369
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

نادَيتُكَ ، وَأَقبِل عَلَيَّ إذا ناجَيتُكَ ، فَقَد هَرَبتُ إلَيكَ ، ووَقَفتُ بَينَ يَدَيكُ مُستَكينا لَكَ مُتَضَرِّعا إلَيكَ ، راجِيا لِما لَدَيكَ ، تَراني وتَعلَمُ ما في نَفسي ، وتُخبِرُ حاجَتي وتَعرِفُ ضَميري ، ولا يَخفى عَلَيكَ أمرُ مُنقَلَبي ومَثوايَ ، وما اُريدُ أن اُبدِئَ بِهِ مِن مَنطِقي ، وأتَفَوَّهُ بِهِ مِن طَلِبَتي ، وأرجوهُ لِعافِيَتي ، وقَد جَرَت مَقاديرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدي فيما يَكونُ مِنّي إلى آخِرِ عُمُري ، مِن سَريرَتي وعَلانِيَتي ، وبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيرِكَ زِيادَتي ونَقصي ، ونَفعي وضَرّي .
إلهي إن حَرَمتَني فَمَن ذَا الَّذي يَرزُقُني ؟ ! وإن خَذَلتَني فَمَن ذَا الَّذي يَنصُرُني ؟ !
إلهي أعوذُ بِكَ مِن غَضَبِكَ وحُلولِ سَخَطِكَ .
إلهي إن كُنتُ غَيرَ مُستَأهِلٍ لِرَحمَتِكَ فَأَنتَ أهلٌ أن تَجودَ عَلَيَّ بِفَضلِ سَعَتِكَ .
إلهي كَأَ نّي بِنَفسي واقِفَةٌ بَينَ يَدَيكَ ، وقَد أظَلَّها حُسنُ تَوَكُّلي عَلَيكَ ، فَفَعَلتَ ما أنتَ أهلُهُ ، وتَغَمَّدتَني بِعَفوِكَ . إلهي إن عَفَوتَ فَمَن أولى مِنكَ بِذلِكَ ؟ ! وإن كانَ قَد دَنا أجَلي ولَم يُدنِني مِنكَ عَمَلي ، فَقَد جَعَلتُ الإِقرارَ بِالذَّنبِ إلَيكَ وَسيلَتي . إلهي قَد جُرتُ عَلى نَفسي فِي النَّظَرِ لَها ، فَلَهَا الوَيلُ إن لَم تَغفِر لَها ! إلهي لَم يَزَل بِرُّكَ عَلَيَّ أيّامَ حَياتي ، فَلا تَقطَع بِرَّكَ عَنّي في مَماتي . إلهي كَيفَ آيَسُ مِن حُسنِ نَظَرِكَ لي بَعدَ مَماتي ، وأنتَ لَم تُوَلِّني إلَا الجَميلَ في حَياتي ؟ ! إلهي تَوَلَّ مِن أمري ما أنتَ أهلُهُ ، وعُد عَلَيَّ بِفَضلِكَ عَلى مُذنِبٍ قَد غَمَرَهُ جَهلُهُ .
إلهي قَد سَتَرتَ عَلَيَّ ذُنوبا فِي الدُّنيا ، وأنَا أحوَجُ إلى سَترِها عَلَيَّ مِنكَ فِي الاُخرى . إلهي قَد أحسَنتَ إلَيَّ إذ لَم تُظهِرها لِأَحَدٍ مِن عِبادِكَ الصّالِحينَ ، فَلا تَفضَحني يَومَ القِيامَةِ عَلى رُؤوسِ الأَشهادِ . إلهي جودُكَ بَسَطَ أمَلي ، وعَفوُكَ أفضَلُ مِن عَمَلي . إلهي فَسُرَّني بِلِقائِكَ يَومَ تَقضي فيهِ بَينَ عِبادِكَ . إلهِي اعتِذاري إلَيكَ اعتِذارُ مَن لَم يَستَغنِ عَن قَبولِ عُذرِهِ ، فَاقبَل عُذري يا أكرَمَ مَنِ اعتَذَرَ إلَيه


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
368

اللّهُمَّ يا مُذِلَّ كُلِّ جَبّارٍ ، ويا مُعِزَّ المُؤمِنينَ ، أنتَ كَهفي حينَ تُعيِينِي المَذاهِبُ ، وأنتَ بارِئُ خَلقي رَحمَةً بي ، وقَد كُنتَ عَن خَلقي غَنِيّا ، ولَولا رَحمَتُكَ لَكُنتُ مِنَ الهالِكينَ ، وأنتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصرِ عَلى أعدائي ، ولَولا نَصرُكَ إيّايَ لَكُنتُ مِنَ المَفضوحينَ . يا مُرسِلَ الرَّحمَةِ مِن مَعادِنِها ، ومُنشِئَ البَرَكَةِ مِن مَواضِعِها ، يا مَن خَصَّ نَفسَهُ بِالشُّموخِ وَالرِّفعَةِ ، فَأَولِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَتَعَزَّزونَ ، يا مَن وَضَعَت لَهُ المُلوكُ نيرَ المَذَلَّةِ عَلى أعناقِهِم ، فَهُم مِن سَطَواتِهِ خائِفونَ .
أسأَلُكَ بِكَينُونِيَّتِكَ الَّتي اشتَقَقتَها مِن كِبرِيائِكَ ، وأسأَلُكَ بِكِبرِيائِكَ الَّتي اشتَقَقتَها مِن عِزَّتِكَ ، وأسأَلُكَ بِعِزَّتِكَ الَّتي استَوَيتَ بِها عَلى عَرشِكَ فَخَلَقتَ بِها جَميعَ خَلقِكَ فَهُم لَكَ مُذعِنونَ ، أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وأهلِ بَيتِهِ .
قالَ : ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيءٍ خَفِيَ عَنّي ، ثُمَّ التَفَتَ إلَيَّ فَقالَ :
يا عَدِيُّ أ سَمِعتَ ؟ قُلتُ : نَعَم . قالَ : أ حَفِظتَ ؟ قُلتُ : نَعَم .
قالَ : وَيحَكَ احفَظهُ وَاعرِبهُ ! فَوَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ ونَصَبَ الكَعبَةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ! ما هُوَ عِندَ أحَدٍ مِن أهلِ الأَرضِ ، ولا دَعا بِهِ مَكروبٌ إلّا نَفَّسَ اللّهُ كُربَتَهُ ۱ .

ي : شَهرُ شَعبانَ

المُناجاةُ الشَّعبانِيَّةُ

۴۴۷۵.الإقبال عن ابن خالويه :إنَّها [أيِ المُناجاةَ الشَّعبانِيَّةَ ]مُناجاةُ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ وَالأَئِمَّةِ مِن وُلدِهِ عليهم السلام ، كانوا يَدعونَ بِها في شَهرِ شَعبانَ :
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاسمَع دُعائي إذا دَعَوتُكَ ، وَاسمَع نِدائي إذا

1.الإقبال : ج۳ ص۲۳۷ ، مصباح الزائر : ص۳۱۰ وراجع بحار الأنوار : ج۸۶ ص۲۲۵ ح۴۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 242426
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي