7
علوم الحديث 14

بعدت عنهم ـ فإنّ شظاياها سوف تصيبهم ، وأنّ دخانها سوف يدخل في أعينهم ، ونحن نجد ـ اليومَ ـ ما يعانون مع الشعب العراقيّ كلّه ، جرّاء تلك التهاونات والاستهانات بالدماء التي أريقتْ ظلماً ، والأعراض التي انتُهكتْ عدواناً ، والأموال التي بُذّرتْ وأُتلفتْ سفهاً .
وهم ـ اليوم ـ يستقبلون الغُزاة بالسلم والسلام ، فلم يجد الإمريكان والإنگليز أدنى مقاومة في مناطقهم ، فدخلوا بغداد بكلّ أمان ، بينما المقاومة ركّزتْ في الجنوب ، من أدناه إلى أقصاه .
والهدف أوّلاً: تحطيم مقوّمات الحياة ، وإبادة الشعب ، بقصف الغزاة هناك ، وبقاء المدن والبلدان الشماليّة والغربيّة سالمةً من دمار الحرب .
وثانياً: تقديم الوِلاء للغزاة ، وتعريف الجنوب بالعداء والمقاومة لهم ، معيدين بذلك تاريخهم الأسود ، الذي سجّل لهم يومَ دخول الإنگليز إلى العراق ، في ثورة العشرين قبل قرن 1920م ، حيث لم يقف في صدورهم غير الشيعة بعلمائهم وعشائرهم ، رجالاً ونساءً ، حتى إذا وصلوا بغداد فتح القوم لهم أبوابها مشرعةً ، واستقبلوهم برحابة صدر ، وكان جزاؤهم أن سلّموهم حكم العراق طوال قرن كامل ، فأرادوا أن يُعيدوا الكرّة ، ويمثّلوا نفس الدور مرّةً أخرى ، لكنّ اليوم ليس هو الأمس ، إنّ الغزاة «اعتبروا» من «العِبَر» التي حصلتْ طوال القرن الماضي ، وفي هذا القرن الحاضر ، ابتداءاً بثورة الإمام الخمينيّ ، ومروراً بما جرى في أفغانستان والعراق ، وما يجري على البقعة الإسلاميّة اليوم .
فبالرغم من الدعايات الكاذبة والمضلّلة ضدّ الشيعة والتشيّع ، والأكاذيب المكدّسة والاتّهام بالإرهاب ; فلقد اتّضح للعالم ـ اليومَ ـ براءء الشيعة من كلّ ذلك الزور ، فالإرهابيّون هم أعداء الشيعة والتشيّع ، الذين طغوا في البلاد ، وأكثروا فيها الفساد ، فصبّ عليهم ربّهم سوط عذاب الأسياد . وإنّ في ذلك لعِبْرةً ، فهلْ من مُعْتَبِر؟!


علوم الحديث 14
6

معلَن ، وتجاوز واعتداء صارخ ، فسلّم طاغية بغداد لهم البلاد بيدين سخيّتين ، بكلّ سلام وهدوء ; فدخلوا العراق ، ولم يجدوا في شمالها ، ولافي غربها ـ وهي المناطق التي يقطنها طائفة الطاغية ، وعشائرهم ـ أيّة مقاومة ، وبعد أن أبادت القوى الغازية البلاد الجنوبيّة التي تقطنها الأكثرية الشيعيّة ، فحطّمتها بمئات القذائف الضخمة الرهيبة ، فوصلوا إلى بغداد ليقدّمها لهم الطاغية وحزبه العميل غنيمةً باردةً ، فاحتلّوها بكلّ يسر وهناء .
كانتْ هذه الهزيمة للطاغية «عبرةً» أيضاً ، لكلّ الطُغاة ، والجُناة ، والخونة لأوطانهم ، ولشعوبهم ، ولدينهم ، كي يعتبروا أنّ الأسياد لايبقون أوفياء بالخونة ، بلْ ، سوف ينبذونهم وينفضونهم نَبْذَ الحُثالة والنوى ، بعد أن يستنفذوهم في كلّ خيانة ، وجناية ، وعمالة .
وهي «عبرةٌ» للذين أعانوا الطاغية الظالم على إجرامه ، وانتهاكاته للأعراف الدينيّة ، والعربيّة ، والإنسانيّة : بقتل الملايين من البشر ; بتبريرات طائفيّة ، زعماً بأنّه سوف يجعل العراقَ لمن يواليه فقط .
ولقد أخطأوا ، وأساؤوا لمّا وافقوا الطاغية ، وحتّى لمّا سكتوا عنه ; إذْ رأوا تهوّراته ، وتعدّياته ، وتجاوزاته ، وانتهاكاته ، وقتله لعلماء الشيعة ، وإهانته لمراجعهم ، وتصفيته للمفكرين ، والمثقفين ، والأدباء من شباب الشعب ، وتهجيره لطلاّب العلوم الدينيّة من المهاجرين الشيعة بكلّ قسوة وهمجيّة .
رأوا كلّ ذلك ولم ينبسوا ببنت شفة ، وكأنّ ما يجري لم يجرِ في وطنهم ، ولا أمام أعينهم ، ولا على بشر من حواليهم .
وهكذا ، لمّا وافقوه على شنّ الحرب الطائفيّة الظالمة على جارتهم ، بزعم أنّ الذين يَقتلون ، والذين يُقتلون ، كليهما من الشيعة ، وأنّ طائفة الطاغية سوف تسلم .
وقد أثبتت الأحداث الخطأ في تقديراتهم وحساباتهم ، حيث أنّ النارـ مهما

  • نام منبع :
    علوم الحديث 14
عدد المشاهدين : 27039
الصفحه من 253
طباعه  ارسل الي