2 . العقوبة
نلاحظ في نظام الوجود الحكيم أنّ المرض بالنسبة إلى الّذين لم يُفسدوا الأرضية التّربويّة في نفوسهم ـ كما وضّحنا ـ يؤدّي إلى إزاحة حجاب الغفلة ، ويفضي إلى التبصير والبناء ، أمّا الذين بلغ عندهم الدَنَس الروحي مبلغا تأنف فيه أنفسهم الإصلاح ، فإنّ المرض يعدّ نوعا من العقوبة الإلهيّة لهم ، كما عبّر عنه الإمام الصادق عليه السلام بأنّه «مَرَضُ العُقوبَةِ» .
وقال الإمام الرضا عليه السلام في دور المرض بالنسبة إلى الذين لهم قابليّة الاستفادة منه أو ليس لهم ذلك :
المَرَضُ لِلمُؤمِنِ تَطهيرٌ ورَحمَةٌ ، ولِلكافِرِ تَعذيبٌ ولَعنَةٌ .۱
3 . الباعث على الموت
ليس للمرض أحيانا حكمة تربويّة ولا فلسفة جزائيّة ، بل يؤدّي إلى الموت ، والموت في نظام الخلق لا يخلو من حكمة ، فالجميع يجب أن يموتوا :
« كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ » . ۲
وترى الأحاديث والروايات أنّ لجميع الأمراض علاجا ، والمرض الوحيد الذي لا علاج له هو الموت ، فقد جاء في الحديث النبويّ :
إنَّ اللّه َ لَم يَنزِل داءً إلاّ أنزَلَ لَهُ دَواءً ، عَلِمَهُ مَن عَلِمَهُ ، وجَهِلَهُ مَن جَهِلَهُ إلاَّ السّامَ .۳
وفي ضوء ذلك لا يبلغ علم الطبّ قمّة الكمال إلّا إذا اكتشف لجميع الأمراض دواءً ، بَيْدَ أنّه لا يستطيع أن يصنع للموت دواءً بلا شكّ .
من هنا أكّد الإمام الصادق عليه السلام في حواره مع ذلك الشخص الذي كان يزعم القدرة على الحؤول دون الموت من خلال المراعاة الصحيحة للجسد ، وتناول الطعام المناسب أنّه لا يمكن علاج المرض الّذي يؤدّي إلى الموت ، وأشار عليه السلام إلى استسلام ثلاثة من كبار الأطبّاء والحكماء للموت ، وقال :
قَد ماتَ أرَسطاطاليسُ مُعَلِّمُ الأَطِبّاءِ ، وأَفلاطون رَئِيسُ الحُكَماءِ ، وجالينوسُ شاخَ ودَقَّ بَصَرُهُ ، وما دَفَعَ المَوتَ حينَ نَزَلَ بِساحَتِهِ ، ولَم يَألوا۴حِفظَ أنفُسِهِم، وَالنَّظَرَ لِما يُوافِقُها .۵
1.موسوعة الأحاديث الطبية: ج۱ (القسم الثاني : المرض / الفصل الثالث : منافع المرض / الكفارة) .
2.الأنبياء : ۳۵ .
3.موسوعة الأحاديث الطبية: ج۱ (القسم الثاني : الطبابة / الفصل الأوّل : لطبابة في منظار الإسلام / لكل داء دواء) .
4.الألْو : الاستطاعة (لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۴۱).
5.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۲۲۵ ، ح ۲۲۳ ، بحارالأنوار ، ج ۱۰ ، ص ۱۷۲ ، ح ۲ .