7
علوم الحديث 16

مِنْكَ تَصْدِيقَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُمْ، وَ رَأَيْتُ فِي أَيْدِي النَّاسِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَ مِنَ الأَحَادِيثِ، عَنْ نَبِيِّ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أَنْتُمْ تُخَالِفُونَهُمْ فِيهَا، وَ تَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بَاطِلٌ .
أَ فَتَرَى النَّاسَ يَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) مُتَعَمِّدِينَ ؟ وَ يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بآرَائِهِمْ؟!
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ; فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ .
إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَ بَاطِلاً، وَ صِدْقاً وَ كَذِباً، وَ نَاسِخاً وَ مَنْسُوخاً، وَ عَامّاً وَخَاصّاً، وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً، وَحِفْظاً وَوَهَماً .
وَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) عَلَى عَهْدِهِ; حَتَّى قَامَ خَطِيباً فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
ثُمَّ كُذِبَ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ .
وَ إِنَّمَا أَتَاكُمُ الْحَدِيثُ مِنْ أَرْبَعَة، لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ:
1. رَجُل مُنَافِق، يُظْهِرُ الإِيمَانَ، مُتَصَنِّع بِالإِسْلامِ، لا يَتَأَثَّمُ وَ لا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) مُتَعَمِّداً .
فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَذَّابٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، وَ لَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَ لَكِنَّهُمْ قَالُوا: «هَذَا قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وَ رَآهُ وَ سَمِعَ مِنْهُ» وَ أَخَذُوا عَنْهُ وَ هُمْ لا يَعْرِفُونَ حَالَهُ .
وَ قَدْ أَخْبَرَهُ اللهِ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِمَا أَخْبَرَهُ، وَ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ :  وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ .
ثُمَّ بَقُوا بَعْدَهُ، فَتَقَرَّبُوا إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلالَةِ، وَ الدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ، بِالزُّورِ وَ الْكَذِبِ وَ الْبُهْتَانِ، فَوَلَّوْهُمُ الأَعْمَالَ، وَ حَمَلُوهُمْ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَ أَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا .
وَإِنَّمَا النَّاسُ مَعَ الْمُلُوكِ وَ الدُّنْيَا، إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللهِ .


علوم الحديث 16
6

وكذلك الأئمّة(عليهم السلام) وصحابتهم .
وحديث الرسول ابتُلي في عصره بالكذابة عليه، حتّى تصدّى لهم فقال: « . . . حدّثوا عنّي ، ولا تكذبوا عليَّ» ۱  .
وفي هذا تحذيرٌ عن رواية الكاذبين، وهم الذين أمر القرآن الكريم بالتثبّت من أخبارهم في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا۲ وتبيُّنُ الأمر هو التثبُّتُ من صحّة الخبر الذي جاء به الفاسق، والكاذب من أظهر مصاديق الفاسق في ما يتعلّق بالأخبار والروايات .
ولعلّ الآية الكريمة، والحديث الشريف المذكور، كانا كافيين لردع الكذبة والفسقة من التجرُّؤ على أن يجيئوا ـ بعدهما ـ بالكذب من الحديث الشريف، إلاّ أنّ المنافقين نبغوا وبرزوا على الساحة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وبدأوا بثّ الأحاديث الكاذبة .
ولكنّ حماة الدين من الصحابة الصادقين تصدّوا لهم، وفي مقدّمتهم أمير المؤمنين وسيّد المسلمين عليُّ بن أبي طالب (عليهم السلام) .
فهو أوّل من فصَّل أنواع الناقلين للحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكشف الخالص منهم عن الزائف، في الحديث الذي رواه الإمام أبو جعفر الكليني في الكافي الشريف، قال :
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاش، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْس الْهِلالِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ سَلْمَانَ، وَ الْمِقْدَادِ، وَ أَبِي ذَرّ، شَيْئاً مِنْتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَ أَحَادِيثَ، عَنْ نَبِيِّ اللهِ (صلى الله عليه وآله) غَيْرَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، ثُمَّ سَمِعْتُ

1.الرسالة للشافعيّ (ص۳۹۸) .

2.الحجرات (۴۹ / الآية ۶) .

  • نام منبع :
    علوم الحديث 16
عدد المشاهدين : 24496
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي