77
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَا وَحْىٌ يُوحَى» 1 وإن كانَ مِن قِبَلِ اللّهِ تَعالى فَقَد أمَرَ اللّهُ تَعالى نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله بِدُعاءِ عَلِيٍّ عليه السلام مِن بَينِ صَبيانِ النّاسِ وإيثارِهِ عَلَيهِم ، فَدَعاهُ ثِقَةً بِهِ وعِلماً بِتَأييدِ اللّهِ تَعالى .
وخُلَّةٌ اُخرى : خَبِّروني عَنِ الحَكيمِ هَل يَجوزُ أن يُكَلِّفَ خَلقَهُ ما لا يُطيقونَ؟ فَإِن قُلتُم : نَعَم ؛ فَقَد كَفَرتُم ، وإن قُلتُم : لا ؛ فَكَيفَ يَجوزُ أن يَأمُرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله بِدُعاءِ مَن لا يُمكِنُهُ قَبولُ ما يُؤمَرُ بِهِ لِصِغَرِهِ ، وحَداثَةِ سِنِّهِ ، وضَعفِهِ عَنِ القَبولِ؟
وخُلَّةٌ اُخرى : هَل رَأَيتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله دَعا أحَدا مِن صِبيانِ أهلِهِ وغَيرِهِم فَيَكونوا اُسوَةَ عَلِيٍّ عليه السلام ؟ فَإِن زَعَمتُم أنَّهُ لَم يَدعُ غَيرَهُ ، فَهذِهِ فَضيلَةٌ لِعَلِيٍّ عليه السلام عَلى جَميعِ صِبيانِ النّاسِ .
ثُمَّ قالَ : أيُّ الأَعمالِ أفضَلُ بَعدَ السَّبقِ إلَى الإِيمانِ؟ قالوا : الجِهادُ في سَبيلِ اللّهِ .
قالَ : فَهَل تَجِدونَ لِأَحَدٍ مِنَ العَشَرَةِ فِي الجِهادِ ما لِعَلِيٍّ عليه السلام في جَميعِ مَواقِفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِنَ الأَثَرِ ؟ هذِهِ بَدرٌ قُتِلَ مِنَ المُشرِكينَ فيها نَيِّفٌ وسِتّونَ رَجُلاً ، قَتَلَ عَلِيٌّ عليه السلام مِنهُم نَيِّفاً وعِشرينَ ، وأربَعونَ لِسائِرِ النّاسِ .
فَقالَ قائِلٌ : كانَ أبو بَكرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله في عَرِيشَةٍ 2 يُدَبِّرُها .
فَقالَ المَأمونُ : لَقَد جِئتَ بِها عَجيبَةً ! أ كانَ يُدَبِّرُ دونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، أو مَعَهُ فَيَشرَكُهُ ، أو لِحاجَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إلى رَأيِ أبي بَكرٍ؟ أيُّ الثَّلاثِ أحَبُّ إلَيكَ أن تَقولَ؟
فَقالَ : أعوذُ بِاللّهِ مِن أن أزعُمَ أنَّهُ يُدَبِّرُ دونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله أو يَشرَكُهُ أو بِافتِقارٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إلَيهِ !
قالَ : فَمَا الفَضيلَةُ فِي العَريشِ ؟ فَإِن كانَت فَضيلَةُ أبي بَكرٍ بِتَخَلُّفِهِ عَنِ الحَربِ ،

1.النجم : ۳ و۴ .

2.العَرِيْش : كلّ ما يستظلّ به (النهاية : ج۳ ص۲۰۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
76

قالوا : صَدَقتَ ، لا يَلحَقُ فاضِلُ دَهرِنا لِفاضِلِ عَصرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله .
قالَ المَأمونُ : فَانظُروا فيما رَوَت أئِمَّتُكُمُ الَّذينَ أخَذَتُم عَنهُم أديانَكُم في فَضائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام ، وقيسوا إلَيها ما رَوَوا في فَضائِلِ تَمامِ العَشَرَةِ الَّذينَ شَهِدوا لَهُم بِالجَنَّةِ ؛ فَإِن كانَت جُزءا مِن أجزاءٍ كَثيرَةٍ فَالقَولُ قَولُكُم ، وإن كانوا قَد رَوَوا في فَضائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام أكثَرَ ، فَخُذوا عَن أئِمَّتِكُم ما رَوَوا ولا تَعدوهُ . قالَ : فَأَطرَقَ القَومُ جَميعا .
فَقالَ المَأمونُ : ما لَكُم سَكَتُّم ؟ قالوا : قَدِ استُقصينا .
قالَ المَأمونُ : فَإِنّي أسأَلُكُم : خَبِّروني أيُّ الأَعمالِ كانَ أفضَلَ يَومَ بَعَثَ اللّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله ؟
قالوا : السَّبقُ إلَى الإِسلامِ ؛ لاِنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ : «السَّـبِقُونَ السَّـبِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» 1 .
قالَ : فَهَل عَلِمتُم أحَدا أسبَقَ مِن عَلِيٍّ عليه السلام إلَى الإِسلامِ؟
قالوا : إنَّهُ سَبَقَ حَدَثا لَم يَجرِ عَلَيهِ حُكمٌ ، وأبوبَكرٍ أسلَمَ كَهلاً قَد جَرى عَلَيهِ الحُكمُ ، وبَينَ هاتَينِ الحالَتَينِ فَرقٌ .
قالَ المَأمونُ : فَخَبِّروني عَن إسلامِ عَلِيٍّ عليه السلام ؛ أ بِإِلهامٍ 2 مِن قِبَلِ اللّهِ تَعالى أم بِدُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ؟ فَإِن قُلتُم : بِإِلهامٍ فَقَد فَضَّلتُموهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله لَم يُلهَم بَل أتاهُ جَبرَئيلُ عَنِ اللّهِ تَعالى داعِياً ومُعَرِّفا . فَإِن قُلتُم : بِدُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ؛ فَهَل دَعاهُ مِن قِبَلِ نَفسِهِ أو بِأَمرِ اللّهِ تَعالى؟ فَإِن قُلتُم : مِن قِبَلِ نَفسِهِ ، فَهذا خِلافُ ما وَصَفَ اللّهُ تَعالى بِهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله في قَولِهِ تَعالى : «وَ مَآ أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ» 3 . وفي قَولِهِ تَعالى : «وَ مَا يَنطِقُ عَن

1.الواقعة : ۱۰ و ۱۱ .

2.في المصدر : «أم بإلهام» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .

3.ص : ۸۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 329522
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي