259
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لا يُطيلُ المَوعِظَةَ يَومَ الجُمُعَةِ ، إنَّما هُنَّ كَلِماتٌ يَسيراتٌ . ۱

عوامل نجاح المبلّغ

إنّ نجاح أو فشل المبلّغين والمعنيّين بوضع الخطط التبليغيّة في تحقيق أهدافهم يتوقّف على العوامل الخمسة التالية :

دافع المبلّغ

لا شكّ أنّ الدافع الذي يسعى إليه المبلّغ هو الذي يضمن ، قبل أيّ شيء آخر ، نجاح المبلّغ والخطّة التبليغيّة . وكلّما كان الدافع أقوى كان الأمل بالنجاح أكبر . والتأمّل في النصوص الواردة بشأن مكانة التبليغ والمبلّغ في الإسلام يساعد على تقوية دافع كلٍّ من المبلّغ والمكلّف بوضع الخطّة التبليغيّة .
وتتحدّث هذه النصوص عن التبليغ كواجب إلهي ورسالة دينيّة ، وتؤكّد على معطياته وبركاته على المبلّغ من جهة ، وعلى عموم المجتمع من جهة اُخرى ، وتصف التبليغ بأنّه قاعدة لإحياء الناس معنويّاً ، وأنّه نصرة للّه .
كما اعتبرت المبلّغ مندوبا عن اللّه ومبعوثا عن الرسول ، وممثّلاً لكتاب اللّه ، وحجّةً للّه على خلقه .
وأنّه ترجمان الحقّ ، وسفير الخالق ، وداعي الناس إلى اللّه .
وعلاوةً على ذلك ، فإنّ ما ورد في النصوص الإسلاميّة بشأن حقوق المبلّغ وثواب التبليغ إنّما جاء بصدد تقوية دوافع المبلّغين والمعنيّين بوضع الخطط التبليغيّة .

المادة التبليغية

يُعتبر محتوى التبليغ ركناً آخر من أركان نجاحه ، فكلّما كان محتوى التبليغ أكثر انسجاماً مع الموازين العقليّة والفطريّة ، وكلّما كان يتمتع بثروة أكبر من الناحية الثقافيّة والفكريّة ، فإنّ مدى نجاحه وتأثيره في النفوس سيكون أكبر .

خصائص المبلّغ

الركن الثالث من أركان نجاح المبلّغ هو صفاته وخصائصه الذاتيّة ؛ فالمبلّغ يستطيع أن يتبوّأ مكانته الحقيقيّة كامتداد لطريق الأنبياء والذود عن القيم الدينيّة في ما لو توفّرت فيه الشروط العلميّة والأخلاقيّة والعمليّة التي يرى الإسلام ضرورة توفّرها في الدعاة إلى طريق اللّه والقيم الإنسانيّة والإسلاميّة .

وسائل التبليغ

الكلام أهمّ وسائل التبليغ ، وهو ـ بمفهومه العام ـ الوسيلة التبليغيّة الوحيدة على امتداد التاريخ ، وبواسطته ينقل المبلّغ رسالته إلى مخاطبيه على شكل موعظة ، أو خطبة ، أو مناظرة ، أو نثر ، أو نظم .
والمثير في هذا المجال هو أنّ الأحاديث الشريفة عدّت الكتابة من مصاديق الكلام ، معتبرةً الخطّ لسان

1.سنن أبي داوود : ج ۱ ص ۲۸۹ ح ۱۱۰۷ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
258

مدى تأثّر المخاطب

إحدى الملاحظات المهمّة التي يؤكّد عليها القرآن والحديث الشريف في ما يخصّ معرفة المخاطب هي التفاوت القائم بين الناس في القابليّة والاستيعاب الطبيعي والاكتسابي ، ومدى استجابتهم للتبليغ المفيد والبنّاء . وإذا أخذنا هذا التفاوت بنظر الاعتبار ، نفهم أنّه ليس كلّ كلام يفيد أيّ شخص ؛ فقد يكون ثمّة نمط من التبليغ مفيدا لفرد أو جماعة ما ؛ ولكنّه غير مفيد لفرد آخر أو جماعة اُخرى ، بل ربّما كان مضرّا لهم . ومن هنا كان الأنبياء يؤمَرون بأخذ المقدرة الفكريّة والنفسيّة للناس بنظر الاعتبار .

عدم الاصطدام مع الرغبات الفطريّة للناس

أحد العيوب التي ترافق عمليّة التبليغ ، بشكل عامّ ، هو تحويل التبليغ إلى عملٍ مضادّ للذات من قبل المبلّغ نفسه . وكثيراً ما يقع في مجالات الإعلام السياسي والاجتماعي والثقافي أن ينجم عن الإعلام تأثير معاكس ، ويعزى أحد أسباب هذه الظاهرة إلى عدم أخذ الجانب النفسي بنظر الاعتبار ؛ فيجيء العمل التبليغي أو الإعلامي متعارضاً مع الحاجات الفطريّة والطبيعيّة للناس .
ومن هنا فإنّ المبلّغ إذا كان عارفا حقّ المعرفة بالإسلام وكان خبيرا بالحاجات الفطريّة للمخاطب ، فإنّه لا يأتي أبدا ، باسم الدين وبهدف تبليغ الإسلام ، بما يتعارض وحاجات الناس الفطريّة وحقوقهم الطبيعيّة .

7 / 8 . مُراعاةُ الأَهَمِّ فَالأَهَمِّ

۱۵۰۸.صحيح البخاري عن ابن عبّاس :لَمّا بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله مُعاذَ بنَ جَبَلٍ إلى نَحوِ أهلِ اليَمَنِ ، قالَ لَهُ : إنَّكَ تَقدَمُ عَلى قَومٍ مِن أهلِ الكِتابِ ، فَليَكُن أوَّلَ ما تَدعوهُم إلى أن يُوَحِّدُوا اللّهَ تَعالى ، فَإِذا عَرَفوا ذلِكَ فَأَخبِرهُم أنَّ اللّهَ فَرَضَ عَلَيهِم خَمسَ صَلَواتٍ في يَومِهِم ولَيلَتِهِم ، فَإِذا صَلَّوا فَأَخبِرهُم أنَّ اللّهَ افتَرَضَ عَلَيهِم زَكاةً في أموالِهِم تُؤخَذُ مِن غَنِيِّهِم فَتُرَدُّ عَلى فَقيرِهِم ، فَإِذا أقَرّوا بِذلِكَ فَخُذ مِنهُم ، وتَوَقَّ كَرائِمَ أموالِ النّاسِ . ۱

۱۵۰۹.التّوحيد عن ابن عبّاس :جاءَ أعرابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ : يا رَسول اللّهِ ، عَلِّمني مِن غَرائِبِ العِلمِ . قالَ : ما صَنَعتَ في رَأسِ العِلمِ حَتّى تَسأَلَ عَن غَرائِبِهِ ؟ !قالَ الرَّجُلُ : ما رَأسُ العِلمِ يا رَسول اللّهِ ؟ قالَ : مَعرِفَةُ اللّهِ حَقَّ مَعرِفَتِهِ . قالَ الأَعرابِيُّ : وما مَعرِفَةُ اللّهِ حَقَّ مَعرِفَتِهِ ؟ قالَ : تَعرِفُهُ بِلا مِثلٍ ولا شِبهٍ ولا نِدٍّ ، وأنَّهُ واحِدٌ أحَدٌ ظاهِرٌ باطِنٌ أوَّلٌ آخِرٌ ، لا كُفوَ لَهُ ولا نَظيرَ ، فَذلِكَ حَقُّ مَعرِفَتِهِ . ۲

7 / 9 . مُراعاةُ الاِختِصارِ

۱۵۱۰.سنن أبي داوود عن عمّار بن ياسر :أمَرَنا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِإِقصارِ الخُطَبِ . ۳

۱۵۱۱.سنن أبي داوود عن جابر بن سمرة السّوائيّ :كانَ

1.صحيح البخاري : ج ۶ ص ۲۶۸۵ ح ۶۹۳۷.

2.التوحيد : ص ۲۸۴ ح ۵ .

3.سنن أبي داوود : ج ۱ ص ۲۸۹ ح ۱۱۰۶ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 244758
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي