الحِكمَةُ مِن المَرَضِ
لاريب في أنّ كلّ ظاهرة في نظام الوجود لا تخلو من الحكمة ، وإن كانت حكمتها خافية علينا . يقول الإمام الصادق عليه السلام في الحكمة من المرض :
إنَّ المَرَضَ عَلى وُجوهٍ شَتّى : مَرَضُ بَلوى ، ومَرَضُ عُقوبَةٍ ، ومَرَضٌ جُعِلَ عِلَّةً لِلفَناءِ ... .۱
لقد ذكر الإمام عليه السلام ثلاث حكم للأمراض وهي مجهولة على علم الطبّ ، وفيما يأتي حديث موجز لحكمة المرض من منظار الروايات المأثورة :
1 . التَّربية
إنّ أهمّ حكمة للمرض هي دوره التربويّ البنّاء في حياة الإنسان ، فقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في هذا المجال :
المَرَضُ سَوطُ اللّه ِ في الأَرضِ يُؤَدِّبُ بِهِ عِبادَهُ .۲
وما جاء في كلام الإمام الصادق عليه السلام في تبيان الوجه الأوّل من وجوه المرض «مرض البلوى» إشارة إلى هذه الحكمة أيضا ؛ لأنّ البلوى هي الاختبار ، وفلسفة الاختبارات الإلهيّة تربية الإنسان وتنمية قابليّاته الكامنة وتفتّحها .
إنّ حكمة المرض ليست وحدَها اختبارا إلهيّا بل الاختبار فلسفة الصحّة أيضا ، أي : لكلٍّ من الصحّة والمرض آثاره التربويّة الإيجابيّة ، وكلٌّ منهما ضروريّ لتكامل الإنسان ، وفي هذا الموضوع حكاية طريفة نقلها الإمام الصادق عليه السلام عن مرضٍ ألمّ بأميرالمؤمنين عليه السلام ، فعاده جماعة ، فسألوه عن حاله قائلين : كيف أصبحتَ يا أميرالمؤمنين ؟
فأجاب خلافا للمألوف : «أصبَحتُ بِشَرٍّ» .
فعجبوا من كلامه ، وقالوا : سبحان اللّه ! هذا كلام مثلك؟ !
فقال عليه السلام :
قالَ اللّه ُ تَعالى :« وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ »۳، فَالخَيرُ : الصِّحَّةُ وَالغِنى؛ وَالشَّرُّ : المَرَضُ وَالفَقرُ ابتِلاءً وَاختِبارا .۴
1.موسوعة الأحاديث الطبية: ج۱ (القسم الثاني : المرض / الفصل الثاني : وجوه من الحكمة في الأمراض) .
2.موسوعة الأحاديث الطبية: ج۱ (القسم الثاني : المرض / الفصل الثالث: منافع المرض/ التأديب) .
3.الأنبياء : ۳۵ .
4.الدعوات ، ص ۱۶۸ ، ح ۴۶۹ ، مجمع البيان ، ج ۷ ، ص ۷۴ ، بحارالأنوار ، ج ۸۱ ، ص ۲۰۹ ، ح ۲۵ .