81
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

«لَا تَحْزَنْ»۱ فَأَخبِرني عَن ۲ حُزنِ أبي بَكرٍ ، أ كانَ طاعَةً أو مَعصِيَةً ؟ فَإِن زَعَمتَ أنَّهُ طاعَةٌ فَقَد جَعَلتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله يَنهى عَنِ الطّاعَةِ ، وهذا خِلافُ صِفَةِ الحَكيمِ ، وإن زَعَمتَ أنَّهُ مَعصِيَةٌ ، فَأَيُّ فَضيلَةٍ لِلعاصي ؟
وخَبِّرني عَن قَولِهِ تَعالى : «فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ»۳ عَلى مَن ؟
قالَ إسحاقُ : فَقُلتُ : عَلى أبي بَكرٍ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كانَ مُستَغنِياً عَنِ السَّكينَةِ ۴ .
قال : فخبّرني عن قوله عَزَّ وجَلَّ : «وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـئا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَْرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ»۵ أ تَدري مَنِ المُؤمِنونَ الَّذينَ أرادَ اللّهُ تَعالى في هذَا المَوضِعِ؟
قالَ : فَقُلتُ : لا .
فَقالَ : إنَّ النّاسَ انهَزَموا يَومَ حُنَينٍ ، فَلَم يَبقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إلّا سَبعَةٌ مِن بَني هاشِمٍ : عَلِيٌّ عليه السلام يَضرِبُ بِسَيفِهِ ، وَالعَبّاسُ آخِذٌ بِلِجامِ بَغلَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَالخَمسَةُ يُحدِقونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله خَوفا مِن أن يَنالَهُ سِلاحُ الكُفّارِ ، حَتّى أعطَى اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى رَسولَهُ صلى الله عليه و آله الظَّفَرَ ، عَنى بِالمُؤمِنينَ في هذَا المَوضِعِ عَلِيّا عليه السلام ومَن حَضَرَ مِن بَني هاشِمٍ ، فَمَن كان أفضَلَ ؛ أمَن كانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَنَزَلَتِ السَّكينَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وعَلَيهِ ، أم مَن كانَ فِي الغارِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ولَم يَكُن أهلاً لِنُزولِها عَلَيهِ ؟
يا إسحاقُ ! مَن أفضَلُ؟ منَ كانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فِي الغارِ ، أو مَن نامَ عَلى مِهادِه

1.التوبة : ۴۰ .

2.في المصدر : «من» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .

3.في المصدر : «الصفة السكينة» وحذفنا «الصفة» كما في بحار الأنوار .

4.التوبة : ۲۵ و ۲۶ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
80

قُلتُ : بَلى .
قالَ : بانَ وَاللّهِ عِنادُكَ ؛ لا يَخلو هذا مِن أن يَكونَ كَما دَعاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ، أو يَكونَ مَردودا ، أو عَرَفَ اللّهُ الفاضِلَ مِن خَلقِهِ وكانَ المَفضولُ أحَبَّ إلَيهِ ، أو تَزعُمُ أنَّ اللّهَ لَم يَعرِفِ الفاضِلَ مِنَ المَفضولِ ؛ فَأَيُّ الثَّلاثِ أحَبُّ إلَيكَ أن تَقولَ بِهِ؟
قالَ إسحاقُ : فَأَطرَقتُ ساعَةً ثُمَّ قُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ في أبي بَكرٍ : «ثَانِىَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَـحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»۱ فَنَسَبَهُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ إلى صُحبَةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله .
فَقالَ المَأمونُ : سُبحانَ اللّهِ ! ما أقَلَّ عِلمَكَ بِاللُّغَةِ وَالكِتابِ ، أما يَكونُ الكافِرُ صاحِبا لِلمُؤمِنِ ؟ ! فَأَيُّ فَضيلَةٍ في هذِهِ؟ أما سَمِعتَ قَولَ اللّهِ تَعالى : «قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَ هُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِى خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً» ؟ ۲ فَقَد جَعَلَهُ لَهُ صاحِبا ، وقالَ الهُذَلِيُّ شِعرا :

ولَقَد غَدَوتُ وصاحِبي وَحشِيَّةٌ
تَحتَ الرِّداءِ بَصيرَةٌ بِالمَشرقِ

وقالَ الأَزدِيُّ شِعرا :

ولَقَد ذَعَرتُ الوَحشَ فيهِ وصاحِبي
مَحضُ القَوائِمِ مِن هِجانٍ هَيكَلِ

فَصَيَّرَ فَرَسَهُ صاحِبَهُ ، وأمّا قَولُهُ : «إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» فَإِنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى مَعَ البَرِّ وَالفاجِرِ ، أما سَمِعتَ قَولَهُ تَعالى : «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَـثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لَا أَدْنَى مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ»۳ . وأمّا قَولُهُ :

1.التوبة : ۴۰ .

2.الكهف : ۳۷ .

3.المجادلة : ۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 329258
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي