235
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6

أوهاقَ ۱ المَنِيَّةِ قائِدَةً لَهُ إلى ضَنكِ المَضجَعِ ، ووَحشَةِ المَرجِعِ ، ومُعايَنَةِ المَحَلِّ ، وثَوابِ العَمَلِ . وكَذلِكَ الخَلَفُ بِعَقبِ السَّلَفِ . لا تُقلِعُ المَنِيَّةُ اختِراما ۲
ولا يَرعَوِي الباقونَ اجتِراما . يَحتَذونَ مِثالاً ويَمضونَ أرسالاً ۳ ، إلى غايَةِ الاِنتِهاءِ ، وصَيّورِ الفَناءِ .
حَتّى إذا تَصَرَّمَتِ الاُمورُ ، وتَقَضَّتِ الدُّهورُ ، وأزِفَ ۴ النُّشورُ ؛ أخرَجَهُم مِن ضَرائِحِ القُبورِ ، وأوكارِ الطُّيورِ ، وأوجِرَةِ ۵ السِّباعِ ، ومَطارِحِ المَهالِكِ ، سِراعا إلى أمرِهِ ، مُهطِعينَ ۶ إلى مَعادِهِ . رَعيلاً صُموتا ، قِياما صُفوفا . يَنفُذُهُمُ البَصُرُ ، ويُسمِعُهُمُ الدّاعي . عَلَيهِم لَبوسُ الِاستِكانَةِ ، وضَرَعُ الِاستِسلامِ وَالذِّلَّةِ . قَد ضَلَّتِ الحِيَلُ ، وَانقَطَعَ الأَمَلُ . وهَوَتِ الأَفئِدَةُ كاظِمَةً ، وخَشَعَتِ الأَصواتُ مُهَينِمَةً ۷ . وألجَمَ ۸ العَرَقُ ، وعَظُمَ الشَّفَقُ ، واُرعِدَتِ الأَسماعُ لِزَبرَةِ الدّاعي إلى فَصلِ الخِطابِ ، ومُقايَضَةِ الجَزاءِ ، ونَكالِ العِقابِ ، ونَوالِ الثَّوابِ .
عِبادٌ مَخلوقونَ اقتِدارا ، ومَربوبونَ اقتِسارا ، ومَقبوضونَ احتِضارا ، ومُضَمَّنونَ أجداثا ، وكائِنونَ رُفاتا ۹ . ومَبعوثونَ أفرادا ، ومَدينونَ جَزاءً ، ومُمَيَّزونَ حِسابا . قَد اُمهِلوا في طَلَبِ المَخرَجِ ، وهُدوا سَبيلَ المَنهَجِ ، وعُمِّروا مَهَلَ المُستَعتِبِ ، وكُشِفَت عَنهُم سُدَفُ ۱۰ الرِّيَبِ ، وخُلّوا لِمِضمارِ الجِيادِ ، ورَوِيَّةِ الاِرتِيادِ ، وأناةِ المُقتَبِس

1.الأوهاق : جمع وَهَق ؛ وهو حَبل كالطِّوَل تُشدّ به الإبل والخَيل ، لئلّا تَندَّ (النهاية : ج۵ ص۲۳۳) .

2.يقال : اخترمهم وتَخرَّمَهم : أي اقتَطعهم واستأصلهم (النهاية : ج۲ ص۲۷) .

3.أرسالاً : أي أفواجاً وفِرَقاً متقطّعة ، يتبع بعضهم بعضاً (النهاية : ج۲ ص۲۲۲) .

4.أزِفَ : أي دنا وقَرُبَ (النهاية : ج۱ ص۴۵) .

5.أوجرة السباع : جمع وِجار ؛ وهو جُحْرها الذي تأوي إليه (النهاية : ج۵ ص۱۵۶) .

6.الإهطاع : الإسراع في العَدْو . وأهطَع : إذا مَدّ عنقَه ، وصَوّبَ رأسَه (النهاية : ج۵ ص۲۶۶) .

7.الهَيْنَمة : الكلام الخَفيّ لا يُفهَم (النهاية : ج۵ ص۲۹۰) .

8.ألجَمَ العَرَقُ : أي وصل إلى أفواههم ، فيصير لهم بمنزلة اللِّجام يَمنَعهم عن الكلام (النهاية : ج۴ ص۲۳۴).

9.الرُّفات : الحُطام من كلّ شيء تكسّر (لسان العرب : ج۲ ص۳۴) .

10.سُدَفُ الرِّيَب : ظُلَمها (النهاية : ج۲ ص۳۵۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
234

4 / 4

الخُطبَةُ الغَرّاءُ

۵۶۲۰.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَهُ ، وهِيَ مِنَ الخُطَبِ العَجيبَةِ ، وتُسمَّى الغَرّاءَ ـ: الحَمدُ للّهِِ الَّذي عَلا بِحَولِهِ ، ودَنا بِطَولِهِ ۱ . مانِحِ كُلِّ غَنيمَةٍ وفَضلٍ ، . وكاشِفِ كُلِّ عَظيمَةٍ وأزلٍ .
أحمَدُهُ عَلى عَواطِفِ كَرَمِهِ ، وسَوابِغِ نِعَمِهِ . واُؤمِنَ بِهِ أوَّلاً بادِيا ، وأستَهديهِ قَريبا هادِيا ، وأستَعينُهُ قاهِرا قادِرا ، وأتَوَكَّلُ عَلَيهِ كافِيا ناصِرا . وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله عَبدُهُ ورَسولُهُ ؛ أرسَلَهُ لِاءِنفاذِ أمرِهِ ، وإنهاءِ عُذرِهِ ، وتَقديمِ نُذُرِهِ .
اُوصيكُم عِبادَ اللّهِ بِتَقوَى اللّهِ الَّذي ضَرَبَ الأَمثالَ ، ووَقَّتَ لَكُمُ الآجالَ . وألبَسَكُمُ الرِّياشَ وأرفَغَ لَكُم المَعاشَ ۲ . وأحاطَ بِكُمُ الإِحصاءَ ۳ ، وأرصَدَ ۴ لَكُمُ الجَزاءَ ، وآثَرَكُم بِالنِّعَمِ السَّوابِغِ ، وَالرِّفَدِ الرَّوافِغِ ، وأنذَرَكُم بِالحُجَجِ البَوالِغِ . فَأَحصاكُم عَدَدا ، ووَظَّفَ لَكُم مُدَدا ، في قَرارِ خِبرَةٍ ، ودارِ عِبرَةٍ ، أنتُم مُختَبَرونَ فيها ، ومُحاسَبون عَلَيها .
فَإِنَّ الدُّنيا رَنِقٌ ۵ مَشرَبُها ، رَدِغٌ ۶ مَشرَعُها ، يونِقُ مَنظَرُها ، ويوبِقُ مَخبَرُها . غُرورٌ حائِلٌ ، وضَوءٌ آفِلٌ ، وظِلٌ زائِلٌ ، وسِنادٌ مائِلٌ . حَتّى إذا أنِسَ نافِرُها ، وَاطمَأَنَّ ناكِرُها ؛ قَمَصَت ۷ بِأَرجُلِها ، وقَنَصَت بِأَحبُلِها ، وأقصَدَت بِأَسهُمِها ، وأعلَقَتِ المَرء

1.الطَّوْل : الفَضل (النهاية : ج۳ ص۱۴۵) .

2.أي أوسَع عليكم . وعَيشٌ رافغٌ : أي واسع (النهاية : ج۲ ص۲۴۴) .

3.قال ابن أبي الحديد : تقول : حاط فلان كرْمَه : أي جعل عليه حائطاً ، فكأ نّه جعل الإحصاء والعدّ كالحائط المدار عليهم ؛ لأنّهم لا يبعدون منه ولا يخرجون عنه (شرح نهج البلاغة : ج۶ ص۲۴۵) .

4.أرصد : أعدّ (النهاية : ج۲ ص۲۲۶).

5.رَنِق : كَدِر (تاج العروس : ج۱۳ ص۱۷۷) .

6.مكانٌ رَدِغٌ : أي وَحِلٌ . والردَغَة : السماء والطين والوَحَل الكَثِير الشديد (تاج العروس : ج۱۲ ص۲۰) .

7.قَمَص : أي نَفَر وأعرَض . يقال : قَمص الفَرس ؛ وهو أن يَنفر ويَرفع يديه ويَطرحهما معاً (النهاية : ج۴ ص۱۰۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 178678
الصفحه من 496
طباعه  ارسل الي