71
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

الاسم المناسب لحاجته فيؤثر الاسم بحقيقته ويستجاب له ، وذلك حقيقة الدعاء بالاسم فعلى حسب حال الإسم الذي انقطع إِليه الداعي يكون حال التأثير خصوصا وعموما ، ولو كان هذا الاسم هو الاسم الأَعظم انقاد لحقيقته كلّ شيء واستجيب للداعي به دعاؤه على الإطلاق.
وعلى هذا يجب أَن يحمل ما ورد من الروايات والأَدعية في هذا الباب دون الاسم اللفظي أَو مفهومه .
ومعنى تعليمه تعالى نبيا من أَنبيائه أَو عبدا من عباده أسما من أَسمائه أَو شيئا من الاسم الأَعظم هو أَن يفتح له طريق الانقطاع إِليه تعالى باسمه ذلك في دعائه ومسألته فإن كان هناك اسم لفظي وله معنى مفهوم فإنّما ذلك ؛ لأَجل أَن الأَلفاظ ومعانيها وسائل وأَسباب تحفظ بها الحقائق نوعا من الحفظ فافهم ذلك» . ۱

3 / 3 . ما يَجِبُ في مَعرِفَةِ صِفاتِ اللّهِ عز و جل

۳۲۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ الخالِقَ لا يوصَفُ إِلّا بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ، وكَيفَ يوصَفُ الخالِقُ الَّذي تَعجِزُ الحَواسُّ أن تُدرِكَهُ ، وَالأَوهامُ أَن تَنالَهُ ، وَالخَطَراتُ أن تَحُدَّهُ ، وَالأَبصارُ الإحاطَةَ بِهِ ؟! جَلَّ عَمّا يَصِفُهُ الواصِفونَ ، نَأى ۲ في قُربِهِ وقَرُبَ في نَأيِهِ، كَيَّفَ الكَيفِيَّةَ؛ فَلا يُقالُ لَهُ: كَيفَ، وأَيَّنَ الأَينَ ؛ فَلا يُقالُ لَهُ: أَينَ،وهُوَ مُنقَطِعُ الكَيفِيَّةِ فيهِ وَالأَينونِيَّةِ، فَهُوَالأَحَدُ الصَّمَدُ كَما وَصَفَ نَفسَهُ، وَالواصِفونَ لا يَبلُغونَ نَعتَهُ، لَم يَلِد ولَم يُولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أَحَدٌ. ۳

3 / 4 . الأَحَدُ ۴

الكتاب

« اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَـنَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلَا لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَ حِدًا لَا إِلَـهَ إِلَا هُوَ سُبْحَـنَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ » . ۵

الحديث

۳۳۰.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ فِي الدُّعاءِ ـ: أسألُكَ بِاسمِكَ يا لا إلهَ إلّا أنتَ الواحِدُ الفَردُ الصَّمَدُ ... . ۶

3 / 5 . الأَوَّلُ، الآخِرُ

۳۳۱.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ الأَوَّلُ فَلَيسَ قَبلَكَ شَيءٌ ، ۷

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۸ ص ۳۵۴ و ۳۵۶ .

2.نأى : بَعُد (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۰۰) .

3.كفاية الأثر : ص ۱۲ .

4.«الأَحد» : صفة مشبّهة ، و«الواحد» : اسم فاعل ، وكلاهما مشتقّان من مادة «وحد» ، وهو يدلّ على الانفراد (معجم مقاييس اللغة : ج ۶ ص ۹۰ ، المصباح المنير : ص ۶۵۰ ، الصحاح : ج ۲ ص ۵۴۷) ، وبما أنّ دلالة الصفة المشبهّة على الجذر والمادّة أَكثر وأَقوى من دلالة اسم الفاعل ، لذا فإنّ دلالة «الأَحد» على الانفراد أَكثر من دلالة «الواحد» .

5.التوبة : ۳۱.

6.البلد الأمين : ص ۴۱۴ .

7.جاء «الأَوّل» و«الآخر» في القرآن والحديث ، بمعنيين هما: ۱ . الأَوّل والآخر المطلقان وهذا المعنى للّه تعالى وحدَه لا يشاركه فيه غيره ، وما من أَوّل مطلق وآخر مطلق إِلّا هو . وورد هذان اللفظان بهذا المعنى مرّة واحدة في القرآن الكريم ، وذلك في الآية الثالثة من سورة الحديد . قال سبحانه: « هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْاخِرُ وَ الظَّـهِرُ وَ الْبَاطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ » (الحديد : ۳) . ۲ . الأَوّل والآخر النسبيّان إِنّ إِطلاق الأَوّل والآخر على غير اللّه سبحانه في القرآن والحديث نسبيّ ، مثل: «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» (الأنعام : ۱۶۳) و «أَوَّلُ الْعَـبِدِينَ» (الزخرف: ۸۱) وغيرهما . من هنا نرى أَنّ ما ورد في زيارة أَهل البيت عليهم السلام تبيانا لخصائصهم عند مخاطبتهم: «أَنتم الأَوّل والآخر» (الاحتجاج: ج ۲ ص ۳۱۷) هو بمعنى الأَوّليّة والآخريّة النسبيّتين ولا غلوّ في حقّهم . (راجع: أهل البيت في الكتاب والسنّة : القسم الثالث / الفصل الأوّل : بهم فتح الدين وبهم يختم) .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
70

إِلَـهَ إِلَا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ» 1 ، و «إِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَ حِدٌ» 2 . 3

۳۲۷.سنن الترمذي عن بريدة :سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله رَجُلاً يَدعو وهُوَ يَقولُ : اللّهُمَّ إنّي أسأَ لُكَ بِأَنّي أشهَدُ أنَّكَ أنتَ اللّهُ لا إلهَ إلّا أنتَ ، الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذي لَم يَلِد ولَم يولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أحَدٌ .
فَقالَ صلى الله عليه و آله : وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لَقَد سَأَلَ اللّهَ بِاسمِهِ الأَعظَمِ الَّذي إذا دُعِيَ بِهِ أجابَ ، وإذا سُئِلَ بِهِ أعطى . ۴

۳۲۸.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ لَمّا سُئِلَ عَنِ اسمِ اللّهِ الأَعظَمِ ـ: كُلُّ اسمٍ مِن أَسماءِ اللّهِ، فَفَرِّغ قَلبَكَ عَن كُلِّ ما سِواهُ ، وَادعُهُ بِأَيِّ اسمٍ شِئتَ ، فَلَيسَ فِي الحَقيقَةِ للّهِِ اسمٌ دونَ اسمٍ ، بَل هُوَ الواحِدُ القَهّارُ . ۵

تحقيق في معنى الاسم الأعظم

تكرّر موضوع الاسم الأَعظم للّه عز و جل في الأَحاديث ، وبخاصّة في الأَدعية كثيرا ، وذُكر أَنّ كلّ إِنسان يدعو اللّه به يُستجاب دعاؤه ، وأَنّ أَهل البيت عليهم السلام يعرفون جميع حروفه إِلّا حرفا واحدا منه ، فما ذلك الاسم؟
إِنّ روايات الباب مختلفة ولا يمكن الإجابة عن هذا السؤال بشكلٍ قاطع من وجهة نظر الروايات .
لقد أَدّى فقدان الدليل القاطع على المراد من الاسم الأَعظم إِلى تضارب الآراء فيه ، حتّى نقل السيوطيّ عشرين قولاً .

أفضل تحقيق في تبيان الاسم الأعظم

قال العلّامة الطباطبائي قدس سره ـ في بيان معنى الاسم الأَعظم ـ :
«شاع بين النّاس أَنّه اسم لفظي من أَسماء اللّه سبحانه إِذا دعي به استجيب ، ولا يشذّ من أَثره شيء غير أَنّهم لما لم يجدوا هذه الخاصّة في شيء من الأَسماء الحسنى المعروفة ولا في لفظ الجلالة ، اعتقدوا أَنّه مؤلّف من حروف مجهولة تأليفا مجهولاً لنا لو عثرنا عليه أَخضعنا لإرادتنا كلّ شيء .
ولكن يبدو أنّ الأَسماء الإلهيّة واسمه الأَعظم خاصّة وإِن كانت مؤثرة في الكون ووسائط وأَسبابا لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود ، لكنها إِنّما تؤثر بحقائقها لا بالأَلفاظ الدالّة في لغة كذا عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من أَلفاظها المتصوّرة في الأَذهان ، ومعنى ذلك أَنّ اللّه سبحانه هو الفاعل الموجد لكلّ شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أَو صورة مفهومة في الذهن أَو حقيقة أُخرى غير الذات المتعالية ، إِلّا أَنّ اللّه سبحانه وعد إِجابة دعوة ، من دعاه كما في قوله :
«أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ» . ۶
وهذا يتوقّف على دعاء وطلب حقيقي ، وأَن يكون الدعاء والطلب منه تعالى لا من غيره ـ كما تقدم في تفسير الآية ـ فمن انقطع عن كلّ سبب واتصل بربِّه لحاجة من حوائجه فقد اتصل بحقيقة

1.البقرة : ۲۵۵. وهي آية الكرسي .

2.البقرة : ۱۶۳ .

3.مُهج الدعوات : ص ۳۸۳ .

4.سنن الترمذي : ج ۵ ص ۵۱۵ ح ۳۴۷۵ .

5.مصباح الشريعة : ص ۱۲۹ .

6.البقرة : ۱۸۶ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 299298
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي