والمقامات المختلفة . والعقل والوجدان يستشعر في كلّ حال ومقام المدى المناسب من خفية أو جهر الصوت . ومع الحفاظ على مبدأ الهدوء واجتناب الزعيق والصراخ ، فهو يميّز كلّ واحد من مقامات ـ الطلب ، والتحرّق واللهفة ، وحالة تضمين التعليم والتربية في أصل الدعاء ـ عن المقامات والحالات الاُخرى .
7 / 5 . رَفعُ اليَدَينِ
۲۳۵۸.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ لِعَلِيٍّ عليه السلام ـ: عَلَيكَ بِرَفعِ يَدَيكَ إلى رَبِّكَ ، وكَثرَةِ تَقَلُّبِها . ۱
۲۳۵۹.الإمام الحسين عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَرفَعُ يَدَيهِ إذَا ابتَهَلَ ودَعا ، كَما يَستَطعِمُ المِسكينُ . ۲
۲۳۶۰.كنزالعمّال عن البَراء بن عازب :كانَ [ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ] إذا أصابَتهُ شِدَّةٌ فَدَعا ، رَفَعَ يَدَيهِ حَتّى يُرى بَياضُ إبطَيهِ . ۳
تحليل حول رفع اليد إلى السّماء في الدعاء
أحد آداب الدعاء رفع الأيدي إلى السماء ، وهكذا كانت سيرة النبيّ صلى الله عليه و آله إذ كان يرفع يديه عند الدعاء أحيانا إلى الحدّ الذي كان يُرى فيه بياض إبطَيه . ۴ وَمَثله في طلب حاجته من اللّه سبحانه مَثَل بائس مسكين يرفع يديه ليطلب من أحد شيئا .
ويبرز هنا سؤال وهو : لِمَ يرفع الداعي يديه إلى السماء عند الدعاء واللّه موجود في كلّ مكان؟
وخالَ البعض أنّ رفع اليدين إلى السماء علامة الاعتقاد بتجسيم الحقّ تعالى وتحديد مكان له في حين أنّ الجسم والمكان من صفاته السلبيّة سبحانه وتعالى ، فهو ليس جسما ، ولا يخلو منه مكان ، فلا تفاوت بين رفع اليدين في الدعاء وبين تركهما مُسبَلَتَين ، لذلك أنكروا هذا الأدب مع أنّه يجب الانتباهُ إلى الامور التالية :
1 . رفع اليدين في الدعاء نوع من العبادة كلّف اللّه سبحانه به عباده ، وهو كالتوجّه إلى الكعبة في الصلاة ، والركوع والسجود وأمثالها .
2 . رفع اليدين في الدعاء سنّة نبويّة إذ أمر النبيّ صلى الله عليه و آله المسلمين أن يعملوا بها .
3 . الحكمة من رفع الأيدي إلى السماء في الدعاء تتمثّل في أنّ السماء محلّ أنواع الرزق التي يحتاج إليها الإنسان ويطلبها . من أجل ذلك أمر اللّه أولياءه أن يمدّوا أيديهم إلى السماء والعرش الإلهيّ أثناء دعائهم .
1.المحاسن : ج ۱ ص ۸۲ ح ۴۸.
2.مكارم الأخلاق : ج ۲ ص ۸ ح ۱۹۸۱ .
3.كنز العمّال : ج ۷ ص ۷۱ ح ۱۸۰۰۸.
4.نُقل عن أنس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يرفع يديه بالدعاء عند الاستسقاء لا غيره (صحيح البخاري : ج ۳ ص ۱۳۰۷ ح ۳۳۷۲) . ورُوي عن سليمان بن داوود قوله : لم يُحفَظ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه رفع يديه الرفع كلّه إلّا فى ثلاثة مواطن : الاستسقاء ، والاستنصار ، وعشيّة عرفة . ثمّ كان بعد رفع دون رفع (المراسيل : ص ۱۲۴ ح ۱۳) .
ونظرا إلى الأحاديث المارّة في هذا الباب ينبغي أن نقول : كان صلى الله عليه و آله يرفع يديه في الحالات المهمّة . وقلّما رفعهما في غيرها . وأحيانا لم يرفعهما . وحديث أنس قياسا بسائر الأحاديث يحتّم علينا أن نقول : إنّ ما قاله هو مشاهداته الشخصيّة ، ولا يغاير ما رواه سواه .