241
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6

الحَوبَةِ ۱ قَبلَ الضَّنكِ وَالمَضيقِ ، وَالرَّوعِ وَالزُّهوقِ ، وقَبلَ قُدومِ الغائِبِ المُنتَظَرِ ، وإخذَةِ العَزيزِ المُقتَدِرِ ۲ .

4 / 5

التَّحذيرُ مِنَ الغَفلَةِ

۵۶۲۱.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَهُ في صِفَةِ الضّالِّ ـ: وهُوَ في مُهلَةٍ مِنَ اللّهِ يَهوي مَعَ الغافِلينَ ، ويَغدو مَعَ المُذنِبينَ ، بِلا سَبيلٍ قاصِدٍ ، ولا إمامٍ قائِدٍ .
... حَتّى إذا كَشَفَ لَهُم عَن جَزاءِ مَعصِيَتِهِم ، وَاستَخرَجَهُم مِن جَلابيبِ غَفلَتِهِمُ ، استَقبَلوا مُدبِرا ، وَاستَدبَروا مُقبِلاً ؛ فَلَم يَنتَفِعوا بِما أدرَكوا مِن طَلِبَتِهِم ، ولا بِما قَضَوا مِن وَطَرِهِم ۳ .
إنّي اُحَذِّرُكُم ونَفسي هذِهِ المَنزِلَةَ ؛ فَليَنتَفِعِ امرُؤٌ بِنَفسِهِ ؛ فَإِنَّمَا البَصيرُ مَن سَمِعَ فَتَفَكَّرَ ، ونَظَرَ فَأَبصَرَ ، وَانتَفَعَ بِالعِبَرِ ثُمَّ سَلَكَ جَدَدا ۴ واضِحا يَتَجَنَّبُ فيهِ الصَّرعَةَ فِي المَهاوي ، وَالضَّلالَ فِي المَغاوي ، ولا يُعينُ عَلى نَفسِهِ الغُواةَ بِتَعَسُّفٍ في حَقٍّ ، أو تَحريفٍ في نُطقٍ ، أو تَخَوُّفٍ مِن صِدقٍ .
فَأَفِق أيُّهَا السّامِعُ مِن سَكرَتِكَ ، وَاستَيقِظ مِن غَفلَتِكَ ، وَاختَصِر مِن عَجَلَتِكَ . وأنعِمِ الفِكرَ فيما جاءَكَ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ صلى الله عليه و آله مِمّا لا بُدَّ مِنهُ ، ولا مَحيصَ عَنهُ . وخالِف مَن خالَفَ ذلِكَ إلى غَيرِهِ ، ودَعهُ وما رَضِيَ لِنَفسِهِ . وضَع فَخرَكَ وَاحطُط

1.الحَوْبة : الحاجَة (النهاية : ج۱ ص۴۵۵) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۸۳ . وقال الشريف الرضي رحمه الله في ذيل الخطبة : وفي الخبر : أ نّه عليه السلام لمّا خطب بهذه الخطبة اقشعرّت لها الجلود ، وبكت العيون ، ورجفت القلوب . ومن الناس من يُسمّي هذه الخطبة : «الغَرّاء» .

3.الوَطَرُ : كلُّ حاجة كان لصاحبها فيها همّة (لسان العرب : ج۵ ص۲۸۵) .

4.الجَدَد : المستوي من الأرض (النهاية : ج۱ ص۲۴۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
240

ونِضوَ ۱ سَقَمٍ ، تَحمِلُهُ حَفَدَةُ الوِلدانِ ، وحَشَدَةُ الإِخوانِ ، إلى دارِ غُربَتِهِ ، ومُنقَطَعِ زَورَتِهِ ، ومُفرَدِ وَحشَتِهِ . حَتّى إذَا انصَرَفَ المُشَيِّعُ ، ورَجَعَ المُتَفَجِّعُ ؛ اُقعِدَ في حُفرَتِهِ ، نَجِيّا لِبَهتَةِ السُّؤالِ ، وعَثرَةِ الِامتِحانِ . وأعظَمُ ما هُنالِكَ بَلِيَّةُ نُزولُ الحَميمِ ، وتَصلِيَةُ الجَحيمِ ، وفَوراتُ السَّعيرِ ، وسَوراتُ ۲ الزَّفيرِ . لا فَترَةٌ مُريحَةٌ ، ولا دَعَةٌ مُزيحَةٌ ، ولا قُوَّةٌ حاجِزَةٌ ، ولا مَوتَةٌ ناجِزَةٌ ، ولا سِنَةٌ مُسَلِّيَةٌ بَينَ أطوارِ المَوتاتِ وعَذابِ السّاعاتِ ، إنّا بِاللّهِ عائِذونَ !
عِبادَ اللّهِ ! أينَ الَّذينَ عُمِّروا فَنَعِموا ، وعُلِّموا فَفَهِموا ، واُنظِروا فَلَهَوا وسُلِّموا فَنَسوا ! . اُمهِلوا طَويلاً ، ومُنِحوا جَميلاً ، وحُذِّروا أليما ، ووُعِدوا جَسيما . اِحذَرُوا الذُّنوبَ المُوَرِّطَةَ ، وَالعُيوبَ المُسخِطَةَ .
اُولِي الأَبصارِ وَالأَسماعِ ، وَالعافِيَةِ وَالمَتاعِ ! هَل مِن مَناصٍ أو خَلاصٍ، أو مَعاذٍ أو مَلاذٍ ، أو فِرارٍ أو مَحارٍ ۳ أم لا ؟ «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»۴ ! أم أينَ تُصرَفونَ ! أم بِماذا تَغتَرّونَ ! وإنّما حَظُّ أحَدِكُم مِنَ الأَرضِ ذاتِ الطّولِ وَالعَرضِ قيدُ ۵ قَدِّهِ ، مُتَعَفِّرا عَلى خَدِّهِ !
الآنَ عِبادَ اللّهِ وَالخِناقُ مُهمَلٌ ، وَالرّوحُ مُرسَلٌ ، في فَينَةِ ۶ الإِرشادِ ، وراحَةِ الأَجسادِ ، وباحَةِ الِاحتِشادِ ، ومَهَلِ البَقِيَّةِ ، واُنُفِ المَشِيَّةِ ، وإنظارِ التَّوبَةِ ، وَانفِساح

1.النِّضْو : الدابّة التي أهزَلتها الأسفار ، وأذهبت لَحمها (النهاية : ج۵ ص۷۲) .

2.سَوْرات : جمع سَوْرة ؛ أي شِدّة . وزَفرَت النار : سُمِع لتوقّدها صوت (تاج العروس : ج۶ ص۵۵۲ و ص۴۶۵) .

3.من حارَ يحور : إذا رجع (النهاية : ج۱ ص۴۵۹) .

4.الأنعام : ۹۵ وغيرها . وأفِكَهُ : أي صَرفَه عن الشيء وقَلَبَه (النهاية : ج۱ ص۵۶) .

5.قِيد : أي قَدْر (النهاية : ج۴ ص۱۳۱) .

6.الفَينَة : الحين والساعة (النهاية : ج۳ ص۴۸۶) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 234312
الصفحه من 496
طباعه  ارسل الي