411
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

بِنَظَرِكَ إلَيَّ فيما يَنفَعُني .
إلهي إنِ انقَرَضَت بِغَيرِ ما أحبَبتَ مِنَ السَّعيِ أيّامي فَبِالإِيمانِ أمضَيتُ السّالِفاتِ مِن أعوامي ، إلهي جِئتُكَ مَلهوفاً وقَد اُلبِستُ عَدَمَ فاقَتي ، وأقامَني مَعَ الأَذِلّاءِ بَينَ يَدَيكَ ضُرُّ حاجَتي ، إلهي كَرُمتَ فَأَكرِمني إذ كُنتُ مِن سُؤّالِكَ ، وجُدتَ بِالمَعروفِ فَاخِلطني بِأَهلِ نَوالِكَ ، إلهي أصبَحتُ عَلى بابٍ مِن أبوابِ مِنَحِكَ سائِلاً ، وعَنِ التَّعَرُّضِ لِسِواكَ بِالمَسأَلَةِ عادِلاً ، ولَيسَ مِن شَأنِكَ رَدُّ سائِلٍ مَلهوفٍ ومُضطَرٍّ لِانتِظارِ خَيرٍ مِنكَ مَألوفٍ .
إلهي أقَمتُ عَلى قَنطَرَةِ الأَخطارِ مَبلُوّا بِالأَعمالِ وَالاِختِبارِ إن لَم تُعِن عَلَيها بِتَخفيفِ الأَثقالِ وَالآصارِ ، إلهي أمِن أهلِ الشَّقاءِ خَلَقتَني فَاُطيلُ بُكائي ، أم مِن أهلِ السَّعادَةِ خَلقتَني فَاُبَشِّرَ رَجائي ؟ ! إلهي إن حَرَمتَني رُؤيَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وصَرَفتَ وَجهَ تَأميلي بِالخَيبَةِ في ذلِكَ المَقامِ فَغَيرُ ذلِكَ مَنَّتني نَفسي يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ وَالطَّولِ وَالإِنعامِ .
إلهي لَو لَم تَهدِني إلَى الإِسلامِ مَا اهتَدَيتُ ، ولَو لَم تَرزُقنِي الإِيمانَ بِكَ ما آمَنتُ ، ولَو لَم تُطلِق لِساني بِدُعائِكَ ما دَعَوتُ ، ولَو لَم تُعرِّفني حَلاوَةَ مَعرِفَتِكَ ما عَرَفتُ ، إلهي إن أقعَدَنِي التَّخَلُّفُ عَنِ السَّبقِ مَعَ الأَبرارِ فَقَد أقامَتنِي الثِّقَةُ بِكَ عَلى مَدارِجِ الأَخيارِ .
إلهي قَلبٌ حَشَوتُهُ مِن مَحَبَّتِكَ في دارِ الدُّنيا ، كَيفَ تُسلِّطُ عَلَيهِ ناراً تُحرِقُهُ في لظى ؟ ! إلهي كُلُّ مَكروبٍ إلَيكَ يَلتَجِئُ ، وكُلُّ مَحرومٍ لَكَ يَرتَجي .
إلهي سَمِعَ العابِدونَ بِجَزيلِ ثَوابِكَ فَخَشَعوا ، وسَمِعَ المُزِلّونَ عَنِ القَصدِ بِجودِكَ فَرَجَعوا ، وسَمِعَ المُذنِبونَ بِسَعَةِ رَحمَتِكَ فَتَمَتَّعوا ، وسَمِعَ المُجرِمونَ بِكَرَمِ عَفوِكَ فَطَمِعوا ، حَتَّى ازدَحَمَت عَصائِبُ العُصاةِ مِن عِبادِكَ ، وعَجَّ إلَيكَ كُلٌّ مِنهُمُ عَجيج


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
410

إلهِي الطّاعَةُ تَسُرُّكَ وَالمَعصِيَةُ لا تُضُرُّكَ ، فَهَب لي ما يَسُرُّكَ وَاغفِر لي ما لا يَضُرُّكَ ، وتُب عَلَيَّ إنَّكَ أنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَارحَمني إذَا انقَطَعَ مِنَ الدُّنيا أثَري ، وَامتَحى مِنَ المَخلوقينَ ذِكري ، وصِرتُ مِنَ المَنسِيّينَ كَمَن قَد نُسِيَ .
إلهي كَبِرَ سِنّي ودَقَّ عَظمي ، ونالَ الدَّهرُ مِنّي ، وَاقتَرَبَ أجَلي ، ونَفِدَت أيّامي ، وذَهَبَت مَحاسني ، ومَضَت شَهوَتي ، وبَقِيَت تَبِعَتي ، وبَلِيَ جِسمي ، وتَقَطَّعَت أوصالي ، وتَفَرَّقَت أعضائي ، وبَقيتُ مُرتَهَنا بِعَمَلي .
إلهي أفحَمَتني ذُنوبي وَانقَطَعَت مَقالتي ولا حُجَّةَ لي . إلهي أنَا المُقِرُّ بِذَنبي ، المُعتَرِفُ بِجُرمي ، الأَسيرُ بِإِساءَتي ، المُرتَهَنُ بِعَمَلي ، المُتَهَوِّرُ في خَطيئَتي ، المُتَحَيِّرُ عَن قَصدي ، المُنقَطِعُ بي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وتَفَضَّل عَلَيَّ وتَجاوَز عَنّي .
إلهي إن كانَ صَغُرَ في جَنبِ طاعَتِكَ عَمَلي فَقَد كَبُرَ في جَنبِ رَجائِكَ أمَلي ، إلهي كَيفَ أنقَلِبُ بِالخَيبَةِ مِن عِندَكَ مَحروماً وكُلُّ ظَنّي بِجودِكَ أن تَقلِبَني بِالنَّجاةِ مَرحوماً ؟ ! إلهي لم اُسَلِّط عَلى حُسنِ ظَنّي بِكَ قُنوطَ الآيِسينَ ، فَلا تُبطِل صِدقَ رَجائي مِن بَينِ الآمِلينَ .
إلهي عَظُمَ جُرمي إذ كُنتَ المُطالِبَ بِهِ ، وكَبُرَ ذَنبي إذ كُنتَ المُبارَزَ بِهِ ، إلّا أنّي إذا ذكرتُ كِبَرَ ذَنبي وعِظَمَ عَفوِكَ وغُفرانِكَ ، وَجَدتُ الحاصِلَ بَينَهُما لي أقرَبَهُما إلى رَحمَتِكَ ورِضوانِكَ . إلهي إن دَعاني إلَى النّارِ مَخشِيُّ عِقابِكَ فَقَد ناداني إلَى الجَنَّةِ بِالرَّجاءِ حُسنُ ثَوابِكَ .
إلهي إن أوحَشَتنِي الخَطايا عَن مَحاسِنِ لُطفِكَ فَقَد آنَسَتني بِاليَقينِ مَكارِمُ عَفوِكَ ، إلهي إن أنامَتنِي الغَفلَةُ عَنِ الاِستِعدادِ لِلِقائِكَ فَقَد أنبَهَتنِي المَعرِفَةُ يا سَيِّدي بِكَرَمِ آلائِكَ . إلهي إن عَزَبَ لُبّي عَن تَقويمِ ما يُصلِحُني فَما عَزَبَ إيقانى
¨

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 326342
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي