّ كانَ أعمَقَ مِن ضَرورَةِ الاِرتِباطِ بِالظُّروفِ إذ كانَ جارِيا مِن روحِهِ كَما تَجرِي الأَشياءُ مِن مَعادِنِها وَالمِياهُ مِن يَنابيعِها . فَإِنَّ الصَّبِيَّ ما كادَ يَستَطيعُ التَّعبيرَ عَن خَلَجاتِ نَفَسِهِ ، حَتّى أدّى فَرضَ الصَّلاةِ وشَهِدَ بِاللّهِ ورَسولِهِ دونَ أن يَستَأذِنَ أو يَستَشيرَ .
لَقد كانَ أوَّلُ سُجودِ المُسلِمينَ الاُوَلِ لِالِهَةِ قُرَيشٍ !
وكانَ أوَّلُ سُجودِ عَلِيٍّ لِاءِلهِ مُحَمَّدٍ !
إلّا أنَّهُ إسلامُ الرَّجُلِ الَّذي اُتيحَ لَهُ أن يَنشَأَ عَلى حُبِّ الخَيرِ ويَنمُوَ في رِعايَةِ النَّبِيِّ ويُصبِحَ إمامَ العادِلينَ مِن بَعدِهِ ، ورُبّانَ السَّفينَةِ في غَمرَةِ العَواصِفِ وَالأَمواجِ» ۱ .
يتبيّن ممّا ذكرناه ـ وهو غيض من فيض ، ويمكن ملاحظة حقائق كثيرة تدعم ما أوردناه ـ ما يأتي :
1 ـ يعود إيمان عليّ عليه السلام إلى السنين التي سبقت الجهر بالرسالة الإسلاميّة .
2 ـ تباينت أقوال المؤرّخين في عمره عليه السلام حين تصديقه النبيّ صلى الله عليه و آله بين الثمان ۲ ، والتسع ۳ ،
1.الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانيّة : ص۳۸ .
2.التاريخ الكبير : ج۶ ص۲۵۹ الرقم ۲۳۴۳ ، السنن الكبرى : ج۶ ص۳۳۹ ح۱۲۱۶۰ ، تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۲۵ ، المعجم الكبير : ج۱ ص۹۵ ح۱۶۲ كلّها عن عروة ، تاريخ بغداد : ج۱ ص۱۳۴ ح۱ عن أبي الأسود عمّن حدّثه ، الاستيعاب : ج۳ ص۱۹۹ الرقم ۱۸۷۵ عن أبي الأسود .
3.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۱ عن محمّد بن عبد الرحمن بن زرارة ، تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۲۶ عن محمّد بن عبد الرحمن بن زرارة وحسن بن زيد وأبي نعيم ، المعارف لابن قتيبة : ص۱۶۸ عن ابن إسحاق ، تاريخ الطبري : ج۲ ص۳۱۲ ، الكامل في التاريخ : ج۱ ص۴۸۴ ، البداية والنهاية : ج۳ ص۲۵ والثلاثة الأخيرة عن الكلبي ، شرح نهج البلاغة : ج۱۳ ص۲۳۵ عن الشعبي .