قَد كانَ وَاللّهِ يَقولُ : إنّي مُجاوِرُكَ . فَلَمّا صُلِبَ أمَرَ جارِيَتَهُ بِكَنسِ تَحتِ خَشَبَتِهِ وَرشِّهِ وتَجميرِهِ ۱ ، فَجَعَلَ ميثَمٌ يُحَدِّثُ بِفَضائِلِ بَني هاشِمٍ ، فَقيلَ لاِبنِ زِيادٍ : قَد فَضَحَكُم هذَا العَبدُ . فَقالَ : ألجِموهُ . فَكانَ أوَّلَ خَلقِ اللّهِ اُلجِمَ فِي الإِسلامِ .
وكانَ مَقتَلُ ميثَمٍ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ قَبلَ قُدومِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام العِراقَ بِعَشَرَةِ أيّامٍ ، فَلَمّاكانَ يَومُ الثّالِثِ مِن صَلبِهِ ، طُعِنَ ميثَمُ بِالحَربَةِ ، فَكَبَّرَ ثُمَّ انبَعَثَ في آخِرِ النَّهارِ فَمُهُ وأنفُهُ دَما ۲ .
۶۷۲۵.رجال الكشّي عن حمزة بن ميثم :خَرَجَ أبي إلَى العُمرَةِ ، فَحَدَّثَني قالَ : اِستَأذَنتُ عَلى اُمِّ سَلَمَةَ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيها ، فَضَرَبَت بَيني وبَينَها خِدرا ، فَقالَت لي : أنتَ ميثَمٌ ؟ فَقُلتُ : أنَا ميثَمُ . فَقالَت : كَثيرا ما رَأَيتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ ، ابنَ فاطِمَةَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم يَذكُرُكَ . قُلتُ : فَأَينَ هُوَ ؟ قالَت : خَرَجَ في غَنَمٍ لَهُ آنِفا . قُلتُ : أنَا وَاللّهِ اُكثِرُ ذِكرَهُ فَأَقرِئيهِ السَّلامَ فَإِنّي مُبادِرٌ . فَقالَت : يا جارِيَةُ اخرُجي فَادهُنيهِ ، فَخَرَجَت فَدَهَنَت لِحيَتي بِبانٍ ۳ . فَقُلتُ : أمَا وَاللّهِ لَئِن دَهَنتِها لَتُخضَبَنَّ فيكُم بِالدِّماءِ .
فَخَرَجنا فَإِذَا ابنُ عَبّاسٍ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِما جالِسٌ ، فَقُلتُ : يَا بنَ عَبّاسٍ، سَلني ما شِئتَ مِن تَفسيرِالقُرآنِ ، فَإِنّي قَرَأتُ تَنزيلَهُ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وعَلَّمَني تَأويلَهُ . فَقالَ : يا جارِيَةُ الدَّواةَ وقِرطاسا ، فَأَقبَلَ يَكتُبُ . فَقُلتُ : يَا بنَ عَبّاسٍ ، كَيفَ بِكَ إذا رَأَيتَني مَصلوبا تاسِعَ تِسعَةٍ؛ أقصَرَهُم خَشَبَةً وأقرَبَهُم بِالمِطهَرَةِ .
فَقالَ لي : وتَكهُنُ أيضا؟! خَرِّقِ الكِتابَ . فَقُلتُ : مَه، اِحتَفِظ بِما سَمِعتَ مِنّي فَإِن يَكُ ما أقولُ لَكَ حَقّا أمسَكتَهُ ، وإن يَكُ باطِلاً خَرَّقتَهُ . قالَ : هُوَ ذاكَ .
1.أجْمَرت الثوبَ وجَمَّرته : إذا بَخَّرْته بالطيب (النهاية : ج۱ ص۲۹۳) .
2.الإرشاد : ج۱ ص۳۲۳ ، إعلام الورى : ج۱ ص۳۴۱ ؛ الإصابة : ج۶ ص۲۴۹ الرقم ۸۴۹۳ عن المؤيّد بن النّعمان ، شرح نهج البلاغة : ج۲ ص ۲۹۱ عن أحمد بن الحسن الميثمي نحوه وراجع الاختصاص : ص۷۶ .
3.البانُ : ضرب من الشجر طيّب الزهر ، واحدتها بانة ، ومنه دهن البان (الصحاح : ج۵ ص۲۰۸۲) .