97
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

وصَدَدتَهُ عَنِ الخِلافَةِ ، وزَيَّنتَ لَهُ حُبَّ عَلِيٍّ وأولادِهِ ، وحَمَلتَهُ عَلى ما وَسَمَنا بِهِ مِنَ الظُّلمِ ، وحَسَّنتَ لَهُ البِدَعَ حَتّى نَطَقَ بِما نَطَقَ وقالَ ما قالَ ، فَقالَ : وَاللّهِ ما فَعَلتُهُ ! ولكِنَّهُ مَجبولٌ ومَطبوعٌ عَلى حُبِّ عَلِيٍّ ، فَلَم يَقبَلوا مِنهُ ذلِكَ ، وأخَذوهُ ودَفَنوهُ حَيّا حَتّى ماتَ ۱ .

۳۹۸۸.تاريخ اليعقوبي :ثُمَّ مَلَكَ مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، واُمُّهُ اُمُّ هاشِمٍ بِنتُ أبي هاشِمِ بنِ عُتبَةَ بنِ رَبيعَةَ أربَعينَ يَوما ، وقيلَ : بَل أربَعَةَ أشهُرٍ ، وكانَ لَهُ مَذهَبٌ جَميلٌ ، فَخَطَبَ النّاسَ ، فَقالَ :
أمّا بَعدَ حَمدِ اللّهِ وَالثَّناءِ عَلَيهِ ، أيُّهَا النّاسُ! فَإِنّا بُلينا بِكُم وبُليتُم بِنا ، فَما نَجهَلُ كَراهَتَكُم لَنا وطَعنَكُم عَلَينا ، ألا وإنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ بنَ أبي سُفيانَ نازَعَ الأَمرَ مَن كانَ أولى بِهِ مِنهُ فِي القَرابَةِ بِرَسولِ اللّهِ ، وأحَقَّ فِي الإِسلامِ ، سابِقَ المُسلِمينَ ، وأوَّلَ المُؤمِنينَ ، وَابنَ عَمِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ ، وأبا بَقِيَّةِ خاتَمِ المُرسَلينَ ، فَرَكِبَ مِنكُم ما تَعلَمونَ ورَكِبتُم مِنُه ما لا تُنكِرونَ ، حَتّى أتَتهُ مَنِيَّتُهُ وصارَ رَهنا بِعَمَلِهِ ، ثُمَّ قُلِّدَ أبي وكانَ غَيرَ خَليقٍ لِلخَيرِ ، فَرَكِبَ هَواهُ ، وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ ، وعَظُمَ رَجاؤُهُ ، فَأَخلَفَهُ الأَمَلُ ، وقَصُرَ عَنهُ الأَجَلُ ، فَقَلَّت مَنَعَتُهُ ، وَانقَطَعَت مُدَّتُهُ ، وصارَ في حُفرَتِهِ ، رَهنا بِذَنبِهِ ، وأسيرا بِجُرمِهِ .
ثُمَّ بَكى ، وقالَ : إنَّ أعظَمَ الاُمورِ عَلَينا عِلمُنا بِسوءِ مَصرَعِهِ وقُبحِ مُنقَلَبِهِ ، وقَد قَتَلَ عِترَةَ الرَّسولِ ، وأباحَ الحُرمَةَ ، وحَرَقَ الكَعبَةَ ، وما أنَا المُتَقَلِّدُ اُمورَكُم ، ولَا المُتَحَمِّلُ تَبِعاتِكُم ، فَشَأنُكُم أمرُكُم ، فَوَاللّهِ لَئِن كانَتِ الدُّنيا مَغنَما لَقَد نِلنا مِنها حَظّا ، وإن تَكُن شَرّا فَحَسبُ آلِ أبي سُفيانَ ما أصابوا مِنها ۲ .

1.حياة الحيوان الكبرى : ج۱ ص۵۷ .

