419
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

مَصارينُ البَطِّ مَحشُوَّةٌ بِالمُخِّ قَد قُلِيَ بِدُهنِ الفُستُقِ وذُرَّ عَليَهِ الطَّبَرْزَدُ ۱ . فَبَكَيتُ ، فَقالَ : ما يُبكيكَ ؟
قُلتُ : ذَكَرتُ عَلِيّا رضى الله عنه ، بَينا أنَا عِندَهُ وحَضَرَ وَقتُ إفطارِهِ فَسَأَلَنِي المُقامَ ، إذ دَعا بِجِرابٍ مَختومٍ ، قُلتُ : ما فِي الجِرابِ ؟
قالَ : سَويقُ شَعيرٍ .
قُلتُ : خَتَمتَ عَلَيهِ أن يُؤخَذَ ، أو بَخِلتَ بِهِ ؟
قال : لا ، ولا أحَدَهُما ، ولكِنّي خِفتُ أن يَلُتَّهُ ۲ الحَسَنُ أوِ الحُسَينُ بِسَمنٍ أو زَيتٍ .
قُلتُ : مُحَرَّمٌ هُوَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ !
قالَ : لا ، ولكِن يَجِبُ عَلى أئِمَّةِ الحَقِّ أن يَعتَدّوا أنفُسَهُم مِن ضَعَفَةِ النّاسِ ؛ لِئَلّا يُطغِيَ الفَقيرَ فَقرُهُ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : ذَكَرتَ مَن لا يُنكَرُ فَضلُهُ ۳ .

۴۵۶۱.تذكرة الخواصّ عن سويد بن غفلة :دَخَلتُ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام يَوما ولَيسَ في دارِهِ سِوى حَصيرٍ رَثٍّ وهُوَ جالِسُ عَلَيهِ ، فَقُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أنتَ مَلِكُ المُسلِمينَ ، وَالحاكِمُ عَلَيهِم وعَلى بَيتِ المالِ ، وتَأتيكَ الوُفودُ ، ولَيسَ في بَيتِكَ سِوى هذَا الحَصيرِ شَيءٌ ؟
فَقالَ : يا سُوَيدُ ، إنَّ اللَّبيبَ لا يَتَأَثَّثُ في دارِ النُّقلَةِ وأمامَنا دارُ المُقامَةِ ، قَد نَقَلنا إلَيها مَتاعَنا ، ونَحنُ مُنقَلِبونَ إلَيها عَن قَريبٍ .

1.الطَّبَرْزَذُ : السُّكَّر ، فارسيّ معرّب (لسان العرب : ج۳ ص۴۹۷) .

2.يَلُتّ السَّويق : أي يَخلِطُه (النهاية : ج۴ ص ۲۳۰) .

3.نثر الدرّ : ج۱ ص۳۰۴ ، حلية الأبرار : ج۲ ص۲۳۳ ح۲۰ وراجع ينابيع المودّة : ج۱ ص۴۴۷ ح۱۶ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
418

قالَ : فَبَكيتُ .
فَقالَ : ما يُبكيكَ ؟
فَقُلتُ : لِلّهِ دَرُّ ابنِ أبي طالِبٍ !
لَقَد جادَ مِن نَفسِهِ بِما لَم تَسمَح بِهِ أنتَ ولا غَيرُكَ .
فَقالَ : وكَيفَ ؟
قُلتُ : دَخَلتُ عَلَيهِ لَيلَةً عِندَ إفطارِهِ ، فَقالَ لي : قُم فَتَعَشَّ مَعَ الحَسَنِ وَالحُسَينِ . ثُمَّ قامَ إلَى الصَّلاةِ ، فَلَمّا فَرَغَ دَعى بِجِرابٍ مَختومٍ بِخاتَمِهِ ، فَأَخرَجَ مِنهُ شَعيرا مَطحونا ، ثُمَّ خَتَمَهُ ، فَقُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، لَم أعهَدكَ بَخيلاً ! فَكَيفَ خَتَمتَ عَلى هذَا الشَّعيرِ ؟
فَقالَ : لَم أختِمهُ بُخلاً ، ولكِن خِفتُ أن يَبُسَّهُ ۱ الحَسَنُ وَالحُسَينُ بِسَمنٍ أو إهالَةٍ ۲ .
فَقُلتُ : أحرامٌ هُوَ ؟
قالَ : لا ، ولكِن عَلى أئِمَّةِ الحَقِّ أن يَتَأَسَّوا بِأَضعَفِ رَعِيَّتِهِم حالاً فِي الأَكلِ وَاللِّباسِ ، ولا يَتَمَيَّزونَ عَلَيهِم بِشَيءٍ لا يَقدِرونَ عَلَيهِ ؛ لِيَراهُمُ الفَقيرُ فَيَرضى عَنِ اللّهِ تَعالى بِما هُوَ فيهِ ، ويَراهُمُ الغَنِيُّ فَيَزدادُ شُكرا وتَواضُعا ۳ .

۴۵۶۰.نثر الدرّ :قالَ الأَحنَفُ : دَخَلتُ عَلى مُعاوِيَةَ ، فَقَدَّمَ لي مِنَ الحارِّ وَالبارِدِ وَالحُلوِ وَالحامِضِ ما كَثُرَ تَعَجُّبي مِنهُ ، ثُمَّ قَدَّمَ لي لَونا لَم أدرِ ما هُوَ ، فَقُلتُ : ما هذا ؟قالَ :

1.بَسّ السَّويقَ : خلطه بسمن أو زيت (لسان العرب : ج۶ ص۲۶) .

2.الإهالة : كلّ شيء من الأدهان ممّا يُؤتدم به ، وقيل : هو ما اُذيب من الإلية والشحم ، وقيل : الدَّسَم الجامد (النهاية : ج۱ ص۸۴) .

3.تذكرة الخواصّ : ص۱۱۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 242519
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي