ولَم يَمنَعني حِلمُكَ عَنّي وعَودُكَ عَلَيَّ بِفَضلِكَ أن عُدتُ في مَعاصيكَ .
فَأَنتَ العَوّادُ بِالفَضلِ وأنَا العَوّادُ بِالمَعاصي ، فَيا أكرَمَ مَن اُقِرَّ لَهُ بِذَنبٍ ، وأعَزَّ مَن خُضِعَ لَهُ بِذُلٍّ ، لِكَرَمِكَ أقرَرتُ بِذَنبي ، ولِعِزِّكَ خَضَعتُ بِذُلّي ، فَما أنتَ صانِعٌ بي في كَرَمِكَ ، وإقراري بِذَنبي . وعِزِّكَ وخُضوعي بِذُلّي ، افعَل بي ما أنتَ أهلُهُ ، ولا تَفعَل بي ما أنَا أهلُهُ ۱ .
۴۵۴۸.المزار الكبير عن أبي الحسن عليّ بن ميثم :حَدَّثَني مَيثَمٌ قالَ : أصحَرَ بي مَولايَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام لَيلَةً مِنَ اللَّيالي حَتّى خَرَجَ مِنَ الكوفَةِ وَانتَهى إلى مَسجِدٍ جُعفِيٍّ ، تَوَجَّهَ إلَى القِبلَةِ وصَلّى أربَعَ رَكَعاتٍ فَلَمّا سَلَّمَ وسَبَّحَ بَسَطَ كَفَّيهِ وقالَ :
إلهي كَيفَ أدعوكَ وقَد عَصَيتُكَ ؟ ! وكَيفَ لا أدعوكَ وقَد عَرَفتُكَ ؟ ! وحُبُّكَ في قَلبي مَكينٌ ، مَدَدتُ إلَيكَ يَداً بِالذُّنوبِ مَملوءَةً ، وعَيناً بِالرَّجاءِ مَمدودَةً .
إلهي أنتَ مالِكُ العَطايا وأنَا أسيرُ الخَطايا ، ومِن كَرَمِ العُظَماءِ الرِّفقُ بِالاُسَراءِ ، وأنَا أسيرٌ بِجُرمي مُرتَهَنٌ بِعَمَلي .
إلهي ما أضيَقَ الطَّريقَ عَلى مَن لَم تَكُن دَليلَهُ ! وأوحَشَ المَسلَكَ عَلى مَن لَم تَكُن أنيسَهُ !
إلهي لَئِن طالَبَتني بِذُنوبي لَاُطالِبَنَّكَ بِعَفوِكَ ، وإن طالَبتَني بِسَريرَتي لَاُطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ ، وإن طالَبتَني بِشَرّي لَاُطالِبَنَّكَ بِخَيرِكَ ، وإن جَمَعتَ بَيني وبَينَ أعدائِكَ فِي النّارِ لَاُخبِرَنَّهُم أنّي كُنتُ لَكَ مُحِبّا ، وأنَّني كُنتُ أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ .
إلهي هذا سُروري بِكَ خائِفاً فَكَيفَ سُروري بِكَ آمِناً ؟ !