الباب الأوّل : الطّبّ والطّبابة
المدخل
قيمة الطّبّ
يتصدّر علم الطبّ سائر العلوم البشريّة المتنوّعة ؛ ذلك أنّ فلسفة العلوم هي : استثمار الإنسان مواهب الحياة ، وهذا الهدف لا يتيسّر إلّا في ضوء صحّة الجسد والروح .
التطبيب عمل اللّه عز و جل
نقل القرآن الكريم على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام قوله : « وَ إِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ » . ۱
ويستبين من هذا الكلام أنّ التطبيب هو عمل اللّه تعالى ، وأنّ الطبيب الحقيقيّ هو نفسه سبحانه . فهو الّذي وضع الخواصّ الطبّية في العقاقير ، وجعل لكلّ داءٍ في نظام الخلق دواءه ، ووهب الإنسانَ معرفةَ الأدواء وأدويتها وطريقة علاجها ، فاتّخذه الإنسان بذلك رمزا لاسم «الطبيب» و«الشافي» .
موقع الطبّ في القوانين الإسلاميّة
إنّ فلسفة الأحكام والقوانين الإسلاميّة تكامل المجتمع البشريّ مادّيا ومعنويّا ، فالإسلامُ يرى أنّ أعظم النِّعم الإلهيّة هي صحّة البدن ، وأكبر منها صحّة الروح ، وكذلك فإنّ أخطر البلايا مرض البدن ، وأخطر منه مرض الروح .
فإذا كان المرضُ أخطر بلاء ، والصحّةُ أكبر نعمة ، فما منهاج الإسلام ـ الذي يرمي إلى سعادة الإنسان وتكامله ـ لمكافحة الأمراض وضمان سلامة المجتمع؟ وبعبارة اُخرى ، ما موقع الطبّ في الأحكام والقوانين الإسلاميّة؟
موقع الطبّ الوقائيّ في الإسلام
تدلّ دراسة النصوص الإسلاميّة بوضوح على أنّ الطبّ الوقائيّ ، والوقاية من الأمراض ، وضمان سلامة المجتمع هي من الأهداف الأصليّة والحِكَم المهمّة للأحكام الإسلاميّة .
وعلى هذا الأساس فإنّ ما يشكّل ضررا وخطرا على سلامة الجسد أو الروح فهو حرام أو مكروه ، وإنّ ما يكون لازما ومفيدا لسلامة الإنسان فهو واجب أو راجح ، وإنّ ما ليس فيه نفع أو ضرر للجسد أو الروح فهو مباح ، وهذا يعني: أنّ الطبّ الوقائي محبوك في متن الأحكام الإسلاميّة الخمسة ، وأنّ التطبيق الدقيق للقوانين الربّانيّة في الحياة يستتبع سلامة الجسد والروح .
التقويم العامّ للأحاديث الطبّية
من الضروري الإجابة عن ثلاثة أسئلة أساسيّة قبل تقويم الأحاديث الطبّية :
السؤال الأوّل : هل لعلم الطبّ مصدر إلهيّ؟ أي أنّه مستند إلى الوحي أم إلى تجربة الإنسان؟
السؤال الثاني : أكان لأئمّة الدين : رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام معرفة بعلم الطبّ أم لا؟