ويعافيه ، وهذا التغيير في التقدير ماهو في الحقيقة إلّا البداء.
من جهة اُخرى فإنّ العقل يثبت جميع الكمالات للّه سبحانه ، ومن جملة الكمالات القدرة المطلقة ، واستنادا إلى القدرة المطلقة، فإنّ اللّه بإمكانه أن يغيّر هذا التقدير حتّى بعد تعيين التقدير الخاص ؛ كفقر زيد أو مرض عمرو مثلاً ، فهو قادر على أن يغني ويعافي زيدا وعمرا ، وإنّ ما نقوله من أنّ اللّه لا يعود بإمكانه أن يغيّر التقدير بعد إبرامه، هو تحديد لقدرة اللّه وسلب لكمال من كمالاته وهذا ما يخالف صريح حكم العقل .
الفصل السّابع : تقدير السّعادة والشّقاوة
7 / 1 . السَّعيدُ سَعيدٌ في بَطنِ اُمِّهِ وكَذلِكَ الشَّقِيُّ
۴۶۴.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ النُّطفَةَ إذَا استَقَرَّت فِي الرَّحِمِ فَمَضى لَها أربَعونَ يَوما ... جاءَ مَلَكُ الرَّحِمِ فَصَوَّرَ عَظمَهُ ولَحمَهُ ودَمَهُ وشَعرَهُ وبَشَرَهُ وسَمعَهُ وبَصَرَهُ ، فَيَقولُ : يا رَبِّ أذَكَرٌ أم اُنثى ؟ يا رَبِّ أشَقِيٌّ أم سَعيدٌ ؟ فَيَقضِي اللّهُ عز و جل ما شاءَ ويُكتَبُ ، ثُمَّ يَقولُ : أي رَبِّ أيُّ شَيءٍ رِزقُهُ ؟ فَيَقضِي اللّهُ ما شاءَ ، فَيُكتَبُ ثُمَّ يُطوى بِالصَّحيفَةِ فَلا تُنشَرُ إلى يَومِ القِيامَةِ . ۱
7 / 2 . مَعنى سَعادَةِ المَولودِ وشَقاوَتِهِ قَبلَ وِلادَتِهِ
۴۶۵.التوحيد عن محمّد بن أبي عمير :سَأَلتُ أبَا الحَسَنِ موسَى بنَ جَعفَرٍ عليه السلام عَن مَعنى قَولِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «الشَّقِيُّ مَن شَقِيَ في بَطنِ اُمِّهِ ، وَالسَّعيدُ مَن سَعِدَ في بَطنِ اُمِّهِ» ، فَقالَ : الشَّقِيُّ مَن عَلِمَ اللّهُ وهُوَ في بَطنِ اُمِّهِ أنَّهُ سَيَعمَلُ أعمالَ الأَشقِياءِ ، وَالسَّعيدُ مَن عَلِمَ اللّهُ وهُوَ في بَطنِ اُمِّهِ أنَّهُ سَيَعمَلُ أعمالَ السُّعَداءِ .
قُلتُ لَهُ : فَما مَعنى قَولِهِ صلى الله عليه و آله : اِعمَلوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ .
فَقال : إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ الجِنَّ وَالإِنسَ لِيَعبُدوهُ ولَم يَخلُقهُم لِيَعصوهُ ، وذلِكَ قَولُهُ عز و جل : «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْاءِنسَ إِلَا لِيَعْبُدُونِ»۲ فَيَسَّرَ كُلّاً لِما خُلِقَ لَهُ ، فَالوَيلُ ۳ لِمَنِ استَحَبَّ العَمى عَلَى الهُدى . ۴
دراسة حول السّعادة والشّقاء في بطن الاُم
يدلّ ظاهر هذا الحديث على أنّ السعادة والشقاء مقارنان للإنسان من حين ولادته، وأنّ سعادة البشر و شقاءهم محدّدان قبل أن يولدوا. فكلّ من كان سعيدا في بطن اُمّه سوف تقترن حياته بالسعادة بعد ولادته ، وإذا ما كُتب عليه أن يكون شقيّا في بطن اُمّه، فإنّه سيكون تعيسا بعد ولادته أيضا.
وعلى هذا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: هل يدلّ هذا الحديث على كون الناس مجبورين في سلوك طريق السعادة والشقاء؟
قبل الإجابة على هذا السؤال من الضروري