293
حكم النّبيّ الأعظم ج7

تحليل حول الأحاديث المتعلّقة بأجر المرض

يقول الشريف الرضي ـ رضوان اللّه عليه ـ في ذيل الحكمة 42 من نهج البلاغة (جَعَلَ اللّه ُ ما كانَ مِن شَكواكَ حَطّا لِسَيِّئاتِكَ ؛ فَإِنَّ المَرَضَ لا أَجرَ فيهِ ...)۱:
صدق عليه السلام ، إنّ المرض لا أجر فيه ، لأنّه من قبيل ما يُستحقّ عليه العوض ؛ لأنّ العوضُ يستحقّ على ما كان في مقابلة فعل اللّه تعالى بالعبد من الآلام والأمراض وما يجري مجرى ذلك ، والأجر والثواب يُستحقّان على ما كان في مقابلة فعل العبد ، فبينهما فرق قد بيّنه عليه السلام كما يقتضيه علمه الثاقب ورأيه الصائب .
أقول : إنّه قدس سره في بيان كلام الإمام عليه السلام فرّق بين «العِوض» و«الأجر» في المعنى فأثبت للمرض العوض دون الأجر لأنّ المرض فعل اللّه تعالى، ولكنّ التأمّل في الأحاديث الواردة في أجر المرض يدلُّ على أنّها تنقسم إلى ستّة أقسام هي :
1 . الأحاديث التي تنصّ على أنّ المرض لا أجر فيه ، لكنّه تطهير من الآثام ، كالحديث رقم 10987 .
2 . الأحاديث التي تنصّ على أنّ المرض يحطّ السيّئات ، بَيْدَ أنّها لا تتحدّث عن أجره ، كالحديث رقم 10985 و 10986 و 10988 و... .
3 . الأحاديث التي تؤكّد أنّ المرض يرفع درجات المريض، كالحديث رقم 11003.
4 . الأحاديث التي تصرّح بوجود أجر كبير في المرض ، ويدلّ بعضها على أنّ أجر ثلاث ليال في الحمّى يعادل عبادة سبعين سنةً ، كالحديث رقم 11009 .
5 . الأحاديث التي تدلّ على أنّه يكتب في صحيفة أعمال المريض ما يعادل ثواب الأعمال التي لم يفلح في أدائها بسبب مرضه ، بل أكثر منها ، كأحاديث باب (ثواب ما كان يعمل في الصحّة) .
6 . الحديث الذي يعدّ في الحقيقة محصَّلة للأحاديث السابقة ، وفيه يقول الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام جوابا عن سؤال سلمان ـ إذا مرضنا فهل لنا إلّا تطهير الذنوب؟ ـ :
إنَّ لَكُمُ الأَجرَ بِالصَّبرِ عَلَيهِ وَالتَّضَرُّعِ إلَى اللّه ِ عز و جل وَالدُّعاءِ لَهُ ، بِهِما يُكتَبُ لَكُمُ الحَسَناتُ ، ويُرفَعُ لَكُمُ الدَّرَجاتُ. وأَمَّا الوَجَعُ فَهُوَ خاصَّةً تَطهيرٌ وكَفّارَةٌ .۲
علما أنّ المرض نفسه كعمل الإنسان لا أجر فيه ، والإمام عليه السلام يرى أنّ المؤمن إذا صبر ودعا وتضرّع في مقابل الألم ، فالصبر والدعاء من عمل الإنسان ، وبهما ترفع درجاته وتكتب له الحسنات .
من هنا ، لا تتعارض الروايات على اختلافها ؛ لأنّ الروايات التي تنصّ على أنّ المرض لا أجر فيه تنظر إلى نفس المرض دون عمل المريض ونيّته ، والروايات التي تصرّح بثواب المريض ورفع درجته تُشير إلى صبره ومقاومته ونيّته، لذا إن كان المريض سالما وأدّى صلاة الليل مثلاً ، كُتب له ثوابها ، والمريض الذي يصبر علاوةً على ذلك زاد أجره ، والمريض الذي يدعو ويتضرّع مضافا إلى ذلك ، فله الدرجات العلى .

