25
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

الغارات ، واختطاف كلّ ما في أيدي آخرين من متاع أو عرض ، فلا أمن بينهم ولا أمانة ، ولا سلم ولا سلامة ، والأمر إلى من غلب ، والملك لمن وضع عليه يده .
أما الرجال فالفضيلة بينهم سفك الدماء ، والحميّة الجاهليّة ، والكبر ، والغرور ، واتّباع الظالمين ، وهضم حقوق المظلومين ، والتعادي ، والتنافس ، والقمار ، وشرب الخمر ، والزنا ، وأكل الميتة والدم وحشف ۱ التمر .
وأمّا النساء فقد كنّ محرومات من مزايا المجتمع الإنسانيّ ، لا يملكن من أنفسهنّ إرادة ، ولا من أعمالهنّ عملًا ولا يملكن ميراثا ، ويتزوّج بهنّ الرجال من غير تحديد بحدّ كما عند اليهود وبعض الوثنيّة ، ومع ذلك فقد كنّ يتبرّجن بالزينة ، ويدعون من أحببن إلى أنفسهنّ ، وفشا فيهنّ الزنا والسفاح حتّى في المحصنات المزوّجات منهنّ ، ومن عجيب بروزهنّ أنّهنّ ربّما كنّ يأتين بالحجّ عاريات .
وكان من شقاء أولادهم أنّ بلادهم الخربة وأراضيهم القفرة البائرة كان يسرع الجدب والقحط إليها ، فكان الرجل يقتل أولاده خشية الإملاق ، وكانوا يئدون البنات ، وكان من أبغض الأشياء عند الرجل أن يبشَّر بالاُنثى.
فهذا هو الهرج العجيب الذي كان يبرز في كلّ عدّة معدودة منهم بلَونٍ ، ويظهر في كلّ ناحية من أرض شبه الجزيره في شكل مع الرسوم العجيبة والاعتقادات الخرافيّة الدائرة بينهم ، وأضف إلى ذلك بلاء الاُمّيّة وفقدان التعليم والتعلّم في بلادهم فضلًا عن العشائر والقبائل .
وجميع ما ذكرناه من أحوالهم وأعمالهم والعادات والرسوم الدائرة بينهم ممّا يستفاد من سياق الآيات القرآنيّة والخطابات التي تخاطبهم بها أوضح استفادة . ۲

11 / 2 . أخلاقُ الجاهِلِيَّةِ

الكتاب

«إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَـهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَ كَانُواْ أَحَقَّ بِهَا وَ أَهْلَهَا وَ كَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمًا» . ۳

الحديث

۵۳.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن كانَ في قَلبِهِ حَبَّةٌ مِن خَردَلٍ مِن عَصَبِيَّةٍ بَعَثَهُ اللّهُ يَومَ القِيامَةِ مَعَ أعرابِ الجاهِلِيَّةِ. ۴

11 / 3 . أعمالُ الجاهِلِيَّةِ

أ ـ وَأدُ البَناتِ

الكتاب

« وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى ظَـلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَ رَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا

1.الحشف: اليابس الفاسد من التمر ، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشيص (النهاية: ج۱ ص ۳۹۱).

2.راجع : الميزان في تفسير القرآن : ج ۴ ص ۱۵۱ .

3.الفتح : ۲۶ .

4.الكافي : ج ۲ ص ۳۰۸ ح ۳ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
24

عَلَيكَ السَّلامُ .
قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أما إنَّ مَلَكاً بَينَكُما يَذُبُّ عَنكَ ، كُلَّما يَشتِمُكَ هذا قالَ لَهُ : بَل أنتَ ، وأنتَ أحَقُّ بِهِ ، وإذا قالَ ۱ لَهُ : عَلَيكَ السَّلامُ قالَ : لا ، بَل لَكَ ، أنتَ أحَقُّ بِهِ. ۲

10 / 2 . السُّكوتُ عِندَ المُنازَعَةِ

۵۰.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ موسى عليه السلام لَقِيَ الخِضْرَ عليه السلام فَقالَ : أوصِني .
فَقالَ الخِضْرُ : . . . أعرِض عَنِ الجُهّالِ ، وَاحلُم عَنِ السُّفَهاءِ ، فَإِنَّ ذلِكَ فَضلُ الحُلَماءِ وزَينُ العُلَماءِ ، إذا شَتَمَكَ الجاهِلُ فَاسكُت عَنهُ سَلَماً وجانِبهُ حَزماً ، فَإِنَّ ما بَقِيَ مِن جَهلِهِ عَلَيكَ وشَتمِهِ إيّاكَ أكثَرُ . ۳

10 / 3 . الإِعراض

الكتاب

« خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَـهِلِينَ » . ۴

الحديث

۵۱.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّمَا النّاسُ رَجُلانِ : مُؤمِنٌ وجاهِلٌ ، فَلا تُؤذِ المُؤمِنَ ، ولا تُجاوِرِ الجاهِلَ. ۵

الفصل الحادى عشر : الجاهليّة الاولى

11 / 1 . مَعنَى الجاهِلِيَّةِ

الكتاب

«وَ قَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَ لَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـهِلِيَّةِ الْأُولَى وَ أَقِمْنَ الصَّلَوةَ وَ ءَاتِينَ الزَّكَوةَ وَ أَطِعْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» . ۶

الحديث

۵۲.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّما سُمِّيَتِ الجاهِلِيَّةُ لِضَعفِ أعمالِها ، وجَهالَةِ أهلِها ... ، إنَّ أهلَ الجاهِلِيَّةِ عَبَدوا غَيرَ اللّهِ . ۷

كلام حول الجاهليّة

القرآن يسمّي عهد العرب المتّصل بظهور الإسلام بالجاهليّة ، وليس إلّا إشارة منه إلى أنّ الحاكم فيهم يومئذٍ الجهل دون العلم ، والمسيطر عليهم في كلّ شيء الباطل ، وسفر الرأي دون الحقّ .
كانت العرب يومئذٍ تجاور في جنوبها الحبشة وهي نصرانيّة ، وفي مغربها إمبراطوريّة الروم وهي نصرانيّة ، وفي شمالها الفرس وهم مجوس ، وفي غير ذلك الهند ومصر وهما وثنيّتان وفي أرضهم طوائف من اليهود ، وهم ـ أعني العرب ـ مع ذلك وثنيّون يعيش أغلبهم عيشة القبائل ، وهذا كلّه هو الذي أوجد لهم اجتماعا همجيًّا بدويًّا فيه أخلاط من رسوم اليهوديّة والنصرانيّة والمجوسيّة ، وهم سكارى جهالتهم .
وقد كانت العشائر وهم البدو على ما لهم من خساسة العيش ودناءته يعيشون بالغزوات ، وشنّ

1.كذا في المصدر ، والصحيح : «قلتَ» كما في كنز العمّال .

2.مسند ابن حنبل : ج ۹ ص ۱۹۱ ح ۲۳۸۰۶ .

3.منية المريد : ص ۱۴۰ .

4.الأعراف : ۱۹۹.

5.المعجم الأوسط : ج ۸ ص ۳۰۲ ح ۸۶۹۸ .

6.الأحزاب : ۳۳.

7.تاريخ المدينة : ج ۲ ص ۵۵۸ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 244848
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي