205
حكم النّبيّ الأعظم ج7

المدخل

يتصدّر علم الطبّ سائر العلوم البشريّة المتنوّعة ؛ ذلك أنّ فلسفة العلوم هي : استثمار الإنسان مواهب الحياة ، وهذا الهدف لا يتيسّر إلّا في ضوء صحّة الجسد والروح . ۱ من هنا قال الإمام الباقر عليه السلام :
وَاعلَم أنَّهُ لا عِلمَ كَطَلَبِ السَّلامَةِ ، ولا سَلامَةَ كَسَلامَةِ القَلبِ .۲
ويدلّ هذا الكلام بوضوح على أنّ طبّ الروح من منظار الإسلام أغلى من طبّ الجسد ، وطبّ الجسد أغلى من سائر العلوم ، وهذا ما يشير إليه الحديث النبويّ الشريف الآتي أيضا :
العِلمُ عِلمانِ : عِلمُ الأَديانِ ، وعِلمُ الأَبدانِ .۳

التطبيب عمل اللّه

نقل القرآن الكريم على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام قوله : « وَ إِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ » . ۴
ويستبين من هذا الكلام أنّ التطبيب هو عمل اللّه تعالى ، وأنّ الطبيب الحقيقيّ هو نفسه سبحانه . ۵ فهو الّذي وضع الخواصّ الطبّية في العقاقير ، وجعل لكلّ داءٍ في نظام الخلق دواءه ۶ ، ووهب الإنسانَ معرفةَ الأدواء وأدويتها وطريقة علاجها ، فاتّخذه الإنسان بذلك رمزا لاسم «الطبيب» و«الشافي» ، كما كان الأنبياء عليهم السلام رمزا لهذين الاسمين المقدَّسَين فيما يتّصل بعلاج الأمراض الروحيّة .
قال الإمام عليّ عليه السلام في وصف رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
طَبيبٌ دَوّارٌ بِطِبِّهِ ، قَد أحكَمَ مَراهِمَهُ ، وأحمى مَواسِمَهُ ، يَضَعُ ذلِكَ حَيثُ الحاجَةُ إلَيهِ ، مِن قُلوبٍ عُميٍ ، وآذانٍ صُمٍّ ، وألسِنَةٍ بُكمٍ . مُتَتَبِّعٌ بِدَوائِهِ مَواضِعَ الغَفلَةِ ، ومَواطِنَ الحَيرَةِ .۷
وهكذا يرى الإسلام أنّ الطبيب والدواء ـ روحيّين كانا أم جسديّين ـ يؤدّيان دور الواسطة في النظام الكَونيّ الحكيم ، وأنّ المعالج هو اللّه سبحانه وحدَه .

1.كما روي عن الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قوله: «بِالعافِيَةِ توجَدُ لَذَّةُ الحَياةِ» (غرر الحكم ، ح ۴۲۰۷) .

2.موسوعة الأحاديث الطبية : ج ۱ (القسم الأوّل : الطّبابة / الفصل الأوّل : الطبابة في منظار الإسلام / اهمية علم الطب) .

3.راجع : ص ۲۱۹ ح ۱۰۶۹۸ .

4.الشعراء : ۸۰ .

5.راجع: موسوعة الأحاديث الطبيّة: ج۱ (القسم الأوّل: الطبابة/ الفصل الأوّل: الطبابة في منظار الإسلام / الشفاء من اللّه ) .

6.راجع: موسوعة الأحاديث الطبيّة: ج۱ (القسم الأوّل: الطبابة/ الفصل الأوّل: الطبابة في منظار الإسلام / لكلّ داء دواء) .

7.نهج البلاغة ، الخطبة ۱۰۸ ، عيون الحكم والمواعظ ، ص ۳۱۹ ، ح ۵۵۶۴ .


حكم النّبيّ الأعظم ج7
204
  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج7
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 341081
الصفحه من 662
طباعه  ارسل الي