۰.لأنّ الذي يُؤدّي بغير علمٍ وبصيرةٍ ، لا يَدري ما يُؤدّي ، ولا يَدري إلى من يُؤدّي ،
قوله : (لأنّ الذي يُؤدِّي بغيرِ علمٍ وبصيرةٍ لا يَدْري ما يُؤدّي ، ولا يَدري إلى مَن يُؤدّي) أي لا يدري أيّ شيء يفعل بحيث يكون مراداً منه ، فإنّ فعله ـ الذي يخطر بباله أن يفعله ـ لا يترجّح على غيره إلاّ بترجيح رأيه واستحسانه ونحوه ، وذلك لا يقتضي كونه الذي ينبغي أن يؤدّى ، بل ربما كان المراد منه غيره ؛ من حيث خفاء وجه كثير من الأحكام عن العقول .
ولهذا اُمرنا بمخالفة ما وافَقَ العامّة ؛ حيث إنّ فعلهم مستندٌ إلى رأيهم ۱ ، وما هذا حكمه فالرشاد في مخالفته ، ومخالفته تدلّ على أنّ ما يكون عن الرأي غير حكم اللّه تعالى ، وإن اتّفق موافقته فهو غيره ؛ من حيث إنّه غير مأخوذ عن أهل حكم اللّه ، فلا يكون حكماً للّه من حيث إنّه حكم اللّه .
والأمر بالمخالفة قد يدلّ على أنّه لا يكون حكم اللّه مع وجود ما يخالفه ، وأنّه لا يكون حينئذٍ موافقاً أصلاً ، وكذلك لا يدري إلى مَن يؤدّي ؛ لأنّ الذي يجب أن يؤدّى له هو اللّه تعالى ، وينبغي أن يؤدّى له ما يقبله ويأمر به ، وإذا لم يعلم ذلك على وجهه لا يدري أنّ هذا للّه فيؤدّيه إليه ، أو لغيره فيؤدّيه له ، فيتحيّر في ذلك .