459
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

مَعَكَ؟!
قالَ صلى الله عليه و آله : قَد آمَنتُم وهاجَرتم ، ويا لَيتَني قَد لَقيتُ إخواني . فَأَعادَا القَولَ .
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أنتُم أصحابي ، ولكِن إخوانِيَ الَّذينَ يَأتونَ مِن بَعدِكُم ؛ يُؤمِنونَ بي ويُحِبّونّي ويَنصُرونّي ويُصَدِّقونّي وما رَأَوني ، فَيا لَيتَني قَد لَقيتُ إخواني! ۱

۲۹۷۶.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ في وَصفِ إخوانِهِ الَّذينَ يَأتونَ مِن بَعدِهِ ـ: لَو أنَّ أحَدا مِنهُم يُسَبِّحُ تَسبيحَةً خَيرٌ لَهُ مِن أن يَصيرَ لَهُ جِبالُ الدُّنيا ذَهَبا ، ونَظرَةٌ إلى واحِدٍ مِنهُم أحَبُّ إلَيَّ مِن نَظرَةٍ إلى بَيتِ اللّهِ الحَرام ، ولَو أنَّ أحَدا مِنهُم يَموتُ في شِدَّةٍ بَينَ أصحابِهِ لَهُ أجرُ مَقتولٍ بَينَ الرُّكن وَالمَقام ، ولَهُ أجرُ مَن يَموتُ في حَرَمِ اللّه ، ومَن ماتَ في حَرَمِ اللّهِ آمَنَهُ اللّهُ مِنَ الفَزَعِ الأَكبَرِ ، وأدخَلَهُ الجَنَّةَ . ۲

كلام حول «الإخاء» فى الإسلام

1 . تشريع قانون الإخاء في الإسلام

يأتي تشريع قانون الإخاء في طليعة أبرز الخطوات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية التي خطاها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، حيث تحكي هذه المبادرة بوضوح ارتباطه بمبدأ الوحي، وتنمّ عن منتهى درايته وما يحظى به من حكمة وحنكة إدارية في قيادة الاُمّة الإسلامية وهدايتها.
لقد شرّع القرآن الكريم بقوله: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»۳ قانونا أسّس على ضوئه العلاقة بين آحاد المسلمين، وأوجد بينهم آصرة لم تكن موجودة من قبل ، هذه الصلة أو العلاقة تسمّى «الإخاء الديني» .

2 . أوثق العلاقات الاجتماعية

بتشريعه لقانون الإخاء الديني بادر الإسلام من جهة إلى شنّ معركة لمواجهة ضروب التعصّب العنصري والأثني البغيض ومكافحة الاصطفافات القبلية والتخندقات الحزبية، كما أرسى من جهة اُخرى أوثق العلاقات وعرى التواصل الاجتماعي والسياسي في نسيج الاُمّة الإسلامية.
تثير طبيعة اللغة التي استعملتها الأحاديث الإسلامية في تبيين الآصرة الدينية والتدليل عليها، المزيد من الدهشة والتأمّل وتلفت الانتباه. فالنصوص الإسلامية لم تكتف بإخاءالمسلمين بعضهم لبعض، إنّما راحت تؤكّد بأنّهم إخوة لبعضهم من أبٍ واحد واُمٍّ واحدة، وأنّ هذه الاُخوّة منشؤها في طينة خلقتهم وفطرة تكوينهم ونور أرواحهم.

3 . دين المحبّة والإخاء

الإسلامُ دين المحبّة والإخاء، ومن ثَمَّ لم يكتف هذا الدين بتوثيق عرى التواصل بين المسلمين أكثر فأكثر وحَبْك اللُّحمة بينهم على نحو أشدّ وأقوى؛ بتشريع قانون الإخاء والتركيز على معطياته الفردية

1.الأمالي للمفيد : ص ۶۳ ح ۹ .

2.التحصين لابن فهد : ص ۲۵ ح ۴۰ .