2.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۵۴ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
96

أبو سِبطَيهِ ؛ سَيِّدَي شَبابِ أهِل الجَنَّةِ ، وأفضَلِ هذِهِ الاُمَّةِ ، تَربِيَةِ الرَّسولِ ، وَابنَي فاطِمَةَ البَتولِ ، مِنَ الشَّجَرَةِ الطَيِّبَةِ الطّاهِرَةِ الزّكِيَّةِ ، فَرَكِبَ جَدّي مَعَهُ ما تَعلَمونَ ، ورَكِبتُم مَعَهُ ما لا تَجهَلونَ ، حَتَّى انتَظَمَت لِجَدِّيَ الاُمورُ ، فَلَمّا جاءَهُ القَدَرُ المَحتومُ ، وَاختَرَمَتهُ أيدِي المَنونِ ، بَقِيَ مُرتَهِنا بِعَمَلِهِ ، فَريدا في قَبرِهِ ، ووَجَدَ ما قَدَّمَت يَداهُ ، ورَأى مَا ارتَكَبَهُ وَاعتَداهُ .
ثُمَّ انتَقَلَتِ الخِلافَةُ إلى يَزيدَ أبي ، فَتَقَلَّدَ أمرَكُم لِهَوىً كانَ أبوهُ فيهِ ، ولَقَد كانَ أبي يَزيدُ بِسوءِ فِعلِهِ وإسرافِهِ عَلى نَفسِهِ ، غَيرَ خَليقٍ بِالخِلافَةِ عَلى اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، فَرَكِبَ هَواهُ ، وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ ، وأقدَمَ عَلى ما أقدَمَ مِن جُرأَتِهِ عَلَى اللّهِ ، وبَغيِهِ عَلى مَنِ استَحَلَّ حُرمَتَهُ مِن أولادِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَلَّت مُدَّتُهُ ، وَانقَطَعَ أثَرُهُ ، وضاجَعَ عَمَلَهُ ، وصارَ حَليفَ حُفرَتِهِ ، رَهينَ خَطيئَتِهِ ، وبَقِيَت أوزارُهُ وتَبِعاتُهُ ، وحَصَلَ عَلى ما قَدَّمَ ونَدِمَ حَيثُ لا يَنفَعُهُ النَّدَمُ ، وشَغَلَنَا الحُزنُ لَهُ عَنِ الحُزنِ عَلَيهِ ، فَلَيتَ شِعري ماذا قالَ وماذا قيلَ لَهُ ؟ هَل عوقِبَ بِإِساءَتِهِ وجوزِيَ بِعَمَلِهِ ؟ وذلِكَ ظَنّي .
ثُمَّ اختَنَقَتهُ العَبرَةُ ، فَبَكى طَويلاً وعَلا نَحيبُهُ ، ثُمَّ قالَ : وصِرتُ أنَا ثالِثَ القَومِ ، وَالسّاخِطُ عَلَيَّ أكثَرُ مِنَ الرّاضي ، وما كُنتُ لَأَتَحَمَّلَ آثامَكُم ، ولا يَرانِيَ اللّهُ جَلَّت قُدرَتُهُ مُتَقَلِّدا أوزارَكُم وألقاهُ بِتَبِعَاتِكُم ، فَشَأنُكُم أمرُكُم فَخُذوهُ ، ومَن رَضيتُم بِهِ عَلَيكُم فَوَلّوهُ ، فَلَقَد خَلَعتُ بَيعَتي مِن أعناقِكُم . . . .
وَاللّهِ لَئِن كانَتِ الخِلافَةُ مَغنَما لَقَد نالَ أبي مِنها مَغرَما ومَأثَما ، ولَئِن كانَت سوءا فَحَسبُهُ مِنها ما أصابَهُ .
ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ عَلَيهِ أقارِبُهُ واُمُّهُ ، فَوَجَدوهُ يَبكي ، فَقالَت لَهُ اُمُّهُ : لَيتَكَ كُنتَ حَيضَةً ولَم أسمَع بِخَبَرِكَ !! فَقالَ : وَدِدتُ وَاللّهِ ذلِكَ ، ثُمَّ قالَ : وَيلي إن لَم يَرحَمني رَبّي .
ثُمَّ إنَّ بَني اُمَيَّةَ قالوا لِمُؤَدِّبِهِ عُمَرَ المَقصوصِ : أنتَ عَلَّمتَهُ هذا ولَقَّنتَهُ إيّاهُ ،

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 326328
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي