أعمّ من جميع القيم العقائدية والأخلاقية والعملية ، والشرّ أيضا أعمّ من جميع ما يقع خلاف القيم ويضادّها ، فقد تبوّءا على هذا الأساس موقعهما في صدر جنود العقل والجهل .
سهولة فعل الخير
اتّضح ممّا سلف أنّ الجُنوح صوب الخير والميل نحو الحسن ، وفي المقابل النفرة من الشرّ والسوء ، أمر فطري . على هذا تعيش الفِطَر السليمة النقيّة إحساسا بالطمأنينة والاستقرار عند النهوض بأفعال الخير ، وهي إلى ذلك لا تُطيق الشرّ وترتاب من الإثم، وبذلك فإنّ القيام بأفعال الخير أسهل من اجتراح السيّئات وارتكاب الشرّ ، تماما كما نصّ الإمام عليّ عليه السلام على ذلك بقوله :
الخَيرُ أسهَلُ مِن فِعلِ الشَّرِّ.۱
بديهي أنّ هذا التمييز يصدُق على الناس الذين لا يزالون يعيشون الفطرة بصفاء ، ولم تتلوّث جبلّتهم الإنسانية . أمّا من تلوَّثت فطرته وأصابه الدَرَن فيصدق عليه عكس هذه المعادلة تماما ، فكلّما كانت الفطرة أكثر لوثا شقّت عليها أفعال الخير أكثر ، وخفّ عليها اجتراح الشرّ وسهلت عليها مآخذه .
الفصل الأوّل : معرفة الخير
1 / 1 . مَبدَأُ مَعرِفَةِ الخَيرِ وَالشَّرِّ وميزانُها
الكتاب
« وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا » . ۲
الحديث
۱۳۰۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :دَع ما يُريبُكَ إلى ما لا يُريبُكَ ؛ فَإِنَّ الخَيرَ طُمَأنينَةٌ ، وإنَّ الشَّرَّ ريبَةٌ . ۳
۱۳۱۰.عنه صلى الله عليه و آله :البِرُّ ما طابَت بِهِ النَّفسُ وَاطمَأَنَّ إلَيهِ القَلبُ ، وَالإِثمُ ما جالَ فِي النَّفسِ وتَرَدَّدَ فِي الصَّدرِ . ۴
۱۳۱۱.عنه صلى الله عليه و آلهـ لَمّا سُئِلَ عَنِ البِرِّ وَالإِثمِ ـ: البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ ، وَالإِثمُ ما حاكَ في صَدرِكَ وكَرِهتَ أن يَطَّلِعَ عَلَيهِ النّاسُ . ۵
1 / 2 . حَقيقَةُ الخَيرِ وَالشَّرِّ
الكتاب
« وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ » . ۶
الحديث
۱۳۱۲.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّمَا الخَيرُ ما اُريدَ بِهِ وَجهُ اللّهِ تَعالى ، وعُمِلَ عَلى ما أمَرَ اللّهُ تَعالى [ بِهِ] . ۷
۱۳۱۳.عنه صلى الله عليه و آلهـ لَمّا سَأَلَهُ رَجُلٌ : كَيفَ لي أن أعلَمَ أمري؟ـ: إذا أرَدتَ شَيئا مِن اُمورِ الدُّنيا فَعَسُرَ عَلَيكَ فَاعلَم أنَّكَ بِخَيرٍ ، وإذا أرَدتَ شَيئا مِن أمرِ الدُّنيا فَيَسُرَ