199
حكم النّبيّ الأعظم ج7

توضيح حول آفات التنمية والوقاية منها

بغية التعرّف على مفاهيم النصوص التي جاءت حول موضوع آفات التنمية على نحو أفضل، ومن أجل إدراك الأهداف التي تتوخّاها، تجدر العناية بالملاحظات التالية:
1 . لا يمكن تحليل ما جاء حول آفات التنمية وسبل الوقاية منها وفهمه إلّا في إطار العلاقة مع التنمية المستديمة الشاملة. أمّا لو اقتصر مفهوم التنمية على الاحتياجات المادّية والعاجلة، فلن يكون ثمّة معنى للحديث عن آفات التنمية في هذا القسم، وكذلك الحال بالنسبة إلى موانع التنمية التى أشرنا بها سابقا .
2 . تكمن أخطر آفات التنمية المستديمة في الرؤية الكونية المادّية، وهذه الآفة هي في حدّ من الخطورة بحيث تقلب التنمية إلى ضدّها حتّى في مفهومها المحدود والدنيوي.
تقطع الرؤية الكونية المادّية صلة الإنسان بخالق الوجود وبعالم الأبدية، والغفلة عن ذكر اللّه سبحانه وعن الآخرة هي منشأ ضروب المفاسد والآفات، وهي من بين الآفات الاقتصادية.
في إطار المرجعية الفكرية المادّية لا معنى لمبادئ التنمية الاعتقادية ولا محلّ لها من الإعراب، ومن ثمّ لن يبقى أيّ إنسان بانتظار ما تسفر عنه جهوده المشروعة من ثمار على صعيد بلوغ الأهداف الاقتصادية، بل يكفي أن تتباطأ تلك الجهود في تحقيق غايتها، أو تأتي النتائج دون الطموح، لكي يتحوّل ذلك إلى حافز يدفع الإنسان صوب المبادرات غير المشروعة.
من الممكن أن تحقّق الجهود غير المشروعة مكاسب عاجلة على صعيد الأهداف الاقتصادية، بيد أنّها لن تفضي ـ دون ريب ـ إلى التنمية الشاملة والمستديمة.
3 . تبرز الرؤية الكونية الإلهية بوصفها العامل الرئيسي الأوّل في الوقاية من آفات التنمية. لمّا كان الارتباط بخالق الوجود والإيمان بالحياة الأبدية يردعان عن التورّط في الممارسات غير المشروعة، ويحولان دون التوسّل بالأدوات المنحرفة في سبيل تحقّق الأهداف الاقتصادية، فمن الطبيعي أن يتحوّل ذلك إلى رادع وقائي يحول دون بروز آفات التنمية.
على أساس المرجعية الفكرية التوحيدية ، يفضي الإيمان بالتقدير بمفهومه الصحيح والبنّاء ـ إلى جوار التدبير والعمل ـ إلى أن يعيش الإنسان الهدوء والاستقرار. فإذا آمن الإنسان بأنّ اللّه هو الرزّاق، فلن يغتمّ لأمر الرزق ويحزن له؛ انطلاقا من إيمانه بأنّ اللّه ضمن رزق كلّ إنسان يسعى في طلبه، كما أنّه لا يحرص، ولا يرمي بنفسه في لهوات المخاطر وفي لجّة الآلام والمشاقّ بأكثر ممّا ينبغي، بل يقنع بالحياة الكريمة، ثمّ تراه يبادر إلى إنفاق ما يزيد على حاجته لما يحقّق الازدهار العامّ ويخدم أبناء نوعه.


حكم النّبيّ الأعظم ج7
198

۱۰۶۹۵.المعجم الكبير عن أبي هريرة :إنَّ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله دَخَلَ عَلى بِلالٍ فَوَجَدَ عِندَهُ صُبَرا مِن تَمرٍ ، فَقالَ : ما هذا يا بِلالُ؟ فَقالَ : تَمرٌ أدَّخِرُهُ . قالَ : وَيحَكَ يا بِلالُ! أوَ ما تَخافُ أن يَكونَ لَهُ بُخارٌ فِي النّارِ ؟! أنفِق يا بِلالُ ، ولا تَخشَ مِن ذِي العَرشِ إقلالاً . ۱

۱۰۶۹۶.حلية الأولياء عن أنس بن مالك :اُهدِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله طَوائِرُ ثَلاثٍ ، فَأَكَلَ طَيرا وَاستَخبَأَ خادِمُهُ طَيرَينِ ، فَرَدَّهُما عَلَيهِ مِنَ الغَدِ ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : ألَم أنهَكَ أن تَرفَعَ شَيئا لِغَدٍ؟! إنَّ اللّه َ يَأتي بِرِزقِ كُلِّ غَدٍ . ۲

۱۰۶۹۷.مسند ابن حنبل عن أنس بن مالك :اُهدِيَت لِرَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ثَلاثُ طَوائِرَ ، فَأَطعَمَ خادِمَهُ طائِرا ، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ أتَتهُ بِهِ ، فَقالَ لَها رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : ألَم أنهَكِ أن تَرفَعي شَيئا؟! فَإِنَّ اللّه َ عز و جل يَأتي بِرِزقِ كُلِّ غَدٍ . ۳

1.المعجم الكبير : ج ۱ ص ۳۴۱ ح ۱۰۲۴ وص ۳۴۰ ح ۱۰۲۰ وج ۱۰ ص ۱۵۵ ح ۱۰۳۰۰ كلاهما عن عبد اللّه نحوه .

2.حلية الأولياء : ج ۱۰ ص ۲۴۳

3.مسند ابن حنبل : ج ۴ ص ۳۹۴ ح ۱۳۰۴۲ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج7
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 389936
الصفحه من 662
طباعه  ارسل الي