509
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7

قَد كانَ وَاللّهِ يَقولُ : إنّي مُجاوِرُكَ . فَلَمّا صُلِبَ أمَرَ جارِيَتَهُ بِكَنسِ تَحتِ خَشَبَتِهِ وَرشِّهِ وتَجميرِهِ ۱ ، فَجَعَلَ ميثَمٌ يُحَدِّثُ بِفَضائِلِ بَني هاشِمٍ ، فَقيلَ لاِبنِ زِيادٍ : قَد فَضَحَكُم هذَا العَبدُ . فَقالَ : ألجِموهُ . فَكانَ أوَّلَ خَلقِ اللّهِ اُلجِمَ فِي الإِسلامِ .
وكانَ مَقتَلُ ميثَمٍ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ قَبلَ قُدومِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام العِراقَ بِعَشَرَةِ أيّامٍ ، فَلَمّاكانَ يَومُ الثّالِثِ مِن صَلبِهِ ، طُعِنَ ميثَمُ بِالحَربَةِ ، فَكَبَّرَ ثُمَّ انبَعَثَ في آخِرِ النَّهارِ فَمُهُ وأنفُهُ دَما ۲ .

۶۷۲۵.رجال الكشّي عن حمزة بن ميثم :خَرَجَ أبي إلَى العُمرَةِ ، فَحَدَّثَني قالَ : اِستَأذَنتُ عَلى اُمِّ سَلَمَةَ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيها ، فَضَرَبَت بَيني وبَينَها خِدرا ، فَقالَت لي : أنتَ ميثَمٌ ؟ فَقُلتُ : أنَا ميثَمُ . فَقالَت : كَثيرا ما رَأَيتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ ، ابنَ فاطِمَةَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم يَذكُرُكَ . قُلتُ : فَأَينَ هُوَ ؟ قالَت : خَرَجَ في غَنَمٍ لَهُ آنِفا . قُلتُ : أنَا وَاللّهِ اُكثِرُ ذِكرَهُ فَأَقرِئيهِ السَّلامَ فَإِنّي مُبادِرٌ . فَقالَت : يا جارِيَةُ اخرُجي فَادهُنيهِ ، فَخَرَجَت فَدَهَنَت لِحيَتي بِبانٍ ۳ . فَقُلتُ : أمَا وَاللّهِ لَئِن دَهَنتِها لَتُخضَبَنَّ فيكُم بِالدِّماءِ .
فَخَرَجنا فَإِذَا ابنُ عَبّاسٍ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِما جالِسٌ ، فَقُلتُ : يَا بنَ عَبّاسٍ، سَلني ما شِئتَ مِن تَفسيرِالقُرآنِ ، فَإِنّي قَرَأتُ تَنزيلَهُ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وعَلَّمَني تَأويلَهُ . فَقالَ : يا جارِيَةُ الدَّواةَ وقِرطاسا ، فَأَقبَلَ يَكتُبُ . فَقُلتُ : يَا بنَ عَبّاسٍ ، كَيفَ بِكَ إذا رَأَيتَني مَصلوبا تاسِعَ تِسعَةٍ؛ أقصَرَهُم خَشَبَةً وأقرَبَهُم بِالمِطهَرَةِ .
فَقالَ لي : وتَكهُنُ أيضا؟! خَرِّقِ الكِتابَ . فَقُلتُ : مَه، اِحتَفِظ بِما سَمِعتَ مِنّي فَإِن يَكُ ما أقولُ لَكَ حَقّا أمسَكتَهُ ، وإن يَكُ باطِلاً خَرَّقتَهُ . قالَ : هُوَ ذاكَ .

1.أجْمَرت الثوبَ وجَمَّرته : إذا بَخَّرْته بالطيب (النهاية : ج۱ ص۲۹۳) .

2.الإرشاد : ج۱ ص۳۲۳ ، إعلام الورى : ج۱ ص۳۴۱ ؛ الإصابة : ج۶ ص۲۴۹ الرقم ۸۴۹۳ عن المؤيّد بن النّعمان ، شرح نهج البلاغة : ج۲ ص ۲۹۱ عن أحمد بن الحسن الميثمي نحوه وراجع الاختصاص : ص۷۶ .

