113
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وقال عليه السلام : «من لم يعرفْ أمرَنا من القرآن ، لم يتنكّب الفتن» .
ولهذه العلّة انبثقت على أهل دهرنا بُثُوقُ هذه الأديان الفاسدة ، والمذاهب المستشنعة ،

قوله : (وقال عليه السلام : «مَن لَمْ يَعرِفْ أمرَنا من القرآنِ لم يَتَنَكَّبِ الفِتَنَ») .۱
«التنكّب» التجنّب ، ومعرفة أمرهم عليهم السلام بأنّهم حجج اللّه وأئمّة الهدى ، وبهم كمال الدين وتمام النعمة ، وأنّهم اُولوا الأمر ، ونحو ذلك ممّا يعلم من الآيات التي نزلت في شأنهم ودلّت على إمامتهم ، ولعلمهم بكلّ ما في القرآن .
قوله : (ولهذه العلّةِ انْبَثَقَتْ على أهلِ دَهْرِنا بُثوقُ هذه الأديانِ الفاسِدَةِ ، والمَذاهِبِالمُسْتَشْنِعَةِ) . أي ولكون العلم والدين لم يؤخذا من معدنهما ، ولكون الدخول في الإيمان من غير بابه الذي أمر اللّه بالدخول منه ، ولكون الدين أخذه من غير الكتاب والسنّة ونحو ذلك ممّا تقدّم ، انبثقت ، أي انفجرت هذه الأديان الفاسدة والمذاهب المستشنعة ؛ فإنّ أصلها اتّباع الآراء والاستحسان والتقليد ونحو ذلك ، وإلاّ فلو اُخذ الدين من معدنه كانَ واحداً لا تغيّر فيه ، ولا تبدّل في الاُصول والعقائد ، وكانت الفروع متلقّاة من أهلها من غير محاشاة ولا تقيّة .

1.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۱۶ ، باب التثبّت من كتاب مصابيح الظلم ، ح ۱۰۴ ، وفيه : «من لم يعرف الحقّ» بدل «من يعرف أمرنا» ؛ تفسير العيّاشي ، ج ۱ ، ص ۱۳ ، ح ۱ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
112

۰.وقال عليه السلام : «من أخذ دينَه من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلوات اللّه عليه وآله، زالت الجبالُ قبلَ أن يزولَ ، ومن أخذ دينَه من أفواه الرجالِ ، رَدَّتْه الرجالُ» .

قوله عليه السلام : (مَن أخَذَ دينَه مِن كتابِ اللّه ِ وسُنّةِ نبيِّه صلوات اللّه عليه وآله ، زالَتِ الجِبالُ قبلَ أن يَزولَ ، ومَن أخَذَ دينَه مِن أفواه الرجال ، رَدَّتْهُ الرجالُ) . ۱
قوله عليه السلام : «زالت الجبال قبل أن يزول» نظير قوله تعالى : « لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ »۲ فهذا ونحوه ممّا قصد فيه إثبات شيء أو نفيه بتعليقه على المحال مبالغةً في ثبوته أو نفيه وعدم تبدّله أصلاً ، فإنّ زوال الجبال لمّا كان محالاً عادة مادامت الدنيا باقية ، كان زوالها على تقديره متقدّماً على زوال هذا الدين ، فهو أثبت منها وأمكن .
ومن أخذه من أفواه الرجال بحيث كان مصدره ومأخذه أفواه الرجال فقط ، من غير أن يكون له مصدر ومأخذ غيرها من كتاب أو سنّة ، فهذا يردّه ۳ الرجال ، إمّا هؤلاء أو غيرهم ، فإنّه صادر عن مجرّد الرأي والاستحسان ونحوهما ۴ ، وهذا يتغيّر ويتبدّل ، فما أخذه عن هذا ، يزيله عنه غير هذا أو هو في وقت آخر ، بل في وقت واحد ، فلا يكون دينه ثابتاً .
والظاهر إرادة اُصول الإيمان والعقائد من الحديثين ، وإذا أُخذت الاُصول من أهلها ـ الذين هم أدلّتها ـ تبعها غيرها .
ويحتمل أن يكون المراد أنّه يكون مرتدّاً عن دينه من الرجال الذين أخذ من أفواههم دينه ولو بكونه مولوداً على الفطرة .
ويحتمل أن يكون من التردّي ، وهو الهلاك الذي أصله الوقوع من جبل أو في بئر . ولعلّ هذا أنسب .

1.ورد نحوه عن الصادق عليه السلام في الغيبة ، للنعماني ، ص ۲۲ ، وفيه : «من دخل في هذا الدين بالرجال ، أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه ، ومن دخل فيه بالكتاب والسنّة ، زالت الجبال قبل أن يزول» ؛ وتصحيح الاعتقاد ، للمفيد ، ص ۷۲ ، فصل في النهي عن الجدال ، وفيه : «من أخذ دينه من أفواه الرجال ، أزالته الرجال ، ومن أخذ دينه من الكتاب والسنّة ، زالت الجبال ولم يزل» .

2.الأعراف (۷) : ۴۰ .

3.في «ألف ، ج » : «تردّه» .

4.في «د» : «غيرهما» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 108447
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي