61
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

القطعيّ للعقل والبرهان ، ومِثلهم في هذه العقيدة أَتباع مدرسة المعتزلة من أَهل السنّة ، أمّا الأَشاعرة وطائفة من أَهل الحديث الذين يُدْعَون المشبّهة أَو الحشويّة ، فإنّهم يقولون بإمكان الرؤية الحسّيّة .
على الرغم من أَنّ القائلين بإمكان رؤية اللّه بالعين يزعمون أَنّ لهم دليلاً عقليّا وآخر نقليّا ، لكنّ بطلان دليلهم العقليّ من الوضوح بمكانٍ أَنّه لا يحتاج إِلى نقاش ، نحو : صِرف وجود الأَشياء يقتضي إِمكان رؤيتها ۱ .
لانّه كما يُلاحَظ في الروايات المأثورة عن أَهل البيت عليهم السلام ، فإنّ العين لا تستطيع أَن ترى إِلّا ما كان له لون وكيفيّة ، ومثل هذا الشيء لا يمكن أَن يكون خالقا غير محدود .
كذلك لا يصحّ الاستدلال بأدلّة نقليّة كقوله تعالى : «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ »۲ على إِمكان الرؤية الحسيّة ؛ لأَنّ الجمع بين هذه الآية وسائر الآيات التي تدلّ على عدم إِمكان الرؤية الحسيّة نحو قوله تعالى : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ »۳ يقتضي أَنّ الرؤية الحسيّة غير مقصودة ، بل هذه الآيات والاحاديث لا تنطبق إلّا على الرؤية القلبية .

1 / 5 . مَعرِفَةُ النَّفسِ ومَعرِفَةُ اللّهِ عز و جل

الكتاب

« وَ فِى الْأَرْضِ ءَايَـتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَ فِى أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ » . ۴

الحديث

۳۰۱.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :مَن عَرَفَ نَفسَهُ فَقَد عَرَفَ رَبَّهُ . ۵

۳۰۲.عنه صلى الله عليه و آله :أَعرَفُكُم بِنَفسِهِ أَعرَفُكُم بِرَبِّهِ . ۶

تحليل حول دور معرفه النفس في معرفة اللّه عز و جل

إِنّ في خلق الإنسان علامات و دلالات واضحة على معرفة اللّه من منظور القرآن الكريم ، وكلّ من لم يكن لجوجا وأَراد أن يقرّ بحقائق الوجود معتمدا على الدليل والبرهان ؛ فإنّه يستطيع أن يتعرّف على خالق العالم وحقيقة الحقائق إِذا أَمعن النظر في حِكَم وجوده.

أَقسام أحاديث الدعوة إلى معرفة النفس

إِنّ الأحاديث الإسلاميّة مستلهمةً من القرآن الكريم ، تؤكّد معرفة النفس كثيرا ، ويمكن أن نقسّمها خمسة أَقسام :
القسم الأوّل : إنّ الأحاديث التي تعدّ معرفة النفس أكثر المعارف قيمةً كالّتي رُوِيَت عن أَمير المؤمنين عليّ عليه السلام إِذ قال:
أَفضَلُ المَعرِفَةِ مَعرِفَةُ الإِنسانِ نَفسَهُ .۷
القسم الثاني : الأحاديث التي تناولت المضارّ الناشئة عن جهل الإنسان نفسه ، فقد روي عن الإمام

1.اللمع للأَشعريّ : ص ۳۲ ، شرح المقاصد للتفتازانيّ : ج ۴ ص ۱۸۹ .

2.القيامة : ۲۲ و ۲۳.

3.الأنعام : ۱۰۳ .

4.الذاريات : ۲۰ و ۲۱ .

5.عوالي اللآلي : ج ۴ ص ۱۰۲ ح ۱۴۹ .

6.جامع الأخبار : ص ۳۵ ح ۱۲ .

7.غرر الحكم : ح ۲۹۳۵ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
60

توضيح حول فطرة معرفة اللّه عز و جل

إِنّ أوّل مبدأ لمعرفة اللّه هو فطرة الإنسان وجبلّته. وتنقسم الآيات والأَحاديث التي تدلّ على هذا المفهوم إِلى ثلاث طوائف ، هي :
الطائفة الأُولى : الآيات والأَحاديث الدالّة على أنّ معرفة اللّه أُودعت في سرائر الناس جميعا بشكل شعور فطريّ . وقد وردت صفوة هذه الآيات والأحاديث في الحديث النبويّ الشريف :
كُلُّ مَولودٍ يولَدُ عَلَى الفِطرَةِ .۱
الطائفة الثانية : النصوص الدالّة على أنّ اللّه سبحانه أخذ الميثاق من الناس قاطبةً على ربوبيّته قبل ولادتهم ، كقوله تعالى :
«وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا» . ۲
الطائفة الثالثة : النصوص التي تدلّ على أنّ طبيعة الإنسان بنحو أنّه إِذا مُنيَ بربقة المصائب والشدائد زالت موانع المعرفة من بصيرته وفي هذه الحالة يشعر بكلّ وجوده حقيقة اللّه سبحانه وتعالى ، ويمدّ يد الفاقة إِلى ذلك الغنيّ . ومحصّلة الآيات القرآنيّة في هذا المجال وردت في كلام نورانيّ للإمام العسكريّ عليه السلام ، فقد قال سلام اللّه عليه :
اللّهُ : هُوَ الَّذي يَتَأَلَّهُ إِلَيهِ عِندَ الحَوائِجِ والشَّدائِدِ كُلُّ مَخلوقٍ عِندَ انقِطاعِ الرَّجاءِ مِن كُلِّ مَن هُوَ دونَهُ ، وتَقَطُّعِ الأسبابِ مِنَ جَميعِ ما سِواهُ.۳

أَوضح براهين التوحيد الفطري

إِنّ القسم الثالث من النصوص التي أُشير إِليها تبيّن أَوضح البراهين التجربيّة على التوحيد الفطريّ ، وقد استند إِليها القرآن مرارا لتعريف اللّه تعالى كحقيقة يعرفها الإنسان ذاتيّا ويجد نفسه محتاجا إِليها .

1 / 4 . رُؤيَةُ اللّهِ عز و جل بِالقَلبِ

الكتاب

« مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى » . ۴

الحديث

۲۹۹.التوحيد عن محمّد بن الفضيل :سَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ عليه السلام : هَل رَأى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله رَبَّهُ عز و جل ؟
فَقالَ : نَعَم بِقَلبِهِ رَآهُ ، أما سَمِعتَ اللّهَ عز و جل يَقولُ : «مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى» أي لَم يَرَهُ بِالبَصَرِ ، ولكِن رَآهُ بِالفُؤادِ . ۵

۳۰۰.التوحيد عن مرازم عن الإمام الصادق عليه السلام :سَمِعتُهُ يَقولُ: رَأى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله رَبَّهُ عز و جل . يَعني بِقَلبِهِ . ۶

كلام في بطلان القول بجواز رؤية اللّه عز و جل بالبصر

يعتقد أَتباع مدرسة أَهل البيت بامتناع الرؤية الحسّيّة للّه تعالى على أَساس تعاليم الكتاب والسنّة والحكم

1.الكافي : ج۲ ص۱۳ ح۳ .

2.الأعراف: ۱۷۲ .

3.التوحيد : ص ۲۳۱ ح ۵ ، معاني الأخبار : ص ۴ ح ۲ ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۴۱ ح ۱۶ .

4.النجم : ۱۱.

5.التوحيد: ص ۱۱۶ ح ۱۷ .

6.التوحيد: ص ۱۱۶ ح ۱۶ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 255468
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي