385
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

كَيدِ العِدى ، ووِقايَةً مِن مُردِياتِ الهَوى ، إنَّكَ قادِرٌ عَلى ما تَشاءُ ، تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ ، وتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ ، وتُعِزُّ مَن تَشاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ ، بِيَدِكَ الخَيرُ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، تولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهارِ وتولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيلِ ، وتُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وتُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ، وتَرزُقُ مَن تَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ .
سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ ! مَن ذا يَعرِفُ قَدرَكَ فَلا يَخافُكَ ؟ ! ومَن ذا يَعلَمُ ما أنتَ فَلا يَهابُكَ ؟ ! ألَّفتَ بِمَشِيَّتِكَ الفِرَقَ ، وفَلَقتَ بِقُدرَتِكَ الفَلَقَ ، وأنَرتَ بِكَرَمِكَ دَياجِيَ الغَسَقِ ، وأنهَرتَ المِياهَ مِنَ الصُّمِّ الصَّياخيدِ ۱ عَذبا واُجاجا ، وأنزَلتَ مِنَ المُعصِراتِ ماءً ثَجّاجا ، وجَعَلتَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لِلبَرِيَّةِ سِراجا وَهّاجا ، مِن غَيرِ أن تُمارِسَ فيمَا ابتَدَأتَ بِهِ لُغوبا ولا عِلاجا .
فَيا مَن تَوَحَّدَ بِالعِزِّ وَالبَقاءِ ، وقَهَرَ عِبادَهُ بِالمَوتِ وَالفَناءِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الأَتقِياءِ ، وَاسمَع نِدائي ، وَاستَجِب دُعائي ، وحَقِّق بِفَضلِكَ أمَلي ورَجائي ، يا خَيرَ مَن دُعِيَ لِكَشفِ الضُّرِّ ، وَالمَأمولِ لِكُلِّ يُسرٍ وعُسرٍ ، بِكَ أنزَلتُ حاجَتي ، فَلا تَرُدَّني مِن سَنِيِّ مَواهِبِكَ خائِبا ، يا كَريمُ يا كَريمُ يا كَريمُ ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ العَلِيِّ العَظيمِ .
ثُمَّ يَسجُدُ ويَقولُ :
إلهي قَلبي مَحجوبٌ ، ونَفسي مَعيوبٌ ، وعَقلي مَغلوبٌ ، وهَوائي غالِبٌ ، وطاعَتي قَليلَةٌ ، ومَعصِيَتي كَثيرَةٌ ، ولِساني مُقِرٌّ بِالذُّنوبِ ، فَكَيفَ حيلَتي يا سَتّارَ العُيوبِ ، ويا عَلّامَ الغُيوبِ ، وياكاشِفَ الكُروبِ ؟ ! اغفِر ذُنوبي كُلَّها بِحُرمَةِ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، يا غَفّارُ يا غَفّارُ يا غَفّارُ ، بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ ۲ .

1.الصَّيخود : الصخرةُ الشديدة (النهاية : ج۳ ص۱۴) .

2.بحار الأنوار : ج۸۷ ص۳۳۹ ح۱۹ و ج۹۴ ص۲۴۳ ح۱۱ كلاهما نقلاً عن اختيار ابن الباقي .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
384

مِنّي بِأَزِمَّةِ القُنوعِ .
إلهي إن لَم تَبتَدِئنِي الرَّحمَةُ مِنكَ بِحُسنِ التَّوفيقِ ، فَمَنِ السّالِكُ بي إلَيكَ في واضِحِ الطَّريقِ ! وإن أسلَمَتني أناتُكَ لِقائِدِ الأَمَلِ وَالمُنى ، فَمَنِ المُقيلُ عَثَراتي مِن كَبَواتِ الهَوى ! وإن خَذَلَني نَصرُكَ عِندَ مُحارَبَةِ النَّفسِ وَالشَّيطانِ ، فَقَد وَكَلَني خِذلانُكَ إلى حَيثُ النَّصَبِ وَالحِرمانِ .
إلهي أ تَراني ما أتَيتُكَ إلّا مِن حَيثُ الآمالِ ؟ ! أم عَلِقتُ بِأَطرافِ حِبالِكَ إلّا حينَ باعَدَتني ذُنوبي عَن دارِ الوِصالِ ، فَبِئسَ المَطِيَّةُ الَّتِي امتَطَت نَفسي مِن هَواها ! فَواها لَها لِما سَوَّلَت لَها ظُنونُها ومُناها ! وتَبّا لَها لِجُرأَتِها عَلى سَيِّدِها ومَولاها !
إلهي قَرَعتُ بابَ رَحمَتِكَ بِيَدِ رَجائي ، وهَرَبتُ إلَيكَ لاجِئا مِن فَرطِ أهوائي ، وعَلَّقتُ بِأَطرافِ حِبالِكَ أنامِلَ وَلائي ، فَاصفَحِ اللّهُمَّ عَمّا كُنتُ أجرَمتُهُ مِن زَلَلي وخَطَئي ، وأقِلني مِن صَرعَةِ دائي ، فَإِنَّكَ سَيِّدي ومَولايَ ومُعتَمَدي ورَجائي ، وأنتَ غايَةُ مَطلوبي ومُنايَ في مُنقَلَبي ومَثوايَ .
إلهي كَيفَ تَطرُدُ مِسكينا التَجَأَ إلَيكَ مِنَ الذُّنوبِ هارِبا ؟ ! أم كَيفَ تُخَيِّبُ مُستَرشِدا قَصَدَ إلى جَنابِكَ صاقِباً ۱ ؟ ! أم كَيفَ تَرُدُّ ظَمآنا وَرَدَ إلى حِياضِكَ شارِبا ؟ ! كَلّا وحِياضُكَ مُترَعَةٌ في ضَنكِ المَحولِ ، وبابُكُ مَفتوحٌ لِلطَّلَبِ وَالوُغولِ ، وأنتَ غايَةُ المَسؤولِ ، ونِهايَةُ المَأمولِ .
إلهي هذِهِ أزِمَّةُ نَفسي عَقَلتُها بِعِقالِ مَشِيَّتِكَ ، وهذِهِ أعباءُ ذُنوبي دَرَأتُها بِعَفوِكَ ورَحمَتِكَ ، وهذِهِ أهوائِيَ المُضِلَّةُ وَكَلتُها إلى جَنابِ لُطفِكَ ورَأفَتِكَ ، فَاجعَلِ اللّهُمَّ صَباحي هذا نازِلاً عَلَيَّ بِضِياءِ الهُدى ، وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ وَالدُّنيا ، ومَسائي جُنَّةً مِن

1.الصَّقَبُ : القُربُ والمُلاصَقَة (النهاية : ج۳ ص۴۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 230004
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي