79
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

قالَ : فَهذِهِ فَضيلَةٌ اُخرى ، فَكَيفَ تَكونُ القَواريرُ مِن فِضَّةٍ ؟
فَقُلتُ : لا أدري .
قالَ : يُريدُ كَأَنَّها مِن صَفائِها مِن فِضَّةٍ يُرى داخِلُها كَما يُرى خارِجُها . وهذا مِثلُ قَولِهِ صلى الله عليه و آله : «يا أنجَشَةُ ۱ ، رُوَيدا سَوقَكَ ۲ بِالقَواريرِ» ؛ وعَنى بِهِ نِساءً كَأَنَّهَا القَواريرُ رِقَّةً . وقَولُهُ صلى الله عليه و آله : «رَكِبتُ فَرَسَ أبي طَلحَةَ ، فَوَجَدتُهُ بَحرا» ؛ أي كَأَنَّهُ بَحرٌ مِن كَثرَةِ جَريِهِ وعَدوِهِ . وكَقَولِ اللّهِ تَعالى : «وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَ مَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَ مِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ»۳ أي كَأَنَّهُ [ما] ۴ يَأتيهِ المَوتُ ، ولَو أتاهُ مِن مَكانٍ واحِدٍ ماتَ .
ثُمَّ قالَ : يا إسحاقُ ، أ لَستَ مِمَّن يَشهَدُ أنَّ العَشَرَةَ فِي الجَنَّةِ؟
فَقُلتُ : بَلى .
قالَ : أ رَأَيتَ لَو أنَّ رَجُلاً قالَ : ما أدري أ صَحيحٌ هذَا الحَديثُ أم لا ، أ كانَ عِندَكَ كافِرا؟
قُلتُ : لا .
قالَ : أ فَرَأَيتَ لَو قالَ : ما أدري هذِهِ السّورَةُ قُرآنٌ أم لا ، أ كانَ عِندَكَ كافِرا؟
قُلتُ : بَلى .
قالَ : أرى فَضلَ الرَّجُلِ يَتَأَكَّدُ .
خَبِّرني ۵ يا إسحاقُ عَن حَديثِ الطّائِرِ المَشوِيِّ ؛ أ صَحيحٌ عِندَكَ ؟

1.أنْجَشة : عبدٌ أسود ، وكان حسن الصوت بالحداء ، فحدا بأزواج النبيّ صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع ، فأسرعت الإبل ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله ... الحديث (اُسد الغابة : ج۱ ص۲۸۴) .

2.في المصدر : «يا إسحاق ، رويدا شوقك بالقوارير» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .

3.إبراهيم : ۱۷ .

4.أضفنا ما بين المعقوفين من بحار الأنوار .

5.في المصدر : «خبّروني» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
78

فَيَجِبُ أن يَكونَ كُلُّ مُتَخَلِّفٍ فاضِلاً أفضَلَ مِنَ المُجاهِدينَ ، وَاللّهُ عَزَّوجَلَّ يَقولُ : «لَا يَسْتَوِى الْقَـعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ وَالْمُجَـهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَ لِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَـهِدِينَ بِأَمْوَ لِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَـعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَـهِدِينَ عَلَى الْقَـعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا»۱ .
قالَ إسحاقُ بنُ حَمّادِ بنِ زَيدٍ : ثُمَّ قالَ لي : اِقرَأ «هَلْ أَتَى عَلَى الْاءِنسَـنِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ»۲ ، فَقَرَأتُ حَتّى بَلَغتُ : «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا»۳ إلى قَولِهِ : «وَ كَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا»۴ ، فَقالَ : فيمَن نَزَلَت هذِهِ الآياتُ ؟
فَقُلتُ : في عَلِيٍّ عليه السلام .
قالَ : فَهَل بَلَغَكَ أنَّ عَلِيّا عليه السلام قالَ حينَ أطعَمَ المِسكينَ وَاليَتيمَ وَالأَسيرَ : «إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَ لَا شُكُورًا»۵ عَلى ما وَصَفَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ في كِتابِهِ؟
فَقُلتُ : لا .
قالَ : فَإِنَّ اللّهَ تَعالى عَرَفَ سَريرَةَ عَلِيٍّ عليه السلام ونِيَّتَهُ ، فَأَظهَرَ ذلِكَ في كِتابِهِ تَعريفا لِخَلقِهِ أمرَهُ ، فَهَل عَلِمتَ أنَّ اللّهَ تَعالى وَصَفَ في شَيءٍ مِمّا وَصَفَ فِي الجَنَّةِ ما في هذِهِ السّورَةِ : «قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ»۶ .
قُلتُ : لا .

1.النساء : ۹۵ .

2.الإنسان : ۱ .

3.الإنسان : ۸ .

4.الإنسان : ۲۲ .

5.الإنسان : ۹ .

6.الإنسان : ۱۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 329351
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي