المدخل
إنّ رعاية القواعد الصحيّة فِي الأكل والشرب هي من أهمّ عوامل السلامة والصحّة والنشاط وطول العمر ، فلو علم الناس القواعد الصحّية فيما يأكلون ، ومقدار ما يأكلون ، وكيف يأكلون ، وعملوا بما يعلمون ، فإنّ كثيرا من الأمراض سوف تزول عنهم ، وينعمون بلذّة الحياة وبهجتها.
إنّ القاعدة الاُولى في رعاية المعايير الصحّية هنا هي فهم الهدف من تناول الطعام في نظام الخليقة ، وكون ذلك الهدف من أجل أن يحيا الإنسان ، لا أن تكون الحياة وسيلة للأكل ، كما ورد في الحكمة المنسوبة للإمام عليّ عليه السلام :
لا تَطلُبِ الحَياةَ لِتَأكُلَ ، بَلِ اطلُبِ الأَكلَ لِتَحيا.۱
إنّ كثيرا من الناس ـ إن لم نقل أكثرهم ـ يضحُّون بسلامتهم وصحّتهم وحياتهم في سبيل بطونهم ، من هنا تراهم لا يسألون أنفسهم أبدا : لماذا يأكلون ؟ وكيف يأكلون ؟ وكم يأكلون ؟ فتراهم يتناولون ما لذّة طعمه أكثر ، وبمقدار ما تستوعبه شهيّتهم ، وبكلّ شكل متيسّر ؛ ولذلك يُبتلون بأنواع الأمراض ، كما يقول أمير المؤمنين عليّ عليه السلام :
مَن غَرَسَ في نَفسِهِ مَحَبَّةَ أنواعِ الطَّعامِ اجتَنى ثِمارَ فُنونِ الأَسقامِ.۲
إنّ تعاليم الإسلام في هذا المجال في غاية الأهمّية ، وتعتبر من المعاجز العلميّة لأئمّة الدين ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار عصر صدورها . وهنا نؤكّد مسألتين :
1 . إنّ تعاليم الإسلام في الأكل لا تضمن سلامة الجسم فحسب ، بل تضمن صحّة الجسم والروح معا.
2 . لمّا كان العلم قاصرا عن الإحاطة بكلّ أسرار الوجود ، فقد تكون حكمة بعض تعاليم الإسلام مجهولة لدى العلم اليوم ، ولكنّ هذا لا يعني أبدا أنّ تلك التعاليم ليس وراءها دليل ، فحكمة بعض أحكام الإسلام كانت مجهولة من قبل واكتشف العلم أسرارها اليوم . ونحن هنا نشير باختصار إلى تلك التعاليم :