الأحاديث .
على هذا فإنّ جفاف قلم التقدير لا يسلب الإنسان حرّيته وحسب ، بل إنّه يمنحه الحرّية ، لأنّ كتابته الّتي هي غير قابلة للتغيير هي حرّية الإنسان في اختيار طريق السعادة ، أو الشقاء.
3 . نطاق حرّية الإنسان في دائرة التقدير الإلهي
إنّ حرّية الإنسان ليست مطلقة في تعيين مصيره الدنيوي والاُخروي ، بل هي في دائرة القضاء والقدر الإلهيين ، لأنّ لكلّ إنسان استعدادا خاصّا على أساس التقدير الحكيم للحقّ جلّ وعلا ، حيث لا يستطيع أن يتمتّع بحرّيته وسعيه ، إلّا في نطاق مقدراته واستعداداته ، لا أنّ كلّ شخص بإمكانه أن يصل إلى المركز الّذي يتطلّع إليه من الناحية الماديّة أو المعنويّة ، وما جاء في الأحاديث السابقة من أنّه : «كلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ» يشير إلى هذه الملاحظة .
نعم إنّ الإنسان لا يمكنه ـ كسائر المخلوقات ـ أن يخرج من نطاق المقدّرات الإلهيّة ، والفرق الوحيد بين الإنسان وسائر المخلوقات هو أنّه حرّ في تعيين مصيره في نطاق المقدّرات الإلهيّة ، وإنّ نظام الخلق سوف يوفّر له أداة الوصول إلى المصير الّذي يختاره مهما كان هذا المصير: «كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلَاءِ وَ هَـؤُلَاءِ مِنْ عَطَـاءِ رَبِّكَ وَ مَا كَانَ عَطَـاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا» . ۱
الفصل الخامس : خصائص القضاء والقدر
5 / 1 . الحُسنُ
۴۵۲.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ فِي الدُّعاءِ ـ: هُوَ العَزيزُ الغَفورُ ، جَميلُ الثَّناءِ ، حَسَنُ البَلاءِ ، سَميعُ الدُّعاءِ ، حَسَنُ القَضاءِ . ۲
5 / 2 . العَدْلُ
۴۵۳.الكافي :أتى جَبرَئيلُ عليه السلام إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَهُ : إنَّ رَبَّكَ يَقولُ لَكَ : إذا أرَدتَ أن تَعبُدَني يَوما ولَيلَةً حَقَّ عِبادَتي فَارفَع يَدَيكَ إلَيَّ وقُل : «... اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ حَمدا أبَدا ، أنتَ حَسَنُ البَلاءِ ، جَليلُ الثَّناءِ ، سابِغُ ۳ النَّعماءِ ، عَدلُ القَضاءِ ، جَزيلُ العَطاءِ» . ۴
5 / 3 . الخِيَرَةُ لِلمُؤمِنِ
۴۵۴.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :في كُلِّ قَضاءِ اللّهِ عز و جلخِيَرَةٌ لِلمُؤمِنِ . ۵
۴۵۵.عنه صلى الله عليه و آله :المُؤمِنُ كُلٌّ لَهُ فيهِ خَيرٌ ، ولَيسَ ذاكَ لِأَحَدٍ إلّا لِلمُؤمِنِ ، إن أصابَهُ سَرّاءُ فَشَكَرَ اللّهَ فَلَهُ أجرٌ ، وإن أصابَهُ ضَرّاءُ فَصَبَرَ فَلَهُ أجرٌ ، فَكُلُّ قَضاءِ اللّهِ لِلمُسلِمينَ خَيرٌ . ۶
۴۵۶.الإمام زين العابدين عليه السلام :ضَحِكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ذاتَ يَومٍ حَتّى بَدَت نَواجِذُهُ ۷ ، ثُمَّ قالَ : ألا تَسأَلُونّي مِمَّ ضَحِكتُ ؟ قالوا : بَلى يا رَسولَ اللّهِ .
1.الإسراء : ۲۰ .
2.الدروع الواقية : ص ۸۸ .
3.سُبوغُ النِّعمة : تَمامُها وَسَعَتُها (النهاية : ج ۲ ص ۳۳۸ «سبغ») .
4.الكافي : ج ۲ ص ۵۸۱ ح ۱۶ .
5.التوحيد : ص ۳۷۱ ح ۱۱ .
6.السنن الكبرى : ج ۳ ص ۵۲۶ ح ۶۵۵۴.
7.النواجذُ من الأسنان : الضواحك ، وهي التي تبدو عند الضحك (النهاية : ج ۵ ص ۲۰ «نجذ») .