9
علوم الحديث 16

حَتَّى يَسْمَعُوا .
وَ قَدْ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كُلَّ يَوْم دَخْلَةً، وَ كُلَّ لَيْلَة دَخْلَةً، فَيُخَلِّينِي فِيهَا; أَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ .
وَ قَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ ذَلِكَ بِأَحَد مِنَ النَّاسِ غَيْرِي .
فَرُبَّمَا كَانَ فِي بَيْتِي يَأْتِينِي رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أَكْثَرُ ذَلِكَ فِي بَيْتِي .
وَ كُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ مَنَازِلِهِ أَخْلانِي وَ أَقَامَ عَنِّي نِسَاءَهُ فَلا يَبْقَى عِنْدَهُ غَيْرِي، وَ إِذَا أَتَانِي لِلْخَلْوَةِ مَعِي فِي مَنْزِلِي لَمْ تَقُمْ عَنِّي فَاطِمَةُ وَ لا أَحَدٌ مِنْ بَنِيَّ .
وَ كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُهُ أَجَابَنِي، وَ إِذَا سَكَتُّ عَنْهُ وَ فَنِيَتْ مَسَائِلِي ابْتَدَأَنِي .
فَمَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ أَقْرَأَنِيهَا وَ أَمْلاهَا عَلَيَّ، فَكَتَبْتُهَا بِخَطِّي، وَ عَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا وَ تَفْسِيرَهَا وَ نَاسِخَهَا وَ مَنْسُوخَهَا وَ مُحْكَمَهَا وَ مُتَشَابِهَهَا وَ خَاصَّهَا وَ عَامَّهَا، وَ دَعَا اللهِ أَنْ يُعْطِيَنِي فَهْمَهَا وَ حِفْظَهَا; فَمَا نَسِيتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَ لا عِلْماً أَمْلاهُ عَلَيَّ، وَ كَتَبْتُهُ مُنْذُ دَعَا اللهِ لِي بِمَا دَعَا .
وَ مَا تَرَكَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللهِ مِنْ حَلال وَ لا حَرَام وَ لا أَمْر وَ لا نَهْي كَانَ أَوْ يَكُونُ، وَ لا كِتَاب مُنْزَل عَلَى أَحَد قَبْلَهُ مِنْ طَاعَة أَوْ مَعْصِيَة; إِلاَّ عَلَّمَنِيهِ وَ حَفِظْتُهُ، فَلَمْ أَنْسَ حَرْفاً وَاحِداً .
ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي وَ دَعَا اللهِ لِي أَنْ يَمْلأَ قَلْبِي عِلْماً وَ فَهْماً وَ حُكْماً وَنُوراً .
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، مُنْذُ دَعَوْتَ اللهِ لِي بِمَا دَعَوْتَ لَمْ أَنْسَ شَيْئاً، وَ لَمْ يَفُتْنِي شَيْءٌ لَمْ أَكْتُبْهُ، أَ فَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسْيَانَ فِيمَا بَعْدُ ؟
فَقَالَ: لا، لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ النِّسْيَانَ وَ الْجَهْلَ 1 .

1.الكافي (ج : ۱ ص : ۶۳ ـ ۶۴) بَابُ اخْتِلافِ الْحَدِيثِ (۱) .


علوم الحديث 16
8

فَهَذَا أَحَدُ الأَرْبَعَةِ .2. وَ رَجُل سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) شَيْئاً لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَ وَهِمَ فِيهِ، وَ لَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً; فَهُوَ فِي يَدِهِ يَقُولُ بِهِ وَ يَعْمَلُ بِهِ وَ يَرْوِيهِ، فَيَقُولُ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) .
فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ; لَمْ يَقْبَلُوهُ، وَ لَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ وَهِمَ لَرَفَضَهُ .
3. وَ رَجُل ثَالِث سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) شَيْئاً أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ وَ هُوَ لايَعْلَمُ، أَوْ سَمِعَهُ يَنْهَى عَنْ شَيْء، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَ هُوَ لا يَعْلَمُ، فَحَفِظَ مَنْسُوخَهُ وَ لَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ .
وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ، وَ لَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ ـ إِذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ ـ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ .
4. وَ آخَرَ رَابِع لَمْ يَكْذِبْ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) مُبْغِض لِلْكَذِبِ; خَوْفاً مِنَ اللهِ وَ تَعْظِيماً لِرَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) لَمْ يَنْسَهُ، بَلْ حَفِظَ مَا سَمِعَ عَلَى وَجْهِهِ; فَجَاءَ بِهِ كَمَا سَمِعَ، لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ، وَ عَلِمَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ; فَعَمِلَ بِالنَّاسِخِ وَ رَفَضَ الْمَنْسُوخَ .
فَإِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) مِثْلُ الْقُرْآنِ نَاسِخٌ وَ مَنْسُوخٌ، وَ خَاصٌّ وَ عَامٌّ، وَ مُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ، قَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) الْكَلامُ لَهُ وَجْهَانِ: كَلامٌ عَامٌّ وَ كَلَامٌ خَاصٌّ مِثْلُ الْقُرْآنِ .
وَقَالَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ : ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا  .
فَيَشْتَبِهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ وَ لَمْ يَدْرِ مَا عَنَى اللهِ بِهِ وَرَسُولُهُ(صلى الله عليه وآله) .
وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَفْهَمُ، وَ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُهُ وَ لا يَسْتَفْهِمُهُ .
حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الأَعْرَابِيُّ وَ الطَّارِئُ فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله)

  • نام منبع :
    علوم الحديث 16
عدد المشاهدين : 24472
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي