13
علوم الحديث 16

بالعلم إلاّ من خلال عموميّات من قبيل التاريخ والفقه والحديث، وإلاّ بالزيّ والبزّة واللحية، وليسوا بمستوى البحث العلميّ والنقاش في المسائل التخصّصيّة .
فكيف يحضر على الشاشة العالميّة ليمثّل المذهب !؟ أويتصدّر باسم أهله من لم يأخذ من علمه بنصيب ؟ .
إنّ قيام هؤلاء بمثل هذا العمل ـ الذي لا ينتفع منه مشاهدوه ـ إنّما هو لأغراض مبيّتة من قبل :
منها : الإعلان عن وجود الشقاق والفُرقة بين المسلمين، لأنّ تلك الحوارات تجرّ ـ كما حصل في كثير منها ـ إلى الكشف عن مساوئ الأطراف، فمثلا يُعلن فيها عن مساوئ الخلفاء الذين يقدّسهم السلفيّ من العامّة، وكذلك يؤدّي الجدال إلى التعدّي على كرامة الأئمّة المعصومين من آل محمّد (عليهم السلام) الذين يوالونهم الشيعة، وبالتالي يتبرّأ المتحاورون بعضهم عن بعض .
وبما أنّ هذا يحصل على الساحة العالميّة وشاشة القناة الفضائيّة المفتوحة على العالم، فإنّ ذلك يؤدّي إلى إشاعة التنافر بين أتباع المذهبين، وإشاعة العداوة والبغضاء والتنازع بين الأُمّة، فتذهب ريحُها وقوّتهُا وشوكتُها وهيبتُها، أمام أعدائهم من اليهود والنصارى والملحدين والعلمانيين، الذين يترصّدون لأُمّة الإسلام، ويكشّرون الأنياب للقضاء على دينهم ودُنياهم .
وهذا هو الذي حصل ـ فعلا ـ نتيجة لتلك المناقشات على قناة «المستقلّة» وعلى ساحات النقاش الانترنيتية منذ سنوات عجاف، حيث مهّدت للأمريكان وحلفائهم أن تغزو أفغانستان الإسلاميّة، ويهتكوا أعراض المسلمين، ويهلكوا الحرث والنسل .
ويقف المسلمون متفرّجين !
وأن تهاجم الحركات الإسلاميّة والمنظّمات والمؤسّسات التابعة للمسلمين في كلّ أنحاء أوروبا وأمريكا، وتصادر أموالهم باسم «الإرهاب» .


علوم الحديث 16
12

من دون أن يرتبطوا بالمتون، ولا أن يطّلعوا على فقه الحديث، وحتّى مع البعد عن لغته وذوقه .
فغاية ما يلوكه أحدهم هو أقوال منقولة عن رجال من أصحاب الجلود المنفوخة، والذين لم يتّصلوا بهم بالأسانيد ولا الطرق، وإنّما وجدوا أقوالهم مبثوثةً في الكتب والمؤلّفات، مع عدم التأكّد من ضبطها، ولا تمييز صحيحها من سقيمها، ولا تصحيح نسبتها ولا نسختها، ولا ملاحظة معارضاتها أو مناقضاتها .
ولكنّهم يكرّرونها، وكأنّها حقائق واقعة، وأحكام ثابتة، لا ريب فيها، يكيلونها على رواة الحديث الشريف، فيُهلكون رجال الحديث، وينسفون أبنية العلم، ويهدمون قواعده .
ومن المؤسف أنّ هؤلاء المتنطّعين على موائد العلم، قد تصدّوا لإبراز عضلاتهم أمام الرأي العامّ، فظهروا على قنوات فضائيّة، يعرضون ما يحفظون من العبارات ـ من دون إدراك لمغزاها ولا فهم لأبعادها،ولا ملاحظة للجوانب والعواقب، ويتناقلونها مفتخرين، ويبنون على ظواهرها اللغوية، دون مغازيها المصطلحة .
مع أنّ مثل هذه المعارف لها دلالات اصطلح عليها أهلها، غير ما تدلّ عليها عبارتها اللغوية وألفاظها الظاهرة، ولا يعرفها إلاّ ذوو التخصّص من علماء الرجال و الحديث، ولا يدركها من ليس له درس، وتحقيق، وبحث علميّ فيها، ومداولة لأقوال العلماء عنها، وقدرة على تطبيقها .
والأغرب أنّ المتحاورين على تلك الفضائيّات، ومثل ذلك على ساحات النقاش على الانترنيت، من كافّة المذاهب، ليسوا على المستوى اللائق بالمحاورة، من حيث التخصّص العلمي، وفي خصوص علوم الحديث، وبالأخصّ علم الرجال .
وإنّما هم منتمون إلى مذاهب معيّنة، وهم أحداث في طلب العلم، لم يرتبطوا

  • نام منبع :
    علوم الحديث 16
عدد المشاهدين : 24441
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي