401
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

والثاني : أنّه قهرٌ لعدوّ اللّه ؛ فإنّ وسيلة الشيطان ـ لعنه اللّه ـ الشهوات ، وإنّما يقوى الشهوات بالأكل والشرب ؛ ولذلك قال صلى الله عليه و آله : «إنَّ الشَّيطانَ لَيَجري مِنِ ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ ؛ فَضَيِّقوا مَجارِيَهُ بِالجوعِ» ... فلمّا كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدّا لمسالكه وتضييقا لمجاريه ، استحقّ التخصيص بالنسبة إلى اللّه . ۱
وفي النهاية لابن الأثير : أحسن ما سمعت في تأويل هذا الحديث : أنّ جميع العبادات الّتي يتقرّب بها العباد إلى اللّه عز و جل ـ من صلاة ، وحجّ ، وصدقة ، واعتكاف ، وتبتُّل ، ودعاء ،وقُربان ، وهَدي ، وغير ذلك من أنواع العبادات ـ قد عَبَدَ المشركون بها آلِهتَهم ، وما كانوا يتَّخذونه من دون اللّه أندادا ، ولم يُسمَع أنّ طائفة من طوائف المشركين وأرباب النِّحَلِ في الأزمان المُتَقادِمة عَبدت آلهتها بالصوم ، ولا تقرَّبت إليها به ، ولا عُرف الصوم في العبادات إلّا من جهة الشرائع ، فلذلك قال اللّه عز و جل : «الصَّومُ لي وأنَا أجزي بِهِ» ؛ أي : لم يُشاركني أحدٌ فيه ، ولا عُبد به غيري ، فأنا حينئذٍ أجزي به وأتولَّى الجزاء عليه بنفسي ، لا أكِلُه إلى أحد من ملك مقرّب أو غيره على قدر اختصاصه بي . ۲

ج ـ قيمَةُ الصّائِمِ

الكتاب

« التَّئِبُونَ الْعَـبِدُونَ الْحَـمِدُونَ السَّئِحُونَ الرَّ كِعُونَ السَّـجِدُونَ الْأَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَ الْحَـفِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ » . ۳

الحديث

۲۵۵۷.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :نَومُ الصّائِمِ عِبادَةٌ،ونَفَسُهُ تَسبيحٌ. ۴

۲۵۵۸.عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ الصّائِمَ لا يَجري عَلَيهِ القَلَمُ حَتّى يُفطِرَ ، ما لَم يَأتِ بِشَيءٍ يَنقُضُ . ۵

۲۵۵۹.عنه صلى الله عليه و آله :لِلصّائِمِ فَرحَتانِ : فَرحَةٌ عِندَ فِطرِهِ ، وفَرحَةٌ يَومَ القِيامَةِ ، يُنادِي المُنادي : «أينَ الظّامِئَةُ أكبادُهُم؟ وعِزَّتي ، لَأَروِيَنَّهُمُ اليَومَ» . ۶

۲۵۶۰.عنه صلى الله عليه و آله :مَن عَرَفَ اللّهَ وعَظَّمَهُ ؛ مَنَعَ فاهُ مِنَ الكَلامِ ، وبَطنَهُ مِنَ الطَّعامِ ، وَعَفا نَفسَهُ بِالصِّيامِ وَالقِيامِ . ۷

د ـ دُعاءُ المَلائِكَةِ لِلصّائِمِ

۲۵۶۱.الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله قالَ : إنَّ اللّهَ عز و جل وَكَّلَ مَلائِكَتَهُ بِالدُّعاءِ لِلصّائِمينَ .
وقالَ : أخبَرَني جَبرَئيلُ عليه السلام عَن رَبِّهِ أ نَّهُ قالَ : ما أمَرتُ مَلائِكَتي بِالدُّعاءِ لِأَحَدٍ مِن خَلقي إلَا استَجَبتُ لَهُم فيهِ . ۸

۲۵۶۲.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما مِن صائِمٍ يَحضُرُ قَوما يَطعَمونَ إلّا سَبَّحَت لَهُ أعضاؤُهُ ، وكانَت صَلاةُ المَلائِكَةِ عَلَيهِ ، وكانَت صَلاتُهُم استِغفارا . ۹

1.إحياء علوم الدين : ج ۱ ص ۳۴۶ ، المحجة البيضاء : ج ۲ ص ۱۲۵ .

2.النهاية : ج ۱ ص ۲۷۰ .

3.التوبة : ۱۱۲.

4.ثواب الأعمال : ص ۷۵ ح ۲.

5.فضائل الأشهر الثلاثة : ص ۵۵ ح ۳۳.

6.مسند زيد : ص ۲۰۳.

7.الكافي : ج ۲ ص ۲۳۷ ح ۲۵.

8.الكافي : ج ۴ ص ۶۴ ح ۱۱.

9.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۸۷ ح ۱۸۰۵ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
400

على هذا الضوء يمكن القول بأنَّ من تصدر عنهم الذنوب في شهر رمضان،فإنَّ صومهم لم يكن صوما سالما.

1 / 4 . تأكِيدُ استِثمارِ بَرَكاتِهِ

۲۵۴۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ الشَّقِيَّ مَن حُرِمَ غُفرانَ اللّهِ في هذَا الشَّهرِ العَظيمِ . ۱

۲۵۵۰.عنه صلى الله عليه و آله :مَنِ انسَلَخَ مِن شَهرِ رَمَضانَ ولَم يُغفَر لَهُ فَلا غَفَرَ اللّهُ لَهُ . ۲

۲۵۵۱.عنه صلى الله عليه و آله :رَغِمَ أنفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيهِ رَمَضانَ ثُمَّ انسَلَخَ قَبلَ أن يُغفَرَ لَهُ . ۳

۲۵۵۲.عنه صلى الله عليه و آله :مَن أدرَكَ شَهرَ رَمَضانَ فَلَم يُغفَر لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّهُ ، ومَن أدرَكَ لَيلَةَ القَدرِ فَلَم يُغفَر لَهُ فَأَبعَدَهُ اللّهُ . ۴

الفصل الثّاني : ضيافة اللّه عز و جل

2 / 1 . مَعرِفَةُ ضِيافَةِ اللّهِ عز و جل

أ ـ فَضلُ الصِّيامِ

الكتاب

« يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » . ۵

الحديث

۲۵۵۳.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :جَعَلَ اللّهُ ... قُرَّةَ عَيني فِي الصَّلاةِ وَالصَّومِ . ۶

۲۵۵۴.عنه صلى الله عليه و آله :قالَ حَبيبي جَبرَئيلُ : إنَّ مَثَلَ هذَا الدّينِ كَمَثَل شَجَرَةٍ ثابِتَةٍ ؛ الإِيمانُ أصلُها ، وَالصَّلاةُ عُروقُها ، وَالزَّكاةُ ماؤُها ، وَالصَّومُ سَعَفُها . ۷

ب ـ الصَّومُ للّهِِ عز و جل

۲۵۵۵.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :قالَ اللّهُ عز و جل : «الصَّومُ لي ، وأنَا أجزي بِهِ» . ۸

۲۵۵۶.عنه صلى الله عليه و آله :قالَ اللّهُ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ : «كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ هُوَ لَهُ غَيرَ الصِّيامِ ؛هُوَ لي ، وأنَا أجزي بِهِ» . وَالصِّيامُ جُنَّةُ العَبدِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامَةِ كَما يَقي أحَدَكُم سِلاحُهُ فِي الدُّنيا . ولَخُلوفُ فَمِ الصّائِمِ أطيَبُ عِندَ اللّهِ عز و جل مِن ريحِ المِسكِ . وَالصّائِمُ يَفرَحُ بِفَرحَتَينِ : حينَ يُفطِرُ فَيَطعَمُ ويَشرَبُ ، وحينَ يَلقاني فَاُدخِلُهُ الجَنَّةَ» . ۹

كلام في شرح حديث «الصّوم لي»

قالَ أبو حامدٍ الغزّالي في شرح الحديث : إنّما كانَ الصومُ للّهِ ومشرّفا بالنسبةِ إليهِ ـ وإن كانت العبادات كلّها له كماشرّف البيت بالنسبةِ إليهِ والأرض كلّها له ـ لمعنيين :
أحدهما : أنّ الصوم كفّ وترك ، وهو في نفسه سرّ ليس فيه عمل يشاهد ، فجميع الطاعاتِ بمشهد من الخلق ومرأى ، والصوم لا يعلمه إلّا اللّه تعالى ؛ فإنّه عمل في الباطن بالصبر المجرّد .

1.فضائل الأشهر الثلاثة : ص ۷۷ ح ۶۱.

2.الإقبال : ج ۱ ص ۴۵۴ .

3.سنن الترمذي : ج ۵ ص ۵۵۰ ح ۳۵۴۵.

4.فضائل الأشهر الثلاثة : ص ۱۱۵ ح ۱۰۹.

5.البقرة : ۱۸۳.

6.مكارم الأخلاق : ج ۱ ص ۸۳ ح ۱۴۱ .

7.علل الشرائع : ص ۲۴۹ ح ۵.

8.تهذيب الأحكام : ج ۴ ص ۱۵۲ ح ۴۲۰ .

9.الخصال : ص ۴۵ ح ۴۲.

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 244914
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي