465
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6

قالَ : يَقولونَ ذلِكَ لِشِدَّةِ اختِصاصِهِ لَهُ ، حَتّى دَخَلَ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام يَوما ، وهُوَ مُضطَجِعٌ ، وعِندَهُ قَومٌ مِن أصحابِهِ ، فَناداهُ جُوَيرِيَة :
أيُّهَا النّائِمُ استَيقِظ ، فَلَتُضرَبَنَّ عَلى رَأسِكَ ضَربَةً تُخضَبُ مِنها لِحيَتُكَ .
قالَ : فَتَبَسَّمَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، قالَ :
واُحَدِّثُكَ يا جُوَيرِيَةُ بِأَمرِكَ ؛ أمَا وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لَتُعتَلَنَّ إلَى العُتُلِّ الزَّنيمِ ، فَلَيقطَعَنَّ يَدَكَ ورِجلَكَ ولَيَصلُبَنَّكَ تَحتَ جِذعٍ كافِرٍ ۱ .
قالَ : فَوَاللّهِ ما مَضَت إلّا أيّامٌ عَلى ذلِكَ حَتّى أخَذَ زِيادٌ جُوَيرِيَةَ ، فَقَطَعَ يَدَهُ ورِجلَهُ وصَلَبَهُ إلى جانِبِ جِذعٍ ابنِ مُكَعبَرٍ ، وكانَ جِذعا طَويلاً ، فَصَلَبَهُ عَلى جِذعٍ قَصيرٍ إلى جانِبِهِ .
ورَوى إبراهيمُ في كِتابِ «الغاراتِ» عَن أحمَدَ بنِ الحَسَنِ الميثَمِيِّ ، قال :
كانَ ميثَمٌ التَّمّارُ مَولى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام عَبدا لِامرَأَةٍ مِن بَني أسَدٍ ، فَاشتَراهُ عَلِيٌّ عليه السلام مِنها وأعتَقَهُ ، وقالَ لَهُ : مَا اسمُكَ ؟
فَقالَ : سالِمٌ .
فَقالَ : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أخبَرَني أنَّ اسمَكَ الَّذي سَمّاكَ بِهِ أبوكَ فِي العَجَمِ : ميثَمٌ .
فَقالَ : صَدَقَ اللّهُ ورَسولُهُ ، وصَدَقتَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَهُوَ وَاللّهِ اسمي .
قالَ : فَارجِع إلَى اسمِكَ ، ودَع سالِما ، فَنَحنُ نُكَنّيكَ بِهِ ، فَكَنّاهُ أبا سالِمٍ .
قالَ : وقَد كانَ قَد أطلَعَهُ عَلِيٌّ عليه السلام عَلى عِلمٍ كَثيرٍ ، وأسرارٍ خَفِيَّةٍ مِن أسرارِ الوَصِيَّةِ ، فَكانَ ميثَمٌ يُحَدِّثُ بِبَعضِ ذلِكَ ، فَيَشُكُّ فيهِ قَومٌ مِن أهلِ الكوفَةِ ، ويَنسِبون

1.هكذا في المصدر ، ولم نعثر له على معنىً مناسب في كتب اللغة ، والظاهر أنّ الصواب : «كَفرٍ» ؛ قال الفيروزآبادي : الكَفر : الخشَبَة الغليظة القصيرة ( القاموس المحيط : ج۲ ص۱۲۸ ).


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
464

الإِسلامِ ، وَالويَلُ لِقاتِلِكَ !أما إنَّكَ لا تَنزِلُ بِقَومٍ إلّا أسلَموكَ بِرُمَّتِكَ ، إلّا هذَا الحَيَّ مِن بَني عَمرِو بنِ عامِرٍ مِنَ الأَزدِ ، فَإِنَّهُم لَن يُسلِموكَ ولَن يَخذِلوكَ .
قالَ : فَوَاللّهِ ما مَضَت إلّا أيّامٌ حَتّى تَنَقَّلَ عَمرُو بنُ الحَمِقِ في خِلافَةِ مُعاوِيَةَ في بَعضِ أحياءِ العَرَبِ ، خائِفا مَذعورا ، حَتّى نَزَلَ في قَومِهِ مِن بَني خُزاعَةَ ، فَأَسلَموهُ ، فَقُتِلَ وحُمِلَ رَأسُهُ مِنَ العِراقِ إلى مُعاوِيَةَ بِالشّامِ ، وهُوَ أوَّلُ رَأسٍ حُمِلَ فِي الإِسلامِ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ .
ورَوى إبراهيمُ بنُ مَيمونَ الأَزدِيُّ عَن حَبَّةَ العُرَنيِّ ، قال :
كانَ جُوَيرِيَةُ بنُ مُسهِرٍ العَبدِيُّ صالِحا ، وكانَ لِعَلِيّ بنِ أبي طالِبٍ صَديقا ، وكانَ عَلِيٌّ يُحِبُّهُ ، ونَظَرَ يَوما إلَيهِ وهُوَ يَسيرُ ، فَناداهُ : يا جُوَيرِيَةُ ، الحَق بي ، فَإِنّي إذا رَأَيتُكَ هَوَيتُكَ .
قالَ إسماعيلُ بنُ أبانٍ : فَحَدَّثَني الصَّبّاحُ عَن مُسلمٍ عَن حَبَّةَ العُرَنِيِّ ، قالَ :
سِرنا مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام يَوما فَالتَفَتَ فَإِذا جُوَيرِيَةُ خَلفَهُ بَعيدا ، فَناداهُ : يا جُوَيرِيَةُ ، الحَق بي لا أبا لَكَ ! ألا تَعلَمُ أ نّي أهواكَ واُحِبُّكَ ! قالَ : فَرَكَضَ نَحوَهُ ، فَقالَ لَهُ :
إنّي مُحَدِّثُكَ بِاُمورٍ فَاحفَظها .
ثُمَّ اشتَرَكا فِي الحَديثِ سِرّا ، فَقالَ لَهُ جُوَيرِيَةُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي رَجُلٌ نَسِيٌّ .
فَقالَ لَهُ : إنّي اُعيدُ عَلَيكَ الحَديثَ لِتَحفَظَهُ .
ثُمَّ قالَ لَهُ في آخِرِ ما حَدَّثَهُ إيّاهُ :
يا جُوَيرِيَةُ ، أحبِب حَبيبَنا ما أحَبَّنا ، فَإِذا أبغَضَنا فَأَبغِضهُ ، وأَبغِض بَغيضَنا ما أبغَضَنا ، فَإِذا أحَبَّنا فَأَحِبَّهُ .
قالَ : فَكانَ ناسٌ مِمَّن يَشُكُّ في أمرِ عَلِيٍّ عليه السلام يَقولونَ : أ تَراهُ جَعَلَ جُوَيرِيَةَوَصِيَّهُ كَما يَدَّعي هُوَ مِن وَصِيَّةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج6
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 178872
الصفحه من 496
طباعه  ارسل الي