287
حكم النّبيّ الأعظم ج7

1/1 . تزكية النفس

يتمثّل الدور التربويّ للمرض على الخاطئين في تمزيق حجب الغفلة ، وتبصيرهم ، وتزكية نفوسهم من الأدناس والأرجاس ، كما قال أميرالمؤمنين عليه السلام :
إذَا ابتَلَى اللّه ُ عَبدا أسقَطَ عَنهُ مِنَ الذُّنوبِ بِقَدرِ عِلَّتِهِ .۱

1/2 . تكامل الإنسان

أمّا مرض الأبرار المتّقين ، فإنّه يرفع درجتهم ويبعث على تكاملهم ، كما نُقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله قوله :
إنَّ الرَّجُلَ لَيَكونُ لَهُ الدَّرَجَةُ عِندَ اللّه ِ ، لا يَبلُغُها بِعَمَلِهِ حَتّى يُبتَلى بِبَلاءٍ في جِسمِهِ ، فَيَبلُغُها بِذلِكَ .۲
ونظرا إلى الآثار التربويّة للمرض في حياة الإنسان ، فإنّ بقاء المرء سالما لا يمرض مذموم من منظور الأحاديث المأثورة .
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «كَفى بِالسَّلامَةِ داءً» .۳
وورد : «إنَّ اللّه َ يُبغِضُ العِفرِيَةَ النِّفرِيَةَ الَّذي لَم يُرزَأ في جِسمِهِ ولا مالِهِ» .۴
ومن الطبيعي أنّنا ينبغي أن نلتفت إلى أنّ مطلق المرض كمطلق الصحّة ليس له أثر تربويّ إيجابيّ في الإنسان . لذا كان موسى عليه السلام يقول في دعائه :
يا رَبِّ لا مَرَضٌ يُضنيني۵ولا صِحَّةٌ تُنسيني ، ولكِن بَينَ ذلِكَ ، أمرِضُ تارَةً فَأَشكُرُكَ ، وأَصِحُّ تارَةً فَأَشكُرُكَ .۶
ونُقل عن داوود عليه السلام أنّه كان يقول :
اللّهُمَّ لا صِحَّةً تُطغيني ، ولا مَرَضا يُضنيني ولكِن بَينَ ذَينِكَ .۷
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول :
اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ ... مِن سُقمٍ يُشغِلُني ، ومِن صِحَّةٍ تُلهيني .۸

1.موسوعة الأحاديث الطبية : ج۱ (القسم الثاني : المرض / الفصل الثالث : منافع المرض / الكفارة) .

2.موسوعة الأحاديث الطبية: ج۱ (القسم الثاني : المرض / الفصل الثالث : منافع المرض / الكرامة) .

3.المجازات النبويّة ، ص ۴۳۰ ، ح ۳۴۹ ، تنبيه الخواطر ، ج ۲ ، ص ۷ ، بحار الأنوار ، ج ۸۱ ، ص ۱۷۴ ، ح ۱۱ ؛ مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۰۲ ، ح ۱۴۰۹ ، الفردوس ، ج ۳ ، ص ۲۹۰ ، ح ۴۸۷۱ كلاهما عن أنس ، كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۳۰۸ ، ح ۶۶۹۲ .

4.الدعوات ، ص ۱۷۲ ، ح ۴۸۲ .

5.أضنى : أي أصابه الضَّنى؛ وهو شدّة المرض حتّى نحَلَ جسمُه (النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۴).

6.إرشاد القلوب ، ص ۴۲ ، الدعوات ، ص ۱۳۴ ، ح ۳۳۴ وليس فيه ذيله .

7.البيان والتبيين ، ج ۳ ، ص ۱۵۳ عن دَهْثَم .

8.مهج الدعوات ، ص ۱۳۲ عن سعد بن عبداللّه ، بحارالأنوار ، ج ۹۴ ، ص ۲۴۰ .


حكم النّبيّ الأعظم ج7
286

الحِكمَةُ مِن المَرَضِ

لاريب في أنّ كلّ ظاهرة في نظام الوجود لا تخلو من الحكمة ، وإن كانت حكمتها خافية علينا . يقول الإمام الصادق عليه السلام في الحكمة من المرض :
إنَّ المَرَضَ عَلى وُجوهٍ شَتّى : مَرَضُ بَلوى ، ومَرَضُ عُقوبَةٍ ، ومَرَضٌ جُعِلَ عِلَّةً لِلفَناءِ ... .۱
لقد ذكر الإمام عليه السلام ثلاث حكم للأمراض وهي مجهولة على علم الطبّ ، وفيما يأتي حديث موجز لحكمة المرض من منظار الروايات المأثورة :

1 . التَّربية

إنّ أهمّ حكمة للمرض هي دوره التربويّ البنّاء في حياة الإنسان ، فقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في هذا المجال :
المَرَضُ سَوطُ اللّه ِ في الأَرضِ يُؤَدِّبُ بِهِ عِبادَهُ .۲
وما جاء في كلام الإمام الصادق عليه السلام في تبيان الوجه الأوّل من وجوه المرض «مرض البلوى» إشارة إلى هذه الحكمة أيضا ؛ لأنّ البلوى هي الاختبار ، وفلسفة الاختبارات الإلهيّة تربية الإنسان وتنمية قابليّاته الكامنة وتفتّحها .
إنّ حكمة المرض ليست وحدَها اختبارا إلهيّا بل الاختبار فلسفة الصحّة أيضا ، أي : لكلٍّ من الصحّة والمرض آثاره التربويّة الإيجابيّة ، وكلٌّ منهما ضروريّ لتكامل الإنسان ، وفي هذا الموضوع حكاية طريفة نقلها الإمام الصادق عليه السلام عن مرضٍ ألمّ بأميرالمؤمنين عليه السلام ، فعاده جماعة ، فسألوه عن حاله قائلين : كيف أصبحتَ يا أميرالمؤمنين ؟
فأجاب خلافا للمألوف : «أصبَحتُ بِشَرٍّ» .
فعجبوا من كلامه ، وقالوا : سبحان اللّه ! هذا كلام مثلك؟ !
فقال عليه السلام :
قالَ اللّه ُ تَعالى :« وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ »۳، فَالخَيرُ : الصِّحَّةُ وَالغِنى؛ وَالشَّرُّ : المَرَضُ وَالفَقرُ ابتِلاءً وَاختِبارا .۴

1.موسوعة الأحاديث الطبية: ج۱ (القسم الثاني : المرض / الفصل الثاني : وجوه من الحكمة في الأمراض) .

2.موسوعة الأحاديث الطبية: ج۱ (القسم الثاني : المرض / الفصل الثالث: منافع المرض/ التأديب) .

3.الأنبياء : ۳۵ .

4.الدعوات ، ص ۱۶۸ ، ح ۴۶۹ ، مجمع البيان ، ج ۷ ، ص ۷۴ ، بحارالأنوار ، ج ۸۱ ، ص ۲۰۹ ، ح ۲۵ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج7
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 389961
الصفحه من 662
طباعه  ارسل الي