3.البانُ : ضرب من الشجر طيّب الزهر ، واحدتها بانة ، ومنه دهن البان (الصحاح : ج۵ ص۲۰۸۲) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
508

لا يَعلَمُ ما يُريدُ . وحَجَّ فِي السَّنَةِ الَّتي قُتِلَ فيها ، فَدَخَلَ عَلى اُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنها ، فَقالَت : مَن أنتَ ؟ قالَ : أنَا ميثَمٌ . قالَت : وَاللّهِ لَرُبَّما سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يوصي بِكَ عَلِيّا في جَوفِ اللَّيلِ . فَسَأَلَها عَنِ الحُسَينِ ، قالَت : هُوَ في حائِطٍ ۱ لَهُ .
قالَ : أخبِريهِ أنّي قَد أحبَبتُ السَّلامَ عَلَيهِ ، ونَحنُ مُلتَقونَ عِندَ رَبِّ العالَمينَ إن شاءَ اللّهُ . فَدَعَت لَهُ بِطيبٍ فَطَيَّبَت لِحيَتَهُ ، وقالَت لَهُ : أما إنَّها سَتُخضَبُ بِدَمٍ .
فَقَدِمَ الكوفَةَ فَأَخَذَهُ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ فاُدخِلَ عَلَيهِ فَقيلَ : هذا كانَ مِن آثَرِ النّاسِ عِندَ عَلِيٍّ . قالَ : وَيحَكُم! هذَا الأَعجَمِيُّ ؟ ! قيلَ لَهُ : نَعَم .
قالَ لَهُ عُبَيدُ اللّهِ : أينَ رَبُّكَ ؟ قالَ : بِالمِرصادِ لِكُلِّ ظالِمٍ، وأنتَ أحَدُ الظَّلَمَةِ . قالَ : إنَّكَ عَلى عُجمَتِكَ لَتَبلُغُ الَّذي تُريدُ ! ما أخبَرَكَ صاحِبُكَ أنّي فاعِلٌ بِكَ ؟ قالَ : أخبَرَني أنَّكَ تَصلُبُني عاشِرَ عَشَرَةٍ ، أنَاأقصَرُهُم خَشَبَةً وأقرَبُهُم مِنَ المِطهَرَةِ . قالَ : لَنُخالِفَنَّهُ .
قالَ : كَيفَ تُخالِفُهُ ؟ ! فَوَاللّهِ ما أخبَرَني إلّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله عَن جَبرَئيلَ عَنِ اللّهِ تَعالى ، فَكَيفَ تُخالِفُ هؤُلاءِ ! ؟ولَقَد عَرَفتُ المَوضِعَ الَّذي اُصلَبُ عَلَيهِ أينَ هُوَ مِنَ الكوفَةِ ، وأنَا أوَّلُ خَلقِ اللّهِ اُلجِمَ فِي الإِسلامِ .
فَحَبَسَهُ وحَبَسَ مَعَهُ المُختارَ بنَ أبي عُبَيدٍ ، فَقالَ ميثَمٌ التَّمّارُ لِلمُختارِ : إنَّكَ تُفلِتُ وتَخرُجُ ثائِرا بِدَمِ الحُسَينِ فَتَقتُلُ هذَا الَّذي يَقتُلُنا .
فَلَمّا دَعا عُبَيدُ اللّهِ بِالمُختارِ لِيَقتُلَهُ طلَعَ بَريدٌ بِكِتابِ يَزيدَ إلى عُبَيدِ اللّهِ يَأمُرُهُ بِتَخلِيَةِ سَبيلِهِ، فَخَلّاهُ ، وأمَرَ بِميثَمٍ أن يُصلَبَ ، فَاُخرِجَ فَقالَ لَهُ رَجُل لَقِيَهُ : ما كانَ أغناكَ عَن هذا يا ميثَمُ ! فَتَبَسَّمَ وقالَ وهُوَ يومِئُ إلَى النَّخلَةِ : لَها خُلِقتُ ولي غُذِّيَت ، فَلَمّا رُفِعَ عَلَى الخَشَبَةِ اجتَمَعَ النّاسُ حَولَهُ عَلى بابِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ . قالَ عَمرٌو :

1.الحائط : البُسْتان من النّخيل ، إذا كان عليه حائط وهُو الجِدار (النهاية : ج۱ ص۴۶۲) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 212467
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي