273
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6

الكبرى» بعدما ألقت كلمتها المشهورة في الكوفة بعد واقعة كربلاء جعلت عبيد اللّه ابن زياد يقول :
هذِهِ سَجّاعَةٌ! ولَعَمري لَقَد كانَ أبوها سِجّاعا شاعِرا ۱ .
ذكر الشريف الرضي أنّ الإمام عليّاً عليه السلام لَمّا سُئِلَ : مَن أشعَرُ الشُّعَراءِ؟ قالَ :
«إنَّ القَومَ لَم يجروا في حَلبَةٍ تُعرَفُ الغايَةُ عِندَ قَصَبَتِها ، فَإِن كانَ ولابُدَّ فَالمَلِكُ الضِّلّيلُ» ۲ .
وبيّن الشريف الرضي المراد من هذا الكلام بقوله : يُريدُ امرَأَ القَيسِ ۳ .
وفي هذا السياق استند الأديب والكاتب المصري المعروف الاُستاذ عبّاس محمود العقّاد إلى هذا الخبر وإلى غيره من الأخبار قائلاً في هذا المعنى :
«وعِندَنا أنَّهُ عليه السلام كانَ يَنظِمُ الشِّعرَ ويُحسِنُ النَّظَرَ فيهِ ، وكانَ نَقدُهُ لِلشَّعَراءِ نَقدَ عَليمٍ بَصيرٍ ، يَعرِفُ اختِلافَ مَذاهِبِ القَولِ ، وَاختِلافَ وُجوهِ المُقابَلَةِ وَالتَّفضيلِ عَلى حَسَبِ المَذاهِبِ . ومِن بَصَرِهِ بِوُجوهِ المُقابَلَةِ بَينَهُم أنَّهُ سُئِلَ : مَن أشعَرُ النّاسِ ۴ ؟ قالَ : إنَّ القَومَ لَم يَجروا في حَلبَةٍ تُعرَفُ الغايَةُ عِندَ قَصَبَتِها ، فَإِن كانَ ولابُدَّ فَالمَلِكُ الضِّلّيلُ .
وهذا ـ فيما نَعتَقِدُ ـ أوَّلُ تَقسيمٍ لِمَقاييسِ الشِّعرِ عَلى حَسَبِ «المَدارِسِ» وَ«الأَغراضِ الشِّعرِيَّةِ» بَينَ العَرَبِ ، فَلا تَكونُ المُقابَلَةُ إلّا بَينَ أشباهٍ وأمثالٍ ،

1.الإرشاد : ج۲ ص۱۱۶ ، مثير الأحزان : ص۹۰ ، كشف الغمّة : ج۲ ص۲۷۶ ، بحار الأنوار : ج۴۵ ص۱۱۶ ح۱ .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۴۵۵ ؛ النهاية في غريب الحديث : ج۳ ص۹۸ .

3.نهج البلاغة : الحكمة ۴۵۵ . نقل ابن أبي الحديد عن ابن دُرَيد مضمون الجملة المذكورة ، ونقل تصريح الإمام عليه السلام بأنّ المراد من «الملك الضلّيل» امرؤ القيس (اُنظر شرح نهج البلاغة : ج۲۰ ص۱۵۳ و۱۵۴) .

4.في نهج البلاغة : «الشعراء» بدل «الناس» .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
272

بحث حول اشعاره والديوان المنسوب إليه

يحظى الشعر بمكانة مرموقة في المعارف البشريّة وذلك لدوره المتميّز في نقل المفاهيم وتخليد الأحداث وإغناء الثقافة ، أمّا من حيث المضمون فمن الواضح أنّه لا يختلف عن كثير من الأدوات والوسائل التي يمكن استخدامها كسلاح ذي حدّين ؛ فمن الممكن أن يرتدي حُلّة رائعة ، أو يتّخذ قالبا مَقيتا . ومن هنا يُعدّ نظم الشعر وإجادته منقبة ، ويُعتبر استخدامه أمرا ضروريّا .
لقد كان القادة الربّانيّون يملكون هذه المقدرة ، ولكن هناك خلاف تاريخي حول ما إذا كانوا أنفسهم ينظمون الأشعار ، وإلى أيّ حدّ؟
من هنا ، يرى البعض أنّ الإمام عليّاً عليه السلام كان معروفا بقول الشعر ، وكان متفوّقا في معرفة الشعر ، هذا فضلاً عمّا لديه من مقدرة فائقة على نقد الشعر . فعن ابن عبد ربّه :
«قالَ سَعيدُ بنُ المُسَيِّبِ : كانَ أبو بَكرٍ شاعِرا ، وعُمَرُ شاعِرا ، وعَلِيٌّ أشعَرَ الثَّلاثَةِ» ۱ .
ويبدو أنّ الشعر وإنشاء الكلام الموزون والمقفّى والمسجّع كان صفة غالبة لدى الإمام عليّ عليه السلام إلى درجة أنّه أصبح يُعرف بها ، بحيث إنّ بطلة كربلاء «زينب

1.العقد الفريد : ج۴ ص۲۳۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 173689
الصفحه من 496
طباعه  ارسل الي