1.انظر تمام الحديث في موسوعة الأحاديث الطبيّة : ج۱ (القسم الثاني: المرض / الفصل الثالث: منافع المرض / الكفارة).

2.راجع: موسوعة الأحاديث الطبيّة : ج۱ (القسم الثاني: المرض / الفصل الثالث: منافع المرض / الثواب ، ح ۱۸۸).


حكم النّبيّ الأعظم ج7
292

۱۱۰۱۴.عنه صلى الله عليه و آله :ما أحَدٌ مِنَ المُسلِمينَ يُصابُ بِبَلاءٍ في جَسَدِهِ إلّا أمَرَ اللّه ُ الحَفَظَةَ الَّذينَ يَحفَظونَهُ فَقالَ : اُكتُبوا لِعَبدي في كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ مِثلَ ما كانَ يَعمَلُ مِنَ الخَيرِ ما كانَ مَحبوساً في وَثاقي . ۱

۱۱۰۱۵.عنه صلى الله عليه و آله :لِلمَريضِ أربَعُ خِصالٍ : يُرفَعُ عَنهُ القَلَمُ ، ويَأمُرُ اللّه ُ المَلَكَ يَكتُبُ لَهُ كُلَّ فَضلٍ كانَ يَعمَلُهُ في صِحَّتِهِ ، ويَتَتَبَّعُ مَرَضُهُ كُلَّ عُضوٍ في جَسَدِهِ فَيَستَخرِجُ ذُنوبَهُ مِنهُ ، فَإِن ماتَ ماتَ مَغفوراً لَهُ ، وإن عاشَ عاشَ مَغفوراً لَهُ . ۲

۱۱۰۱۶.الإمام الصادق عليه السلام :إنَّ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله رَفَعَ رَأسَهُ إلَى السَّماءِ ، فَتَبَسَّمَ ، فَقيلَ لَهُ : يا رَسولَ اللّه ِ ، رَأَيناكَ رَفَعتَ رَأسَكَ إلَى السَّماءِ ، فَتَبَسَّمتَ؟
قالَ : نَعَم ، عَجِبتُ لِمَلَكَينِ هَبَطا مِنَ السَّماءِ إلَى الأَرضِ يَلتَمِسانِ عَبداً مُؤمِناً صالِحاً في مُصَلّىً كانَ يُصَلّي فيهِ لِيَكتُبا لَهُ عَمَلَهُ في يَومِهِ ولَيلَتِهِ فَلَم يَجِداهُ في مُصَلّاهُ ، فَعَرَجا إلَى السَّماءِ فَقالا : رَبَّنا عَبدُكَ المُؤمِنُ فُلانٌ التَمَسناهُ في مُصَلّاهُ لِنَكتُبَ لَهُ عَمَلَهُ لِيَومِهِ ولَيلَتِهِ فَلَم نُصِبهُ ، فَوَجَدناهُ في حِبالِكَ؟ !
فَقالَ اللّه ُ عز و جل : اُكتُبا لِعَبدي مِثلَ ما كانَ يَعمَلُهُ في صِحَّتِهِ مِنَ الخَيرِ في يَومِهِ ولَيلَتِهِ مادامَ في حِبالي ، فَإِنَّ عَلَيَّ أن أكتُبَ لَهُ أجرَ ما كانَ يَعمَلُهُ في صِحَّتِهِ إذا حَبَستُهُ عَنهُ . ۳

1.سنن الدارمي : ج ۲ ص ۷۷۲ ح ۲۶۶۸ عن عبداللّه بن عمرو.

2.ثواب الأعمال : ص ۲۳۰ ح ۱ عن إبراهيم بن عبدالحميد عن الإمام الكاظم عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۸۱ ص ۱۸۴ ح ۳۵.

3.الكافي : ج ۳ ص ۱۱۳ ح ۱ عن عبداللّه بن سنان ، بحار الأنوار : ج ۲۲ ص ۸۳ ح ۳۲؛ مسند الطيالسي : ص ۴۶ ح ۳۴۶ عن عبداللّه بن مسعود نحوه .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج7
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 335571
الصفحه من 662
طباعه  ارسل الي