449
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6

كَيفَ أقدَمتُم عَلى مُكاتَبَتي وَالحُضورِ عِندي قَبلَ أن تَعلَموا ما يَنتَهي إلَيهِ أمري وأَمرُ صاحِبِكُم ؟ وكَيفَ تَأمَنونَ ـ إن صالَحَني ورَحَلتُ ـ نِقمَتَهُ ؟
فَقالَ لَهُ والِدي : إنَّما أقدَمنا عَلى ذلِكَ ؛ لِأَ نّا رُوّينا عَن إمامِنا عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام أ نَّهُ قالَ في بَعضِ خُطَبِهِ :
«الزَّوراءُ وما أدراكَ مَا الزَّوراءُ ؟ ! أرضٌ ذاتُ أثلٍ ۱ ، يُشَيَّدُ فيهَا البُنيانُ ، ويَكثُرُ فيهَا السُّكّانُ ، ويَكونُ فيها مهارِمُ ۲ وخُزّانٌ ، يَتَّخِذُها وُلدُ العَبّاسِ مَوطنا ، ولِزُخرُفِهِم مَسكَنا ، تَكونُ لَهُم دارُ لَهوٍ ولَعِبٍ ، يَكونُ بِهَا الجَورُ الجائِرُ ، وَالحَيفُ المُحيفُ ، وَالأَئِمَّةُ الفَجَرَةُ ، وَالقُرّاءُ الفَسَقَةُ ، وَالوُزَراءُ الخَوَنَةُ ، تَخدِمُهُم أبناءُ فارِسَ وَالرّومُ .
لا يَأتَمِرونَ بَينَهُم بِمَعروفٍ إذا عَرَفوهُ ، ولا يَنتَهونَ عَن مُنكَرٍ إذا أنكَروهُ ، تَكتَفِي الرِّجالُ مِنهُم بِالرِّجالِ ، وَالنَّساءُ بِالنِّساءِ ، فَعِندَ ذلِكَ الغَمُّ الغَميمُ ، وَالبُكاءُ الطَّويلُ ، وَالوَيلُ وَالعَويلُ لِأَهلِ الزَّوراءِ مِن سَطَواتِ التُّركِ ، وما هُمُ التُّركُ ؟ قَومٌ صِغارُ الحَدَقِ ، وُجوهُهُم كَالمَجانِّ المُطَرَّقَةِ ، لِباسُهُم الحَديدُ ، جُردٌ مُردٌ ، يَقدَمُهُم مَلِكٌ يَأتي مِن حَيثُ بَدَأَ مُلكُهُم ، جَهوَرِيُّ الصَّوتِ ، قَوِيُّ الصَّولَةِ ، عالِي الهِمَّةِ ، لا يَمُرُّ بِمَدينَةٍ إلّا فَتَحَها ، ولا تُرفَعُ لَهُ رايَةٌ إلّا نَكَسَها ، الوَيلُ الوَيلُ لِمَن ناواهُ ! فَلا يَزالُ كَذلِكَ حَتّى يَظفَرَ» .
فَلَمّا وَصَفَ لَنا ذلِكَ ، ووَجَدنَا الصِّفاتِ فيكُم ، رَجَوناكَ فَقَصَدناك .
فَطَيَّبَ قُلوبَهُم ، وكَتَبَ لَهُم فَرمانا بِاسمِ والِدي رحمه اللهيُطَيِّبُ فيهِ قُلوبَ أهلِ الحِلَّةِ وأعمالِها . وَالأَخبارُ الوارِدَةُ في ذلِكَ كَثيرَةٌ ۳ .

1.الأثل : شَجَرٌ شبيه بالطَّرْفَاء إلّا أ نّه أعظم منه (النهاية : ج۱ ص۲۳) .

2.كذا .

3.كشف اليقين : ص۱۰۰ ح۹۳ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
448

3 / 13

فِتنَةُ المَغولِ

۵۸۹۹.الإمام عليّ عليه السلامـ في وَصفِ الأَتراكِ ـ: كَأَ نّي أراهُم قَوما كَأَنَّ وُجوهَهُمُ المَجانُّ المُطَرَّقُة ، يَلبَسون السَّرَقَ ۱ وَالدّيباجَ ، ويَعتَقِبونَ الخَيلَ العِتاقَ ، ويَكونُ هُناكَ استِحرارُ قَتلٍ حَتّى يَمشِيَ المَجروحُ عَلَى المَقتولِ ، ويَكونَ المُفلِتُ أقلَّ مِنَ المَأسورِ ! ۲

۵۹۰۰.كشف اليقين : قالَ الحِلِّيُّـ في بَيانِ إخبارِ عَلِيٍّ عليه السلام بِالمُغَيَّباتِ ـ: ومِن ذلِكَ : إخبارُهُ بِعِمارَةِ بَغداد ، ومُلكِ بَنِي العَبّاسِ ، وذِكرِ أحوالِهِم ، وأَخذِ المَغولِ المُلكَ مِنهُم .
رَواهُ والِدي رحمه الله وكانَ ذلِكَ سَبَبُ سَلامَةِ أهلِ الحِلَّةِ وَالكوفَةِ وَالمَشهَدَينِ الشَّريفَينِ مِنَ القَتلِ ؛ لأَ نَّهُ لَمّا وَصَلَ السُّلطانُ هولاكو إلى بَغدادَ قَبلَ أن يَفتَحَها هَرَبَ أكثَرُ أهلِ الحِلَّةِ إلَى البَطائِحِ ۳ إلّا القَليلَ ، وكانَ مِن جُملَةِ القَليلِ والِدي رحمه اللهوَالسَيّدُ مَجدُالدّينِ ابنُ طاووسَ وَالفَقيهُ ابنُ أبِي العِزِّ ، فَأَجمَعَ رَأيُهُم عَلى مُكاتَبَةِ السُّلطانِ بِأَ نَّهُم مُطيعونَ داخِلونَ تَحتَ الإيليَةِ ۴ ، وأَنفَذوا بِهِ شَخصا أعجَمِيّا .
فَأَنفَذَ السُّلطانُ إلَيهِم فَرمانا مَعَ شَخصَينِ؛ أحَدُهُما يُقالُ لَهُ : تُكلَم ، والآخَرُ يُقالُ لَهُ : عَلاءُ الدّينِ ، وقالَ لَهُما : إن كانَت قُلوبُهُم كَما وَرَدَتِ بِهِ كُتُبُهُم فَيَحضُرونَ إلَينا ، فَجاءَ الأَميرانِ ، فَخافوا لِعَدَمِ مَعرِفَتِهِم بِما يَنتَهِي الحالُ إلَيهِ ، فَقالَ والِدي رحمه الله : إن جِئتُ وَحدي كَفى ، فَقالا : نَعَم ، فَأَصعَدَ مَعَهُما .
فَلَمّا حَضَرَ بَينَ يَدَيهِ ـ وكانَ ذلِكَ قَبلَ فَتحِ بَغدادَ وقَبلَ قَتلِ الخَليفَةِ ـ قالَ لَهُ :

1.سَرَقَة : قِطعة من جَيّد الحرير ، وجمعها سَرَق (النهاية : ج۲ ص۳۶۲) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۲۸ .

3.البَطَائح : جمع بطيحة ؛ وهي أرض واسعة في جنوب العراق بين واسط والبصرة ، كانت قديما قرى متّصلة (راجع معجم البلدان : ج۱ ص۴۵۰) .

4.الإيالة : السياسة ، يقال : فلان حَسن الإيَالة وسَيّئ الإيالة (النهاية : ج۱ ص۸۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 178668
الصفحه من 496
طباعه  ارسل الي