2
التقويم العامّ للأحاديث الطبّية
من الضروري الإجابة عن ثلاثة أسئلة أساسيّة قبل تقويم الأحاديث الطبّية :
السؤال الأوّل : هل لعلم الطبّ مصدر إلهيّ؟ أي أنّه مستند إلى الوحي أم إلى تجربة الإنسان؟
السؤال الثاني : أكان لأئمّة الدين : رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام معرفة بعلم الطبّ أم لا؟
السؤال الثالث : هَبْ أنّ لهم معرفةً بعلم الطبّ ، فهل يقوم الدين على أساس مزاولة الشؤون الطبّية ، ومعالجة أنواع الأمراض الجسديّة؟
1 . مصدر علم الطبّ
يرى بعض العلماء أنّ لعلم الطبّ مصدرا إلهيّا ، وأنّه يستندُ على الوحي ، قال المفكّر والمحقّق الكبير الشيخ المفيد قدس سره في هذا المجال :
الطبّ صحيح ، والعلم به ثابت ، وطريقه الوحي ، وإنّما أخذ العلماء به عن الأنبياء ؛ وذلك أنّه لا طريق إلى علم حقيقة الداء إلّا بالسمع ، ولا سبيل إلى معرفة الدواء إلّا بالتوقيف ۱ ، فثبت أنّ طريق ذلك هو السمع عن العالم بالخفيّات تعالى . ۲
يبدو أنّ حاجة الإنسان الأوّل كانت تستدعي قيام الوحي لرفده ببعض العلوم التجريبيّة الضروريّة لحياته ، ويدعم هذا الرأي ما نقله السيّد رضي الدين علي بن طاووس قدس سره عن بعض الكتب :
إنَّ اللّه َ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ أهبَطَ آدَمَ مِنَ الجَنَّةِ ، وعَرَّفَهُ عِلمَ كُلِّ شَيءٍ ، فَكانَ مِمّا عَرَّفَهُ النُّجومُ وَالطِّبُّ . ۳
من هنا ، يمكننا أن نقول : إنّ بداية علم الطبّ كانت عن طريق الوحي ، ثُمّ زادته تجربة العلماء فاتّسع تدريجيّا ، ويتّسع على تواتر الأيّام ، لكنّ من زعم أنّ الوحي هو الطريق الوحيد لهذا العلم ، فإنّ كلامه لا يقوم على برهان عقليّ أو شرعيّ ، كما أثبتت التجربة بطلانه ، وما نُقل عن المرحوم الشيخ المفيد قوله إنّ طريقه : «السمع عن العالم بالخفيّات» يصحّ إذا قُصد أنّه أحد طرقه ، لا أنّه الطريق الوحيد ، وإلّا فلا .
1.في بحار الأنوار : «بالتوفيق» .
2.تصحيح الاعتقاد ، ص ۱۴۴ ، بحارالأنوار ، ج ۶۲ ، ص ۷۵ .
3.موسوعة الأحاديث الطبيّة: ج۱ (الطبابة/ الفصل الأوّل: الطبابة في منظار الإسلام/ معرفة الإنبياء والأئمة بعلم الطب) .