3.الحجرات : ۱۰ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
458

عَبدِ الرَّحمنِ ، و بَينَ فُلانٍ و فُلانٍ ، حَتّى آخى بَينَ أصحابِهِ أجمَعِهِم عَلى قَدرِ مَنازِلِهِم ، ثُمَّ قالَ لِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام : أنتَ أخي و أنَا أخوكَ . ۱

9 / 2 . مُؤاخاةُ أصحابِ النَّبِيّ صلى الله عليه و آله قَبلَ الهِجرَةِ

۲۹۷۱.الاستيعاب :آخى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بَينَ المُهاجِرين بِمَكَّةَ ، ثُمَّ آخى بَينَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ بِالمَدينَةِ ، وقالَ في كُلِّ واحِدَةٍ مِنهُما لِعَلِيٍّ عليه السلام : «أنتَ أخي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ» ، وآخى بَينَهُ وبَينَ نَفسِهِ . ۲

9 / 3 . مُؤاخاةُ أصحابِ النَّبيّ صلى الله عليه و آله بَعدَ الهِجرَةِ

۲۹۷۲.الإمام عليّ عليه السلام :إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَمّا هاجَرَ إلَى المَدينَةِ آخى بَينَ أصحابِهِ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصار ، جَعَلَ المَواريثَ عَلَى الاُخُوَّةِ فِي الدِّينِ لا في ميراثِ الأَرحامِ ، وذلِكَ قَولُهُ تَعالى : «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـهَدُواْ بِأَمْوَ لِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ» إلى قَولِهِ سُبحانَهُ : «وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَـيَتِهِم مِّن شَىْ ءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ»۳ ، فَأَخرَجَ الأَقارِبَ مِنَ الميراثِ وأثبَتَهُ لِأَهلِ الهِجرَةِ وأهلِ الدِّينِ خاصَّةً ، ثُمَّ عَطَفَ بِالقَولِ فَقالَ تَعالى : «وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِى الأَْرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ»۴ ، فَكانَ مَن ماتَ مِنَ المُسلِمينَ يَصيرُ ميراثُهُ وتَرِكَتُهُ لِأَخيهِ فِي الدِّينِ دونَ القَرابَةِ وَالرَّحِمِ الوَشيجَةِ . ۵
فَلَمّا قَوِيَ الإِسلامُ أنزَلَ اللّهُ : «النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَ أَزْوَ جُهُ أُمَّهَـتُهُمْ وَأُوْلُواْ الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَـبِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهَـجِرِينَ إِلَا أَن تَفْعَلُواْ إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَ لِكَ فِى الْكِتَـبِ مَسْطُورًا »۶ ، فَهذا مَعنى نَسخِ آيةِ الميراثِ . ۷

۲۹۷۳.مسند أبي يعلى عن أنس :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يُؤاخي بَينَ الاِثنَينِ مِن أصحابِهِ ، فَيَطولُ عَلى أحَدِهِمَا اللَّيلُ حَتّى يَلقاهُ أخاهُ ، فَيَلقاهُ بِوُدٍّ ولُطفٍ ، فَيَقولُ : كَيفَ كُنتَ بَعدي؟
وأمَّا العامَّةُ فَلَم يَكُن يَأتي عَلى أحَدِهِما ثَلاثٌ لا يَعلَمُ عِلمَ أخيهِ . ۸

9 / 4 . تَجديدُ مَشرُوعِ الإِخاءِ الدّينِيِّ في آخِرِ الزَّمان

۲۹۷۴.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رُبَّ مُؤمِنٍ بي ولَم يَرَني ، ومُصَدِّقٍ بي وما شَهِدَني ، اُولئِكَ إخواني حَقّا . ۹

۲۹۷۵.الأمالي للمفيد عن عوف بن مالك :قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ذاتَ يَومٍ : يا لَيتَني قَد لَقيتُ إخواني! فَقالَ لَهُ أبوبَكرٍ وعُمَرُ : أَوَلَسنا إخوانَكَ؟ آمَنّا بِكَ وهاجَرنا

1.الأمالي للطوسي : ص ۵۸۷ ح ۱۲۱۴ .

2.الاستيعاب : ج ۳ ص ۲۰۲ .

3.الأنفال : ۷۲ .

4.الأنفال : ۷۳ .

5.رَحِم واشجة ووشيجة : مشتبكة متّصلة (لسان العرب : ج ۲ ص ۳۹۹ «وشج») .

6.الأحزاب : ۶ .

7.بحار الأنوار : ج ۱۹ ص ۹۱ ح ۴۸.

8.مسند أبي يعلى : ج ۳ ص ۳۴۹ ح ۳۳۲۵ .

9.تاريخ دمشق : ج ۳۵ ص ۲۵۲.

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 244840
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي